حسب تقرير البنك الدولي، فإن المغرب يخلق ثروات غير مادية أكثر من الجزائر ومصر وتونس. هذه الثروة غير المادية قدرها البنك الدولي ب200 درهم لكل مواطن، وهو معدل أكبر بسبع مرات من المعدل الذي تتحدث عنه التقارير الوطنية حول حجم الثروة التي يخلقها كل مواطن بعد الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، فتح النقاش على مصراعيه حول الثروة غير المادية التي تحدث عنها الخطاب الملكي، وتعددت الاجتهادات للتعريف بهذا المفهوم الذي يتجاوز المؤشرات الاقتصادية الكلاسيكية، كنسبة النمو، والناتج الداخلي الخام..، هذه المؤشرات لم تعد كافية لقياس ثروة الدول، لهذا فقد قرر البنك الدولي أن يقوم بإضافة معايير جديدة لمعرفة قيمة الثروات التي يتوفر عليها كل بلد، ومن هنا جاء مفهوم الثروة غير المادية التي يعكف المغرب، حاليا، على دراستها. يعود أصل هذا المفهوم إلى دراسة بعنوان: «أين هي ثروة الدول خلال القرن 21»، والتي أشرف عليها لان جونسون، نائب المدير العام للتنمية المستدامة في البنك الدولي، وفرانسوا بوكينيو، نائب رئيس المدير العام للبنك الدولي، إلى جانب مؤسسة برتون وودز. كل هذه المؤسسات اشتغلت على سؤال واحد وهو «أين هي ثروة الشعوب»؛ وهو نفس السؤال الذي طرحه الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى 15 لاعتلائه العرش. سؤال يؤكد على أن ثروة الشعوب لا يمكن حسابها فقط بالأرقام ونسبة النمو؛ وإنما هناك عوامل أخرى لا تظهر في بيانات المحاسبة الوطنية لأي دولة. وقد أخذ البنك الدولي، في تقرير حول الثروة غير المادية للدول، مجموعة من المعايير، من بينها: تطور الاستقرار الاقتصادي والسياسي، إلى جانب مستوى الاختراعات والابتكارات في الدولة، والإبداع الفني والثقافي، والمحافظة على البيئة، ومستوى العيش والتعليم داخل كل بلد..، وهذه المعايير مجتمعة تحدد قيمة الثروة الحقيقية لكل بلد، حسب تقرير البنك الدولي. وبعد أن تم إدماج هذه المعايير الجديدة في لائحة المعايير التي على أساسها يتم ترتيب الدول الغنية في العالم، فإن المغرب أصبح في خانة البلدان الغنية على صعيد المغرب العربي، على الرغم من الموارد المالية المهمة التي تتوفر عليها الجارة الشرقية الجزائر. وحسب تقرير البنك الدولي، فإن المغرب يخلق ثروات غير مادية أكثر من الجزائر ومصر وتونس. هذه الثروة غير المادية قدرها البنك الدولي ب200 درهم لكل مواطن، وهو معدل أكبر بسبع مرات من المعدل الذي تتحدث عنه التقارير الوطنية حول حجم الثروة التي يخلقها كل مواطن، ذلك أن المحاسبة الوطنية تقدر حجم الثروة، التي يخلقها كل مواطن، في كونها لا تتجاوز 28 درهما، وتأتي مصر في المرتبة الثانية بعد المغرب بقيمة 180 درهم لكل مواطن، ثم الجزائر التي يخلق فيها كل مواطن ثروة لا تتعدى 150 درهما. وحسب تقرير البنك الدولي، فإن الرأسمال البشري وتقدمه على مستوى المؤسسات وطبيعة الخدمات التي يقومون بها هي «أفضل من دول الجوار»، كما وضع التقرير المغرب في مصاف الدول التي لها اقتصاد ناجع، ذلك أن مستوى اندماج الثروة غير المادية في الاقتصاد الوطني يبلغ نسبة 78 في المائة، في حين أن اقتصاد الدول المتقدمة تتراوح فيها نسبة اندماج الثروة غير المادية بين 66 و80 في المائة. وحسب هذا المؤشر، فإن المغرب يتقدم على مصر التي حققت نسبة67 في المائة، وتونس بلغت نسبة 72 في المائة. وكشف التقرير، الذي تحدث عن الثروة غير المادية للشعوب، على أن الثروة العامة للمغرب بالدولار قد تطورت ما بين سنة 2000 و2013 بنسبة 75 في المائة؛ أي بمعدل تطور سنوي بلغ 4.4 في المائة، أما فيما يخص الثروة غير المادية فقد تطورت خلال نفس الفترة بنسبة 82 في المائة؛ أي بمعدل تطور سنوي قيمته 4.7 في المائة، كما أن مساهمة الثروة غير المادية في مجموع الثروة الوطنية للمغرب قد تطورت من 72.8 في المائة سنة 2000 إلى 75.7 في المائة سنة 2013، حسب التقييم الجديد للبنك الدولي لثروة الدول، هذا المعدل جعل المغرب أن يكون ضمن مصاف الدول المتقدمة في مجال الثروة غير المادية.