منعت هيئة المراقبة الدولية بألمانيا الفيلم المغربي «أندرومان.. من دم وفحم» من العبور إلى إيران للمشاركة في مسابقة رسمية في مهرجان الفجر السينمائي، إذ صنفته في خانة المحظورات على إيران، وهو ما اعتبره المخرج، في تصريح ل«أخبار اليوم»، حجرا غير مبرر على الإبداع الفني وعلى حقه في أن يجوب العالم بكل حرية، مؤكدا أنه سيبحث عن وسائل جديدة لتمكين المهرجان الإيراني من عرض فيلمه في فبراير القادم. عز العرب العلوي الذي لن يحضر مهرجان إيران لتزامنه مع المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، علق على الحظر سالف الذكر بتساؤله: «هل تعدى فيلمي كونه عملا إبداعيا ليشمل مكونات لصنع قنبلة نووية حتى يُمنع من دخول إيران؟»، مبديا استغرابه للحصار الثقافي والفني المفروض على إيران، والذي يراه أمرا جديدا، لم يكن متوقعا. من جانبه، تأسف مدير المهرجان السينمائي الإيراني المعني، حيدر رحيمي، في اتصال له مع المخرج عز العرب، لكون الحصار الذي تفرضه مجموعة من الدول على إيران وصل حتى إلى السينما. وفي تفاصيل الموضوع، يروي المخرج عز العرب العلوي في هذا السياق أنه «على الساعة الثالثة، (ويقصد بعد زوال الاثنين الماضي) زارني ممثل DHL في محل الإقامة، ومنحني بَعيثة ظننتها هدية رأس السنة.. شكرته فذهب… قرأت ما كتب فوقها فلم أفهم مصدرها، ولما فتحتها وجدت رسالة بداخلها بلغة أجنبية وكذا نسخة من فيلم «أندرومان.. من دم وفحم»… فوجئت بما رأيت، ولما استفسرت عبر الهاتف ممثلا عن شركة الإرسال DHL طلب مني منحه ساعة قبل الرد، للاستفسار عن سر رجوع بعيثة أرسلت إلى مهرجان فجر الإيراني في إطار مشاركة رسمية.. ولما انقضت الساعة اتصل بي وأخبرني بأن هيئة المراقبة الدولية ارتأت رفض البعيثة لأنها صنفت من بين المحظورات التي يمنع دخولها إلى إيران، وأن الأمر خارج عن إرادتهم.. فقلت له إنه فيلم مغربي لا أكثر ولا أقل، فقال لي إنهم يعلمون ذلك… ولما رقنت رقم إرسال البعيثة وجدت بالفعل أنه قد تم رفضها في ألمانيا وتم إرجاعها إلى المغرب». ويضيف المخرج: «هكذا أصبحت أدرك جيدا أن من شاهد فيلم «أندرومان» سيصبح بإمكانه يوما ما صنع قنبلة نووية وقودها الإبداع ومفاعلها حرية الإبداع». ويحكي فيلم «أندرومان»، الذي توج بجوائز مختلفة في مهرجانات وطنية ودولية، والذي يشخص فيه دور البطولة كل من الفنان محمد خيي، المكرم مؤخرا في مهرجان مراكش السينمائي الدولي، والممثلة جليلة التلمسي، قصة أندرومان، وهي شجرة أمازيغية في غابات الأطلس النائية، حملت اسمها بطلة الفيلم الفتاة الضحية في قرية تطغى فيها الذكورة، ويتداخل فيها الأسطوري بالواقعي، الزمني باللازمني. الفيلم نشيد حرية وصرخة ألم للمرأة المضطهدة في فضاء اجتماعي يسود فيه العرف السلطوي الذكوري حتى على حساب حكم الشريعة العادل. ففي قرية أمازيغية خارج حركة العصرنة والتمدن، يتوارث الأهالي حق استغلال أراض مشتركة من لدن الذكور. الأب العنيف «أوشن» يرزق بطفلة، فيرفض القبول بالأمر الواقع، فيجبر المولودة على العيش في ثوب ذكر كي تضمن «أندرومان» حق العائلة في الأرض، وكي تؤمن ديمومة الحرفة العائلية القاسية لبيع خشب الغابة عبر الأجيال. «أندرومان» دور تقمص حكاية حياة مزدوجة بين حميمية أنثوية داخلية حزينة ومظهر ذكوري اجتماعي إجباري، لبست تفاصيله وبرعت في أدائها في هذا الفيلم الممثلة المغربية الشابة جليلة التلمسي، التي استحقت عن الدور جائزة أحسن ممثلة في مهرجان طنجة للفيلم المغربي والجائزة ذاتها في مهرجان الإسكندرية الدولي بمصر.