ففى إبريل الماضى، كان «بن كيران» قد التقى فى الرباط مع عدد من الصحفيين المصريين والعرب، وكان المفترض أن أكون بينهم، لولا ظروف منعتنى، وما أذكره جيداً أنه قال أثناء اللقاء عبارة لا يمكن لمن يقرؤها فى ظروفها قبل ستة أشهر، ثم فى ظروفنا اليوم، أن ينساها.. قال يومها إنه، باعتباره رئيساً لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم هناك، قد جاء إلى السلطة ليحل مشاكل الناس لا ليفرض عليهم رؤيته للإسلام! ومعروف بطبيعة الحال أن «العدالة والتنمية» فى المغرب كان إلى يوم 30 يونيو الماضى، أى إلى يوم عزل «مرسى» على يد 33 مليون مصرى، يشبه حزب «الحرية والعدالة» الذى كان مرسى رئيساً له، قبل أن يصبح رئيساً للدولة. يومها، أقصد يوم أن قال «بن كيران» عبارته تلك، كتبت عنها فى هذا المكان، وأهديتها إلى «الإخوان» راجياً منهم، وقد كانوا فى الحكم حينئذ، أن يتعلموا من رئيس وزراء المغرب شيئاً، وأن يستفيدوا من أسلوبه وتفكيره، وأن ينشغلوا بحل مشاكل المصريين بدلاً من أن يحاولوا فرض رؤيتهم للإسلام علينا، لكننا فيما بدا، طوال عام حكموا فيه، كنا نخاطب جماعة قررت منذ جاءت إلى الحكم، أن تفرض رؤيتها الخاصة للدين العظيم على الشعب كله، بدلاً من أن تفعل العكس، على طريقة «بن كيران»، بما أدى فى النهاية إلى أن يثور عليهم المصريون، وأن يسقطوهم فى أربعة أيام! صباح أمس الأول، نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية حواراً مع الرجل، أجراه زميلنا حاتم البطيوى، وفيه قال إن السياسى الذى لا يكون عملياً ولا ليناً إنما هو سياسى فاشل بامتياز. ولا أنكر أنى حين قرأت هذه العبارة شعرت، لسبب ما، ومنذ الوهلة الأولى، وكأنه يخاطب بها «مرسى» بشكل خاص ثم رفاق «مرسى» فى الجماعة بشكل عام. ذلك أنه إذا كان هناك شىء قد غاب عن «مرسى» مرة، وعن رفاقه هؤلاء مرات، منذ أن اشتعلت ثورة 30 يونيو فى وجوههم، فهذا الشىء هو أنهم كانوا، ولايزالون، غير عمليين فى التعامل مع الواقع الذى قام منذ تلك اللحظة، كما أنهم لا يعرفون اللين أو المرونة فى أى موقف يصادفهم. عرف «بن كيران» كيف يمكنه أن يكون عملياً، وليناً، ومرناً فى السياسة، فبقى فى الحكم نحو عامين، إلى الآن، وسوف يبقى، ولم يعرف الإخوان ما عرفه هو، ولا يريدون، ففقدوا كل شىء!