فقد كشفت أشغال المجلس الوطني للحزب الذي عقد، أول أمس السبت، عن موجة من الغضب العارم تجتاح أعضاءه تعود إلى ما وصفوه بسوء تدبير قادة الحزب للمرحلة وتهميشهم للجيل الأول. ووصلت قمة عدم الرضا حينما طالب بعض أعضاء برلمان الحزب إلى محاسبة أعضاء المكتب السياسي على ما سموه «ضعف أدائهم». أولى رسائل الحنين خرجت من لسان الشيخ بيد الله، الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي ذكر قادة اليوم بما قام به المؤسسون الأوائل الذين مهدوا لوصول الحزب إلى ما هو عليه الآن، داعيا إلى «عدم نسيان مناضلين كافحوا وصمدوا في أوقات عصيبة». رئيس مجلس المستشارين وجه رسائله كذلك إلى منتقدي مبادرة الحكم الذاتي في إشارة ضمنية للانتقادات التي كالها إلياس العمري الذي اعتبره «حلا بعيدا عن الواقع»، مؤكدا أن منتقدي هذا المخطط «لم يقرؤوه ولا يعرفون قيمته»، داعيا إلى «تفحص مضامينه والتمعن فيها». نبرة الحنين إلى العصر الذهبي ل»البام»، خيمت كذلك على كلمة الحبيب بلكوش، عضو المجلس الوطني وأحد مؤسسي الحزب، الذي دعا برلمانيي حزبه إلى استرجاع ما مر به الحزب من ظروف عصيبة و»كيف ساهمنا في تثبيت أركانه». وانتقد بلكوش هيمنة الأذرع البرلمانية للحزب والتي يقودها حكيم بنشماس وعبد اللطيف وهبي، معتبرا أن تقزيم المشروع السياسي للحزب في»جماعة أو فريق برلماني كانت له تأثيرات سلبية على مشروع قائم الذات ساهم فيه المؤسسون بشكل كبير». المنحى نفسه عبر عنه الطاهر شاكر، البرلماني عن الحزب بمجلس النواب، مشتكيا تعرضه لمختلف «أنواع التهميش» وصلت ذروتها إلى استبعاده من عضوية المكتب السياسي و»تضييق الخناق» عليه داخل الفريق البرلماني حيث خرج خاوي الوفاض من أي مسؤولية برلمانية، حسب تعبيره. مصطفى الباكوري، الأمين العام ل»الأصالة والمعاصرة»، تجنب الخوض في الانتقادات الضمنية لتدبيره لحزب الجرار، مفضلا إطلاق النار على حكومة عبدالإله بنكيران، التي كال لها تهما سياسية ثقيلة من شأنها أن تهدد البلاد بسبب تشجيعها على ما سماه «ولادة طفيليات خطيرة»، وحمّل الرجل الأول في حزب الجرار الحكومة «المسؤولية المعنوية الأولى» عن تنامي المد الإسلاموي المحافظ، الهادف حسب الباكوري إلى ممارسة نوع من الوصاية على الدين وعلى المتدينين، مضيفا أن هذا المد ناتج عن محاولة بعض التنظيمات والقوى السياسية المحافظة «احتكار الحديث» باسم الإسلام. اتهامات زعيم البام لحكومة البيجيدي تواصلت من خلال تحميل الحكومة مسؤولية «المساس بالخيارات» الكبرى للبلاد المتمثلة، في نظره، في مؤسساتها الدستورية، وبمشروعها الديمقراطي التنموي الذي يشكل تعاقدا تاريخيا ودستوريا لا رجعة فيه. ولكن الهجومات الأكثر قسوة على حكومة بنكيران، جاءت على لسان حكيم بنشماس، رئيس المجلس الوطني للأصالة، الذي اعتبر أن النسخة الثانية من الحكومة تعكس «البؤس المستشري» محملا إياها مسؤولية مظاهر إخفاق أوراش العمل الحكومي، بنشماس أكد أن الحكومة خيّبت آمال المغاربة في الإصلاح وكرست عودة التقنوقراط بما يتنافى وروح الدستور الجديد.