تحوّل عبد الإله ابن كيران إلى رئيس حكومة تكنوقراط بعد الكشف الرسمي عن اللائحة الجديدة لوزائه، حيث انتزع التكنوقراط أو من يوجدون في حكمهم ممن انسلخوا عن انتمائهم السياسي، الوزارات الحساسة والوازنة من تحت أقدام زملاهم المنتمين إلى الاحزاب المنتمية للأغلبية الحكومية السابقة. هكذا انتزع رئيس التجمع الوطني للاحرار، صلاح الدين مزوارن من الرجل الذي كان إلى عهد قريب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، وزارة الخارجية، واصطحب معه إليها التجمعية الصحراوية الشابة امباركة بوعيدة. الوالي السابق لمدينة طنجة ورجل ثقة الدوائر العليا في المملكة خاصة أنها استأمنته على ميناء طنجة المتوسطي؛ محمد حصاد، أصبح المتربع على عرش أكبر إدارة "سياسية" في المملكة، وهي وزارة الداخلية. هذا الاخير سيشرف على الاستحقاقات الانتخابية القادمة، بينما انتقل سلفه الأمين العام لحزب الحركة الشعبية امحند العنصر، ليزاحم الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، في وزارته خلال الحكومة السابقة، ويقتسمها معه، حيث احتفظ زعيم "الشيوعيين" بقطاع الإسكان، فيما نال العنصر قطاع التعمير وإعداد التراب. تكنوقراطي آخر دخل بقوة حكومة عبد الإله ابن كيران، هو الملياردير الشهير والرئيس السابق للاتحاد العام لمقاولات المغرب، مولاي حفيظ العلمي. الأخير سحب وزارة الصناعة والتجارة من تحت أقدام "الإسلامي" عبد القادر اعمارة. فيما عاد تكنوقراطي آخر إلى منصبه الحكومي بعدما غاب عنه 15 عاما، وهو رشيد بلمختار الذي تولى وزارة التربية الوطنية. تكنوقراطيان آخران أمسكا بمفاصل حساسة في الجسم الحكومي، هما كل من عزيز أخنوش ومحمد الوفا المنسلخين من انتمائهما السياسي. أخنوش احتفظ بوزارة الفلاحة والصيد البحري الاستراتيجية، وهو الذي استقال من حزب التجمع الوطني للأحرار بعيد انتخابات 25 نونبر 2011، فيما يعتبر الوفا نجم الحكومة الجديدة بامتياز، حيث تولى وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة التي كانت تجعل من نجيب بوليف الذراع القوي لعبد الإله ابن كيران، الوفا بقي وزيرا رغم أن حزبه استقال من الحكومة وانسحب منها بالكاملن أي حزب الاستقلال. الوزراء "السياسيون" والمنتمون إلى أحزاب أغلبية بنكيران السابقة، اكتشفوا اليوم بالقصر الملكي أن وزاراتهم خضعت لعملية تشديب وحمية قاسية، فوزارة عبد الواحد سهيل، "الشيوعي" الذي غادر الحكومة من بابها الضيق، فقدت قطاع التكوين المهني، وانتقلت إلى عبد السلام الصديقي. فيما ألحق هذا القطاع بوزارة التربية الوطنية وُمنح لعبد العظيم الكروج، أحد أكبر الخاسرين لكونه كان وزيرا للوظيفة العمومية، واضطر الآن لترك مقعده للحركي الجديد محمد مبديع. الكروج تعرّض لمصير شبيه لما وقع لبوليف، حيث إنهما معا أخرجا عمليا من الحكومة بطريقة غير معلنة، حيث سُحبت منهما قطاعات حساسة واستراتيجية، وتم إجلاسهما في هوامش وزارات أخرى. فبينما انتدب الكروج عند وزير التربية الوطنية مكلفا بالتكوين المهني، انتدب بوليف عند زميله في الحزب عزيز الرباح مكلفا بالنقل.