المقتنعون بظهور بوادر «الشيخوخة» على أم القنوات الفضائية العربية يعتبرون أن رياح الربيع العربي، ورغم ما حملته من بذور النمو والاكتساح في البداية، حملت أيضا جيلا جديدا من القنوات الإعلامية وجيلا جديدا من المشاهدين العرب، الباحثين عن طرق خاصة في تلقي الرأي والرأي الآخر، بعيدا عن الهيمنة شبه المطلقة التي بسطتها «علبة الكبريت» (كما وصفها الرئيس المصري السابق حسني مبارك) «القطرية» طيلة أكثر من عقد من الزمان. ومثلما كانت منطقة المغرب العربي ساحة الحرب الأساسية بين الجزيرة وباقي القنوات الفضائية العربية، فإن الأرقام المتسرّبة من دراسة أمريكية حول نسب مشاهدة القناة القطرية، تقول إن الجزء الأكبر من التراجع سُجّل في بلدان الربيع العربي، الشمال إفريقية. هل هي حقا بوادر الخريف التي ستُسقط أوراق شجرة اسمها شبكة «الجزيرة» ذات الفروع والأغصان المتمادية في الكبر؟ هل فعلا خسرت أكبر وأهم وأشهر قناة تلفزيونية إخبارية عرفها العرب منذ طلعت عليهم شمس التلفزيون غالبية مشاهديها؟ فبعبارة «انقلاب السحر على الساحر»، يلخّص البعض ما يقع حاليا لإحدى أكبر وأهم النوافذ التي دأب العرب على الإطلال من خلالها على العالم وعلى المناطق الخفية من بلدانهم. تفترض دراسة أمريكية لمكتب متخصص في قياس نسب المشاهدة، أن قناة الجزيرة تسجّل تراجعا قياسيا وغير مسبوق في نسب المشاهدة، والملايين من العرب ضغطوا على أزرار «الريموت كونترول»، بحثا عن الأخبار والترفيه والتثقيف عبر نوافذ أخرى.
بوادر التراجع الدراسة الأمريكية التي تناقلت الصحف والمجلات الأمريكية والبريطانية ما قيل إنه تسريبات من مضامينها، قدّرت عدد المشاهدين العرب الذين خسرتهم الجزيرة بنحو 37 مليون مشاهد، حيث قالت الدراسة إن 6 ملايين عربي فقط، باتوا يشاهدون القناة، مقابل حوالي 43 مليونا في السابق. والعنوان الأبرز الذي دفع به جلّ المتتبعين والعارفين بأسرار القناة، لتفسير هذا التراجع غير المسبوق، هو المهنية التي كانت سببا في النجاح الأسطوري لقناة تأسست منتصف التسعينيات من القرن الماضي. فبعد نهلها من المدرسة البريطانية وتجربة ال»بي بي سي» العريقة، واتخاذها المهنية في نقل الأخبار والموضوعية والحياد في عكس الآراء؛ يبدو أن كيفية تعاطي قناة «علبة الكبريت» مع الربيع العربي سبب انتكاستها واحتمال فقدانها عرش القنوات الفضائية العربية. كثيرون اعتبروا أن القناة اختارت دعم ربيع الثورات في دول عربية دون غيرها، مميزة بين دول الجمهوريات، مثل تونس ومصر وسوريا وليبيا؛ وبين نادي الملكيات التي استثنتها القناة من تغطيتها «التحريضية». «تصديق مثل هذه الأنباء يعني أن علينا أن نحزم حقائبنا ونبحث عن مهنة أخرى لأن المؤسسة التي تفقد 90 في المائة من زبنائها تُعلن الإفلاس ولا تستمر في الوجود»، يقول مصدر من داخل هيئة تحرير القناة القطرية الشهيرة. المصدر لم يكذّب وجود الدراسة، «بل الجميع يعلم أن أي قناة تحترم نفسها وتحرص على مكانتها في السوق ولدى المشاهدين، تقوم بإنجاز أو طلب إنجاز دراسات دورية حول نسب مشاهدتها»، يقول مصدر «أخبار اليوم»، موضحا أن ما يُتداول من أرقام ومعطيات هو ما يتطلّب التساؤل والتثبّت من صحته.
منافسون جدد واستقالات بالجملة المقتنعون بظهور بوادر «الشيخوخة» على أم القنوات الفضائية العربية يعتبرون أن رياح الربيع العربي، ورغم ما حملته من بذور النمو والاكتساح في البداية، حملت أيضا جيلا جديدا من القنوات الإعلامية وجيلا جديدا من المشاهدين العرب، الباحثين عن طرق خاصة في تلقي الرأي والرأي الآخر، بعيدا عن الهيمنة شبه المطلقة التي بسطتها «علبة الكبريت» (كما وصفها الرئيس المصري السابق حسني مبارك) القطرية طيلة أكثر من عقد من الزمان. ومثلما كانت منطقة المغرب العربي ساحة الحرب الأساسية بين الجزيرة وباقي القنوات الفضائية العربية، فإن الأرقام المتسرّبة من الدراسة الأمريكية حول نسب مشاهدة القناة القطرية، تقول أن الجزء الأكبر من التراجع سُجّل في بلدان الربيع العربي، الشمال إفريقية. فالأوضاع السياسية المضطربة في المنطقة العربية وما رافقها من «طفرة بترولية»، أفرز في السنوات الأخيرة تسابقا محموما للقنوات الفضائية العربية على المنطقة المغاربية والشمال إفريقية بشكل عام، وجاء ذلك متزامنا مع تدفق رؤوس الأموال الخليجية على المنطقة في استثمارات سياحية على وجه الخصوص. فشمال إفريقيا الذي كان بالنسبة إلى البعض واحة يقضون فيها أوقات فراغهم واستجمامهم ومطاردتهم لغزلان الفيافي، أصبح تربة خصبة لاستثماراتهم التي لم تغفل قطاع الإعلام. وبعد الضربات المتوالية التي تلقتها قناة «الجزيرة»، ابتداء من المغرب وانتهاء بتونس مرورا بالجزائر، جاءت ثورات الربيع العربي لتحمل مراسلي وكاميرات القناة إلى قلب الأحداث التاريخية. وشمل الأمر حتى ليبيا التي كانت قناة الإمارة الخليجية تتمتع فيها بوجود ميداني وإن كان محروسا من طرف عين الراحل معمر القذافي. أطقم القناة كانت ومنذ الشرارة الأولى لثورة الياسمين في تونس، تتقدّم محمولة على أكتاف الثوار، مسالمين كانوا أم مسلّحين. المؤيدون لفكرة وصول قناة «الجزيرة» إلى محطة التراجع، يقولون إن تساقط أوراق الخريف من شجرة «علبة الكبريت»، بدأ منذ أشهر طويلة، حيث توالت أنباء الاستقالات لمجموعة من أكبر صحافيي ومحققي ومذيعي القناة. ففي ظرف قياسي، قدّم مراسل «ّالجزيرة» في موسكو محمد حسن استقالته، وتبعه كل من مدير مكتب القناة في باريس زياد طروش، ومدير مكتب الرياض ماجد الحجيلان، ومراسليْ القناة في أفغانستان أبو بكر يونس، وولي الله شاهين. فيما فجّرت خمس من كبريات مذيعات القناة قنبلة استقالتهن شبه الجماعية، حيث تلقت إدارة القناة تباعا استقالات كل من جمانة نمور ولونا الشبل وجلنار موسى ولينا زهر الدين ونوفر عفلي. بالإضافة إلى استقالة كل من سامي كليب الذي كان ينتج برنامج «زيارة خاصة» وغسان بنجدو الذي كان يقدّم برنامج «حوار مفتوح»… فهل هي ضريبة الانغماس الفوري في بحر الثورات التي شهدتها المنطقة العربية؟ وهل هو «تحيّز» القناة لأطراف ضد أخرى خلال تلك الأحداث انقلب عليها بعد انقشاع الغيوم؟ «هذا السؤال يجب تجزيئه ومحاولة الإجابة عنه بتناول الدول العربية حالة بحالة، ذلك أن الجزيرة أبانت عن مستويات مختلفة في معالجة الأحداث التي سمّيت بالربيع العربي»، يقول الخبير المغربي في شؤون الإعلام يحيى اليحياوي. هذا الأخير قال إن الجانب الواضح والمؤكد في تعاطي الجزيرة من «الربيع العربي»، يتمثل في «تعاطفها الواضح والبيّن مع الانتفاضات، حيث غطّتها بالنقل الحي المباشر وكانت حاضرة في الميادين الكبرى للاحتجاج، وهو أمر عاد وطبيعي لأن القناة لا يمكنها أن تبحر ضد التيار إلا إذا كانت قناة رسمية لدولة ما». اختيار تحريري دافع عنه المدير العام السابق لشبكة الجزيرة، وضاح خنفر، خلال مشاركته في إحدى ندوات المعرض الدولي للنشر والكتاب الذي أقيم مؤخرا في الدارالبيضاء. ف»الجزيرة»، حسب خنفر، التزمت في طريقة عملها بمجموعة من المعايير والقيم، «أما القيم الكبرى والتي سميناها «روح الجزيرة»، فتمحورت حول تعريف أكدت عليه الجزيرة في فهم ذاتها لأنها كيان تأسس بشكل فريد، لم يكن بالضبط عبارة عن أداة رسمية، ولم يكن كذلك مستقلا ماليا لدرجة نقول معها إنها أداة تجارية كأية مؤسسة إعلامية في الغرب، وإنما كان في حالة فريدة، ولذلك عكفنا في العام 2004 على تعريف ذاتنا وخرجنا برسالة عمّمناها في 2004 على العالم في مؤتمر دولي عقد في الدوحة، وقال إن الجزيرة خدمة إعلامية عربية الانتماء عالمية التوجه شعارها الرأي والرأي الآخر، وهي منبر تعددي ينشد الحقيقة ويلتزم المهنية في إطار مؤسسي». تعريف ل»الجزيرة» يجعلها تقول إنها تقف إلى جانب الشعوب العربية في حق المعرفة والتحرر والديمقراطية، «لهذا أعتقد أننا انسجمنا مع ذاتنا حين كنا ندافع عن حقوق الشعوب العربية»، يضيف خنفر.
الرأي والرأي الآخر مجلة «دي إكونوميست» البريطانية، خصّصت بدورها حيّزا لتحليل ما اعتبر هبوطا مفاجئا في «شعبية» ونسب مشاهدة قناة «الجزيرة»، وخلصت إلى أن القناة فقدت جزءا كبيرا من مكانتها في المنطقة العربية بفعل ظهور قنوات قوية أخرى، «بالإضافة إلى أن دعمها المطلق للمقاتلين في ليبيا وسوريا، وانحيازها لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وفشلها في التغطية الموضوعية لانتفاضة الأغلبية الشيعية في البحرين دفع العديد من المشاهدين إلى التشكك في مصداقيتها». المجلة البريطانية قالت إن التراجع الأخير لهذه القناة «الظاهرة»، يأتي بعد مقاومة طويلة أبدتها في وجه عدد كبير من الحكومات والسياسيين. «فاتهمها كلٌّ من الزعيم الليبي معمر القذافي والنظام السوري بالوقوف وراء تأجيج الاحتجاجات المناهضة لهم. ومؤخرا تم وصفها على شبكة فوكس نيوز الأمريكية بأنها بوق الإرهاب المناهض للولايات المتحدة». عندما بدأت الجزيرة في عام 1996، يقول وضاح خنفر، كان سبعون من المحررين الرئيسيين فيها من ال»بي بي سي» البريطانية، «لكنها نجحت في نقل الحالة الإعلامية إلى مدرسة إعلامية عربية، مستندة على وعي عربي. ماذا يعني أن تكون الجزيرة مؤسسة عربية الانتماء؟ يعني أن الجزيرة مدركة للعمق الثقافي والانتماء العام إلى العقل الجمعي العربي في العالم العربي. فعندما غطينا الحرب على العراق، هل كانت تغطيتنا مشابهة لتغطية القنوات الغربية؟ أي الوقوف إلى جانب المحتل باعتبار أنه قادم لنشر الديمقراطية والتخلص من الدكتاتورية الصدامية، أم أننا وقفنا إلى جانب وعي عربي جمعي مشترك رافض لفكرة الاحتلال دون أن يكون رافضا لفكرة الحرية والديمقراطية». فيما اعتبر الباحث المغربي يحيى اليحياوي، أن الحالة التي ظهرت فيها «الجزيرة» كقناة «شاذة» في خطها التحريري، «هي الحالة السورية، حيث تماهت مع الموقف الرسمي القطري، وأصبحت ناقلة لما يقع داخل إقامة الأمير ومكاتب رئيس الحكومة ووزير الخارجية، فأصبحت القناة ناطقة باسم دولة قطر وهو ما جعلها على محك المهنية والمصداقية». ويضيف اليحياوي إلى «الكبوة» السورية في مسار القناة، ما قال إنه تحوّل في الوضع العام للإعلام العربي. «فسياق نشأة القناة أعطاها ما يشبه وضعية الاحتكار طيلة أزيد من عشر سنوات، لكن اليوم، هناك ظهور عدد من القنوات في دول عربية أخرى، مسّت مكانة «الجزيرة» قبل حدوث الانتفاضات. ومع انطلاق ما سمي الربيع العربي، تبيّن في الأخير أن «الجزيرة» اتخذت موقفا لدرجة التماهي مع موقف الدولة الممولة لها».
قنوات الفتنة مفارقة غريبة تلك التي توقّفت عندها «دي إيكونوميست» البريطانية، تتمثّل في كون مجتمعات ما بعد الربيع العربي، تدير ظهرها لقناة «الدوحة» في الوقت الذي تعتبر فيه هذه الأخيرة أحد أكثر المنابر دعما وتأييدا للحراك الشعبي الذي عرفته المنطقة، «فالثورات العربية أنتجت تحديا لهيمنة «الجزيرة»، لأن الجماهير الآن في بلدان مثل مصر والعراقوتونس تتحرك بسرعة وباقتدار أكثر تجاه تغطية الأحداث المحلية بواسطة قنوات وطنية مستقلة انتشرت بفضل مناخ سياسي أكثر تحررا، جنبا إلى جنب مع وسائل الإعلام الاجتماعية على الإنترنت». قبل أن تضع المجلة البريطانية الأصبع على أحد أهم مكامن الضعف الذي قد يكون آخذا في التسرب إلى أوصال القناة، ذلك أن «الأصوات المقموعة التي كانت ذات يوم تتحدث على الجزيرة بجرأة، لا سيما الإخوان المسلمون، يتحدثون الآن من مواقع السلطة». تحوّل الجزيرة من قناة للإسلاميين المعارضين، إلى منبر للإسلاميين الحاكمين، نتج عنه تعبير دولة مثل الإمارات العربية المتحدة، عبر عدد من أقلامها ومنابرها، عن تضايق واضح من «الجزيرة»، قد يكون أحد عوامل مبادرة الإمارات إلى إطلاق قناة «سكاي نيوز العربية». فيما تسرّب من داخل كواليس قناة الجزيرة الإنجليزية، احتجاج العاملين فيها شهر شتنبر الماضي، إثر مطالبتهم بتخصيص خطاب أمير قطر، الشيخ حمد آل ثاني، بالتغطية الكاملة خلال مشاركته في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة. فيما يمضي وضاح خنفر في دفاعه عن القناة التي كان مديرا لها، معتبرا أن الإعلام العربي الرسمي «الذي طبّع كثيرا من الناس على قبول الواقع كما هو، كأنه جميل، الواقع الرتيب النمطي الذي يبث على الشاشات يخالف قواعد الإعلام في العالم أجمع. لأن الخبر يركز على ما هو استثنائي وما هو طارئ وما هو جديد وفريد وربما طريف، وليس على ما هو رتيب ومستقر وثابت وساكن وغير متحرك، وعندما جاءت «الجزيرة» وفعلت ذلك كما تفعل كل المؤسسات الإعلامية العالمية، اتهمت بالإثارة والخروج عن النمط الموروث والذي كانت تديره أجهزة المخابرات العربية بدل أن يديره صحفيون مهنيون». من جانبه يحيى اليحياوي قال إن «الربيع العربي» أفرز ما سماه «تناسل قنوات الفتنة»، في إشارة إلى سيل من القنوات الطائفية والعرقية والمذهبية. «ففي العراق وليبيا ومصر وغيرها من الدول، ظهرت قنوات شيعية وأخرى سنية وثالثة كردية وأخرى قبطية… وهو ما يعبّر عن العشيرة والقبيلة والحزب ويزيد من تشظي الإعلام ومعه المجتمعات العربية».
شفط الشحوم اليوم، تحاول «علبة الكبريت» استعادة رشاقتها وقدرتها على اجتذاب المشاهدين العرب، وزاوجت إدارة القناة التي ارتبط اسمها بالعاصمة القطرية«الدوحة»، بين التطوير التحريري وبعض المستجدات التقنية التي سترفع من جودة الصورة في ما تبثه القناة، حيث ستلجأ إلى تقنية «HD»، أي الصورة عالية الجودة. وكشفت مصادر من داخل القناة عن وجود استعدادات لمواكبة هذا التغيير التقني في كيفية البث، بتعديلات في المضمون الذي تقدّمه «الجزيرة». اتجاه هذا التغيير حسب هذه المصادر يرمي إلى مواكبة التغيرات التي حصلت في رغبات الجمهور، حيث تراجع الاهتمام بالأحداث السياسية التي تعرفها المنطقة العربية، بعد خمود «ثورات» الربيع العربي ودخول دول المنطقة في مرحلة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. فبالإضافة إلى تقليص مدة بعض المواعيد الإخبارية التي تتسم بالطول والدسامة، من قبيل حذف نصف ساعة من نشرة منتصف اليوم، حيث باتت مدتها ساعة واحدة بدل ساعة ونصف. كما سيطال التقليص نشرة «الحصاد» المسائية، لتقتصر بدورها على ساعة واحدة، مع عودة نشرة الرياضة التي تم حذفها من شبكة برامج القناة مباشرة بعد اندلاع الربيع العربي. (بالإضافة إلى ذلك)، تعكف القناة داخل قاعات تحريرها المتعددة، على بعث روح جديدة في كيفية تقديم المضمون الإخباري الذي يشكل العمود الفقري لبرمجتها، حيث تحاول «علبة الكبريت» بث نفس جديد من الرشاقة والسلاسة في أسلوب التحرير والكتابة، تقربا من المشاهدين.
خريف قادم أم حرب استباقية؟ تكشف الكتابات والتعليقات المتعلقة بقناة «الجزيرة» في كبريات الصحف والمجلات الأمريكية والبريطانية، عن وجود مخاوف كبيرة في الفترة الأخيرة، من استعدادات شبكة «الجزيرة» لاقتحام أسواق ظلّت منيعة ومحصنة ضد قنوات «الجزيرة». فالإعلام الأمريكي لا يتحدّث سوى عن صفقة تقتني بموجبها الشبكة القطرية إحدى شبكات التلفزيون الأمريكية المحلية، تمهيدا لإطلاق ما ينتظر أن يسمى «الجزيرة أمريكا». خطوة ستفتح الباب، في حال إتمامها، أمام دخول أول مؤسسة إعلامية عربية كبرى إلى السوق الإعلامي الأمريكي، المعتمد بالدرجة الأولى على تقنية «الكابل» عوض تقنية البث الفضائي المعمول بها عالميا. ويقدّر الأمريكيون عدد البيوت التي ستقتحمها قناة «الجزيرة»، بأكثر من أربعين مليون بيت. فيما ينظر الفرنسيون بعين الخوف والريبة، إلى بوادر إطلاق قناة «الجزيرة الفرنسية». فهل هناك حقا «خريف» يزحف على «علبة الكبريت»، أم هي حرب استباقية من عمالقة الإعلام الغربي تهدف إلى فرملة المد القادم من الشرق.