هذه حكايتي مع يوميات الموت في غزة في حوار خص به الدكتور زهير لهنا، الطبيب المغربي الوحيد في غزة، "اليوم 24"، اكد الطبيب المغربي انه جد محظوظ بوصله إلى قطاع غزة، خاصة وانه تم منع عدد من الأطباء بمنطقة سيناء العسكرية من الوصول إليها. لهنا، لم يخف أن والدته في كل سفر تحاول ثنيه عن الموضوع، لكن عزيمته وإصراره جعلاها تستسلم لقراره. وأكد، لهنا، الذي يتابع عدد كبير من المغاربة رحلته الى بؤر الموت أن أبناءه يحتاجون الاب في المنزل، لكن دروس التضحية بالنفس تُدرس بالافعال وليس الأقوال، على حد تعبيره. نعرف أن غزة لا تزال تعيش تحت القصف، أين تعيش حاليا؟ حاليا، أقطن داخل مستشفى الشفاء في غزة، قبل ذلك بإحدى عشر يوما، تاريخ وصولي، كنت أقطن باخد المنازل غير بعيدة عن المستشفى، غير أن الهجمات والقصف الذي تشنه إسرائيل دفعتني إلى الانتقال والاستقرار داخل المستشفى. اليوم، أصبح استخدام سيارات الأجرة والسيارات شبه مستحيل، لأن الجيش الصهيوني يجعل من السيارات هدفا سهلا لقصفه، كما أن الجيش الاسرائيلي يفجر المستشفيات أيضا، لا شيء هنا في أمان. وأكثر ما حز في نفسي وجعلني أذرف الدموع، أن أهل فلسطين ورغم القصف والمأساة التي يعيشونها يوميا، استقبلوا الأطباء بأحر ما يمكن ان يقدمه العرب لضيوفهم. كيف كان دخولك إلى غزة؟ وصلت إلى قطاع غزة بتاريخ 13 يوليوز، بعد أيام قليلة جدا عن بدء العدوان الشرس، رفقة ثلاثة أطباء، مادس كيلبر نرويجي، وطبيبين فلسطينيين يعيشان في اوروبا، أبو العرب من النرويج، وعابدين من إنجلترا. الوصول إلى مستشفى الشفاء لم يكن سهلا أبدا، بقينا ليومين متتاليين ننتظر قبل دخول القطاع، بمنطقة سيناء التي أصبحت منطقة عسكرية. لحد كتابة هذه الأسطر، وعلى حد علمي، نحن الآن الأطباء الوحيدون الذين تمكنوا من الدخول إلى غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي، حيث أن عددا من الزملاء الاطباء تم منعهم من الولوج. صراحة لدينا كثير من الحظ لاننا في غزة، ولدينا إحسان أننا نعيش نقطة تحول في التاريخ، نحن قلب التاريخ. ليس من السهل أبدا شرح الوضعية التي نعيشها، كلما مر الوقت أشعر أننا دخلنا إلى غزة عن طريق معجزة إلاهية، لأن النظام الحالي في مصر أكثر تشددا من عهد عهد مبارك سنة 2009، سيناء تم إعلانها منطقة عسكرية، ولد لدينا الانطباع أنه تم نقل الحدود المصرية إلى منطقة سيناء. ألا تبدي زوجتك وأبناءك اعتراضا على سفرك، خصوصا وأن الأمر فيه خطورة كبيرة على حياتك؟ رغم الخوف والقلق، لكن عائلتي اجدها دائما إلى جانبي وتساندني في اتخاذ مثل هذه القرارات. أكثر ما اتجنبه خلال رحلاتي إلى البلدان الي تعرف الحرب، هو الحديث إلى والدتي، لكن كيف يمكن خداع قلب الأمهات؟ فهي تتصل بي مرات عديدة في اليوم، تعبر عن قلقها وتحاولي ثنيي عن السفر، لكن منذ سفري الأول إلى أفغانستان سنة 2001، مرورا بحروب "الكانغو" سنة 2004، وحرب جنين 2006 والحرب الاولى على غزة 2009، عرفت إصراري وآمنت أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. بالنسبة لزوجتي، هي امرأة مؤمنة، تعرفني جيدا، وتعرف مدى تحمسي للرحلات التطوعية، أبنائي وبدون نقاش يحتاجون إلى والدهم، لكن أعتقد وأظن أنهم يحتاجون لتعليم دروس في التضحية بالنفس، والامر الدي يتم بالأفعال وليس بالأقوال. ماهي هي البلدان التي كانت تعرف الحرب، وسافرت إليها؟ شاركت في العديد من العمليات الإنسانية في جميع أنحاء العالم بما في كوموروس سنة أفغانستان عام 2001، الكونغو 2004، جنين 2006، حرب غزة 2009، ليبيا 2011.