قال العمراني بوخبزة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، إن "حلم اتحاد المغرب العربي، هو حلم مجتمعات وشعوب، وبالتالي لا يمكن لقرار نظام معين أن يقضي على حلم يراود شعوب المنطقة، ولن يستطيع التاريخ ولا الأحداث ولا التقلبات التأثير عليها". ويرى بوخبزة، في حوار مع "اليوم 24″، أن "العلاقات بين الدول لا تقاس بمنطق الربح والخسارة، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بشعوب تجمعها أشياء كثيرة". هل كان قرار قطع الجزائر للعلاقات الدبلوماسية مع المغرب متوقعا؟ الواقع أنه كانت هناك وضعيتين، الأولى تتعلق بمد اليد من طرف المغرب، وبالتالي كان من المفروض أن يحدث تجاوب من الجزائر، ثم التطور الإيجابي في العلاقات. بالمقابل كان هناك بعض سلوكيات جزائرية وتجييش للرأ العام، وخطاب متشنج في وسائل الإعلام، كل ذلك كان ينبئ بكون أن الطرف الجزائري يتجه نحو التصعيد. وبالتالي في ظل هذه الوضعية، أي مد اليد مقابل التصعيد، كان من الصعب القول بأن الخيار سيكون بالضرورة قطع العلاقات، ولكن يمكن أن نقول إن الطرح الثاني كان هو الأرجح. لماذا؟ لاعتبارات متعددة أولها هو العقيدة الراسخة لحكام الجزائر القائمة على العداء للمغرب، ثم أن عملية مد اليد من طرف المغرب تكررت أكثر من مرة ولا من مجيب. ثم أيضا من العوامل وجود أزمة خانقة يعيشها النظام الجزائري. هذه مجموعة من الاعتبارات تجعلنا نقول إن العلاقات الثنائية كانت تتجه نحو الأسوأ. ماذا عن سؤال الربح والخسارة بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين؟ في الحقيقة العلاقات بين الدول لا تقاس بمنطق الربح والخسارة خاصة إذا كان الأمر يتعلق بشعوب تجمعها أشياء كثيرة. هذا المنطق نتحدث عنه في المجال الاقتصادي، فغياب اتحاد المغرب العربي منذ التسعينيات يفوت على البلدان المغاربية فرصا كثيرة للتنمية، في حين أن الأمر المتعلق بالعلاقات لا يقاس بما هو مادي، ولكن يقاس بمنطق الاستقرار. فالعلاقات الودية بين المغرب والجزائر ستساهم في استقرار المنطقة، وهو ما لا يمكن أن يقاس ماديا، لأنه مكون أساسي من مكونات التنمية، وأنه شرط من شروط مناخ الأعمال، وبالتالي الخسارة الكبرى في حال استمرار هذا التوتر، تتعلق بالأمن والاستقرار. يمكن القول أيضا أن استمرار هذه الوضعية الشاذة بين دولتين جارتين، يجعلنا في وضعية تخلف تراكما في نوع من الضغينة، حيث نلاحظ أن خطاب الكراهية يزداد، وبالتالي تلك القيم الأخوية وقيم العلاقات الإنسانية القائمة على الود والاحترام، تتضاءل مع مرور الوقت، مما يشكل خطورة حقيقية على مستوى العلاقات. في النهاية، وفي ظل هذه الوضعية الكل سيخسر، وللأسف الشديد الطرف الآخر يقوم بتقييم العلاقات بمنطق الربح والخسارة. بهذه الخطوة، هل يمكن القول بأن حلم إحياء اتحاد المغرب العربي تم إقباره؟ لا لا لأن هذا الحلم ليس حلم 1989 وإنما حلم 1959، فقد كانت هناك حرب بين المغرب والجزائر، وبعد مدة تم إحياء هذا المشروع الذي هو أكبر من الأنظمة السياسية. حلم المغرب العربي هو حلم مجتمعات وشعوب، وبالتالي لا أعتقد أن قرار نظام معين يمكنه أن يقضي على حلم يراود شعوب المنطقة التي تجمعها أمور كثيرة، ولن يستطيع التاريخ ولا الأحداث ولا التقلبات التأثير عليها. وبالتالي أظن أن هذا الحلم سيبقى، وربما هناك معالم تحولات عميقة قد تعرفها الجزائر بحكم الأزمة والصراع والحالة التي يوجد عليها النظام الجزائري، قد يحدث التغيير، وإذا كان في اتجاه إرساء دولة ديمقراطية مدنية، فربما ستكون من بين أجندات النظام الجديد هو بناء علاقات ودية وبالتالي اتحاد مغرب عربي قوي.