ارتفع عدد قتلى الفيضانات المدمرة في أوروبا إلى 118 على الأقل، اليوم الجمعة، معظمهم في غرب ألمانيا، حيث لاتزال فرق الطوارئ تبحث عن المفقودين. كذلك، لقي أشخاص عدة حتفهم، وفقد آخرون في ألمانيا عقب انزلاق كبير للتربة نجم عن الأحوال الجوية السيئة، وجرف منازل في منطقة غير بعيدة عن مدينة كولونيا، صباح الجمعة. وما زال مئات الأشخاص مفقودين في البلاد، فيما ارتفع عدد القتلى في بلجيكا إلى 15 قتيلا مع بقاء أكثر من 21 ألف شخص بدون كهرباء في منطقة واحدة. كما هطلت أمطار غزيرة على لوكسمبورغ، وهولندا، ما تسبب في سيول شديدة في العديد من المناطق، وإجلاء الآلاف في مدينة ماستريخت الهولندية. أما في فرنسا، فبدأ الوضع يعود إلى طبيعته، اليوم، في شرق فرنسا، بعد هطول أمطار غزيرة في الأيام الأخيرة، خصوصا في الألزاس، حيث من المرتقب أن يتحسن الوضع في الساعات المقبلة، كما أفادت "ميتيو فرانس". وفي شرق فرنسا، تسببت الأمطار الغزيرة في حدوث اضطرابات في النقل النهري، والسكك الحديد، في الأيام الأخيرة. لكن، حصيلة القتلى في ألمانيا ما زالت الأعلى، وقد عنونت صحيفة "بيلد" اليومية، الأكثر قراءة في ألمانيا، صفحتها الأولى "فيضانات الموت" بعد هطول أمطار غزيرة في مناطق عدة، تسببت في أضرار مادية، وزرعت رعبا بين السكان، الذين فوجئوا بالفيضانات. ودعا الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، اليوم، إلى معركة "أكثر حزما" ضد ظاهرة تغير المناخ في ضوء الفيضانات المدمرة في غرب البلاد. وقال شتاينماير من برلين: "لن نتمكن من الحد من الظواهر المناخية القصوى، إلا إذا شاركنا في معركة حاسمة ضد تغير المناخ". وأعربت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، من واشنطن، حيث التقت الرئيس، جو بايدن، عن خشيتها "من عدم القدرة على معرفة الحجم الحقيقي للكارثة، إلا في الأيام المقبلة". ويمكن مشاهدة شوارع، ومنازل غارقة تحت المياه، وسيارات منقلبة، وأشجار مقتلعة في كل المواقع، التي أتت عليها الفيضانات، فيما عزلت بعض المناطق عن العالم الخارجي. وفي آرفايلر، انهارت العديد من المنازل بشكل كامل، ما ترك انطباعا بأن موجة تسونامي ضربت المدينة. وتأكد مقتل 24 شخصا على الأقل في أسكيرشن، إحدى البلدات الأكثر تضررا في شمال البلاد. وقالت ميركل للصحافيين في واشنطن: "قلبي مع كل الأشخاص، الذين فقدوا أحباء لهم في هذه الكارثة، والقلقين بشأن مصير أشخاص ما زالوا في عداد المفقودين". وأعلنت السلطات اليوم، أن عدد القتلى الإجمالي في ألمانيا وصل إلى 103 على الأقل. وقالت رئيسة حكومة راينلاند، بالاتينات مالو دراير: "أحصينا حتى الآن 60 قتيلا" في منطقة راينلاند بالاتينات وحدها، وهي واحدة من أكثر المناطق تضررا بالفيضانات، ما يرفع الحصيلة الوطنية إلى 103 قتلى، وعدد الضحايا في أوروبا، بما في ذلك بلجيكا، إلى 118. ومن المرجح أن ترتفع الحصيلة في ألمانيا مع بقاء أعداد كبيرة من الأشخاص في عداد المفقودين في ولايتي شمال الراين، وستفاليا، وراينلاند بالاتينات، الأكثر تضررا. وفي منطقة آرفايلر المدمرة في راينلاند بالاتينات، فقد حوالى 1300 شخص، إلا أن السلطات المحلية أفادت لصحيفة "بيلد" بأن هذا العدد الكبير يعود على الأرجح إلى تضرر شبكات الهاتف، وبالتالي عدم القدرة على التواصل مع كثر. وقال وزير الداخلية الإقليمي، روجر لوفنتز، لإذاعة "إي دبليو آر": "نعتقد أنه ما زال هناك 60 شخصا في عداد المفقودين، وعندما لا تعرف أي شيء عن أشخاص لفترة طويلة.. عليك أن تخشى الأسوأ". وأضاف أنه "على الأرجح سيستمر عدد الضحايا في الارتفاع، في الأيام المقبلة". وكتبت إدارة بلديات كولونيا في تغريدة على "تويتر" إنه في بلدة إرفتشتات-بليسم "جرف عدد كبير من المنازل وانهار بعضها. فقد عدد كبير من الأشخاص". وصرحت ناطقة لوكالة "فرانس برس" إنه تم "تأكيد" مقتل عدد من الأشخاص. وقال غيرد لاندسبرغ، رئيس الاتحاد الألماني للمدن والبلديات، إن كلفة الأضرار قد تصل إلى "مليارات اليوروهات". وصرح وينفيد كولر، وهو من سكان مدينة هاغن في شمال الراين، وستفاليا لإذاعة "دبليو دي آر" العامة بأنه لم يختبر "شيئا مماثلا في حياتي" بعدما أنقذه إطفائيون من سيارته. في هاغن، أيضا، كان سيباستيان كيفر يساعد في ملء أكياس رمل أمام مطعم محلي. وقال: "إنه أمر جنوني عندما تفكر في الطاقة ،التي تختزنها المياه". وقال كونستانتين هارتمان من قرية روتغن-مولارتشويت في منطقة إيفل للمحطة الإذاعية إن حظيرته دمرت بالكامل وأضاف "دمر كل شيء هناك. لم يساعدنا أحد، ولا أحد". أما في بلجيكا، فما زال خمسة أشخاص في عداد المفقودين، وقد أرسل الجيش إلى أربع مقاطعات من أصل 10 في البلاد للمساعدة في عمليات الإنقاذ، والإجلاء. وقال رئيس فالونيا إليو دي روبو إن نهر الموز المتضخم "سيشكل خطرا على لييج"، وهي مدينة مجاورة يقطنها 200 ألف شخص. وأعادت العواصف ظاهرة تغير المناخ إلى قلب الحملة الانتخابية في ألمانيا، قبل الانتخابات المقررة في 26 شتنبر، والتي ستنهي 16 سنة من وجود ميركل في السلطة. وقال وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر إن ألمانيا: "يجب أن تستعد بشكل أفضل" في المستقبل مضيفا أن "هذا الطقس المتطرف هو نتيجة لتغير المناخ". ونظرا إلى أن الغلاف الجوي، الذي أصبح أكثر دفئا يحبس المزيد من المياه، فإن تغير المناخ يزيد من وتيرة، وشدة الفيضانات الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة. وفي المناطق الحضرية، التي تضم نظام صرف صحي سيئٍ، ومباني واقعة في مناطق عرضة للفيضانات، قد يكون الضرر كبيرا. وقد سارع المرشحون إلى إثارة مسألة المناخ، وإطلاق الوعود بشأن المناخ بعد الفيضانات. ودعا رئيس وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا، أرمين لاشيت، المحافظ الذي سيخلف ميركل، إلى "تسريع" الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، مشددا على الصلة بين تغير المناخ، والظواهر المناخية القصوى.