يبدو أن حلم مزارعي الكيف، للتخلص من كابوس الملاحقات الأمنية قد تبخر، بعد أن رفضت الحكومة، اليوم الثلاثاء، مقترح قانون تقدم به فريق التجمع الدستوري بمجلس النواب، يقضي بتتميم أحكام المواد 21 و40 و49 من القانون رقم 22.01، المتعلق بالمسطرة الجنائية، ويروم التصدي للوشايات الكاذبة التي تستهدف مزارعي الكيف بالأقاليم الشمالية. وعللت الحكومة، في شخص وزير العدل محمد بنعبد القادر، خلال اجتماع للجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، رفضها لهذا المقترح، بقوله: "المشرع يعاقب على الوشاية الكاذبة ووضع لها عقوبات رادعة في كل السياقات، وليس فقط في السياق المتعلق بزراعة القنب الهندي"، رافضا تخصيص مقتضيات قانونية خاصة بمزارعي الكيف. وأوضح بنعبد القادر، بأن مشروع قانون المسطرة الجنائية موجود لدى الأمانة العامة، وهي تقوم بمسؤولية كبيرة لتدقيق النصوص المتضمنة فيه وتجويدها، مشيرا إلى الاجتماعات التي تنعقد على مستوى الأمانة العامة مع كافة المتدخلين والمؤسسات، وفي مقدمتها رئاسة النيابة العامة، مؤكد على وجود نقاش حول بعض التفاصيل بما فيها ما جاء في مقترح قانون الفريق البرلماني. وأبرز، أن "المشروع لدى الأمانة العامة للحكومة، والحكومة تقدر هذه المبادرة ولا تنازع فيها، لكن من الصعب عليها التجاوب مع مقترح قانون، وهي تتابع النقاش فيه باستمرار مع عدد من الفرقاء"، مضيفا أنه سيتم استحضار مضامين هذا المقترح في إنهاء صيغة مشروع قانون المسطرة الجنائية، قبل أن يحال على المجلس الحكومي. وتعليقا على هذا الرفض، أوضح شريف أدرداك، عضو مؤسس لتنسيقية أبناء بلاد الكيف، في تصريح ل"اليوم24" ، "أن المشكلة في بلاد الكيف غير مرتبطة بالوشاية الكاذبة، بقدر ما هي مرتبطة بالوشايات الكيدية المجهولة". واعتبر أدرداك، بأن "مقترح القانون الذي قدمه فريق التجمع الدستوري، بعث بارقة أمل للتصدي لمثل هذه الممارسات التي تضع المزارعين البسطاء تحت نير ابتزاز بارونات المخدرات وبعضا من المنتخبين الذين يستعملون هذه الآلية القانونية للتحكم في رقاب معارضيهم والخارجين عن نطاق دائرة تجارتهم". وقال عضو تنسيقية أبناء بلاد الكيف، "للأسف الحكومة دائما ما تخالف توجهات المجتمع، والأنكى من ذلك أنها لا تقدم بدائل بل تكتفي بالرفض فقط". يشار إلى أن فريق التجمع الدستوري، كان قد أشار في المذكرة التقديمية لمقترح هذا القانون، إلى أن مجموعة من ساكنة الأقاليم الشمالية والتي يرتكز دخلها أساسا على مادة الكيف، تحت ضغط الوشايات الكاذبة، وحسب تصريحات بعض المواطنين، فقد بلغ عدد هذه الوشايات ما يناهز 30 ألف شخص. وقال فريق التجمع الدستوري، إن هذه الوشايات الكاذبة تستعمل غالبا في تصفية الحسابات والانتقام، ولا ترتكز على حجج تثبت صدقيتها، مما يفتح مجالا واسعا أمام متابعات قضائية حرمت مجموعة كبيرة من المواطنين من ممارسة حقوق التنقل والاشتغال، وبذلك تم تعطيل نسبة هامة من الطاقة الإنتاجية لهؤلاء المواطنين وللمنطقة ككل. واقترح الفريق، تعديل بعض المواد من المسطرة الجنائية قصد تقنين الوشايات الكاذبة وتحرير المتابعين من هذه التهم التي ألصقت بهم، وكذا حفظ القضايا الرائجة أمام المحاكم المرتبطة بهذا النوع من الشكايات المجهولة المصدر. كما اقترح الفريق أيضا، تعديلات على المواد 21 و40 و49 من المسطرة الجنائية، تنص على أنه "إذا تعلق الأمر بوشايات مجهولة المصدر لا يتعلق مضمونها بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي، فإنه قبل إجراء الأبحاث التمهيدية يتعين القيام بدراستها بكيفية جدية، وتحليل مضمونها، والتثبت من طبيعتها، والقيام بالتحريات اللازمة بكل الوسائل المتاحة وبسرية تامة، من أجل التأكد من مدى توفر الأدلة والقرائن على اقتراف الموشى بهم للأفعال المنسوبة إليهم، وفي حالة انعدام ذلك، يتعين حفظها".