على بعد شهرين من الانتخابات، برز داخل الحزب الاشتراكي الموحد صراع جديد. تيار باسم "اليسار الوحدوي" يطلب رأس أمينته العامة، نبيلة منيب، بسبب موقفها المتباطئ من إقرار توحيد ثلاثة فصائل لليسار، تجمع هذا الحزب بكل من الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمؤتمر الوطني الاتحادي. قادة بارزون في الاشتراكي الموحد نشروا وثيقة تؤسس أرضية لهذا التيار، توجه انتقادات كبيرة إلى منيب، وما سموه أيضا "بروز مظاهر عبادة الشخصية" في الحزب. بين هؤلاء القادة محمد الساسي، ومحمد مجاهد، ومحمد حفيظ، ونجيب أقصبي، ومصطفى الشناوي. لكن ليس جميع قادة هذا الحزب على الصفحة نفسها. الزعيم التاريخي للحزب نفسه، محمد بنسعيد آيت إيدر، ليس متفقا على خطوة الساسي ومن معه. يقول آيت إيدير لموقع "اليوم 24" إن "بروز تيار في هذه الظروف أمر غير إيجابي البتة"، ويضيف شارحا: "عندما يندرج بروز تيار في إطار صراعات داخلية، وليس صراعات خارجية، فإن النتيجة ستكون دوما سلبية، حتى على آفاق الوحدة نفسها" مضيفا "ستدمر مثل هذه الأعمال كل شيء، لأن التيارات لم يكن يوما سبيلها أن تظهر فقط على واجهات الصحف، أو أن تعطي لصراعها الداخلي مضمونا إعلاميا فقط، لا يجعلها ذلك تيارا". وبالنسبة إلى هذا الزعيم التاريخي للحزب، فإن "أرضية اليسار الوحدوي" ليست تيارا "وإنما وجهة نظر"، قررت أن "تطرح الخلافات بعيدا عن المؤسسة الحزبية، بينما كان يجب أن تُطرح داخلها". ويرى آيت إيدير أن "أي تيار يخطط لنقل صراع داخلي إلى الخارج فهو يفعل ذلك فقط لتسويق نفسه". "ما يحدث ليس جيدا بتاتا، ولا يقود إلى تقوية الحزب ومؤسساته أبدا"، يؤكد آيت إيدير، ويوضح: "بدل أن نقوي أنفسنا، ونفتح أفاقا للتوجهات الوحدوية، فإننا نرى أن هذه الأعمال تضعف النفس الوحدوي، لذلك، لست متحمسا لما يجري الآن، ولست متفقا عليه". ويعد آيت إيدير من أبرز مؤيدي توحيد صفوف اليسار، وخاصة المجموعات الثلاث داخل فيدرالية اليسار الديمقراطي، وقد بعث برسالة في هذا الصدد، إلى منيب. لكن قادة تيار "اليسار الوحدوي" يعتقدون أن منيب هي من تضعف أي آفاق للوحدة بسبب طريقتها في إدارة الحزب. مع ذلك، فإن آيت إيدير لا يرى أن طريقتهم في توجيه الانتقادات إليها كانت مناسبة، ويقول: "كان عليهم أن ينتقدوها داخل المؤسسة، وليس بنشر التصريحات ضدها في وسائل الإعلام.. بهذه الطريقة ليس هناك أي شيء مفيد، ومن دون شك، فإن ما يفعلونه غير منتج". ويدافع آيت إيدير عن منيب قائلا: "لقد لعبت دورا متقدما، نعم لديها أخطاؤها، لكن كان يتعين أن تطرح هذه الأخطاء داخل المؤسسة. إن منيب سيدة مناضلة، والطريقة التي يجري التعامل بها معها الآن تبين عجز أصحابها فقط". ويستدرك قائلا: "كان ينبغي معالجة الإشكالات المطروحة في إطار المؤسسة، وهي موجودة، وكان على الرفاق أن يطلبوا حوارا داخليا، لكنهم لم يفعلوا". ويضيف بنبرة تشديد: "ما يفعله الرفاق حاليا لا يعزز أي تقدم".