لازال ملف الشرطي الذي أقدم على إعدام شاب وفتاة في الشارع العام بالدارالبيضاء بواسطة رصاصتين من سلاحه الوظيفي، يراوح مكانه، طيلة فترة مواجهة المغرب مع جائحة فيروس كوفيد 19، وما رافقها من تدابير احترازية وإجراءات وقائية، وتقرير المحاكمة عن بعد كحل لإعادة نشاط المحاكم المغربية شريطة موافقة المتهم، وهو ما ظل يرفضه دفاع الشرطي طيلة أطوار الجلسات التي ترفع دون تقدم في الملف، آخرها جلسة أول أمس الاثنين. وبعدما تشبث الدفاع بإحضار الشرطي المعتقل على خلفية قتله لضحيتين، الذي كشف شريط فيديو، جرى تداوله بعد يومين من الحادث، طريقة إطلاق النار في حق فتاة أمام حشد من المواطنين، والإصرار على محاكمته حضوريا، لمنح المحكمة فرصة معاينته عن قرب والحديث معه ومتابعة تحركاته وتعامله مع محيطه، وهو ما يتنافى مع المحاكمة عن بعد التي قررتها اللجنة المكونة من وزارة العدل والنيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية كإجراء استثنائي لتدبير الملفات في زمن فيروس كورونا. ورغم قرار القاضي حسن عجمي، رئيس غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، بإحضار الشرطي المتهم من المركب السجني عكاشة، في الجلسات الأخيرة، إلا أن إحضاره منفردا شكل عرقلة لوجيستية، حسب قول مصادر "أخبار اليوم" من داخل المحكمة، حيث يتطلب سيارة خاصة و3 رجال أمن من قوات الخفر، وحماية خاصة، الأمر الذي دفع المحكمة إلى تقرير برنامج خاص يسمح بإحضار الشرطي رفقة معتقلين آخرين يتعذر محاكمتهم عن بعد، وبالتالي، يتم حل الإشكال المطروح منذ انطلاق المواجهة مع فيروس كورونا في مارس الماضي. وكشفت المصادر ذاتها أن القاضي عجمي، رئيس هيئة الحكم بالقاعة 7، قرر تأخير ملف الشرطي "القاتل" إلى الأسبوع الأخير من نونبر الجاري، مع التنسيق في الملفات لوضع برنامج زمني موحد ليتسنى إحضار مجموعة متهمين ومحاكمتهم حضوريا، مع الاحتفاظ بالاحتياطات والتدابير الاحترازية بالتنسيق مع إدارة السجون، لتفادي انتشار العدوى بين السجناء، خاصة في ظل الارتفاع الصاروخي لعدد الإصابات بالفيروس التاجي بالمغرب، والدارالبيضاء خاصة التي صارت تسجل مئات الإصابات المؤكدة يوميا. وأفادت المصادر ذاتها أنه من المرتقب أن تكون الجلسة المقبلة حاسمة في الملف، بالانطلاق في مناقشة الملف والتقدم فيه، حسب تطور المناقشة، رغم تشبث الدفاع بإخضاع الشرطي المتهم للخبرة الطبية النفسية والعقلية، لما وصفه بتدهور وضعه النفسي والعقلي، وهو ما يراهن عليه بإحضار ضابط الشرطة أمام هيئة الحكم، ومعاينتهم لوضعه عن قرب. ويرى دفاع الشرطي أنه رغم إثبات الخبرة الطبية التي جرى إجراؤها على ضابط الشرطة أثناء الاستماع إليه تفصيليا أمام قاضي التحقيق، والتي أثبتت سلامته العقلية، فإن الوضع تطور كثيرا، بعد مرور أزيد من سنة رهن الاعتقال بالمركب السجني عكاشة، وأنه صار لزاما إجراء خبرة طبية جديدة على الشرطي الذي أمضى أزيد من سنة في ظروف نفسية مختلفة عن المعتاد، ويواجه تهما ثقيلة جدا تتعلق بالقتل في حق شخصين، وهي كلها موجبات لإعادة الخبرة الطبية التي من شأنها أن تحدد مدى سلامته العقلية والنفسية، وترتيب محاكمته بناء عليها. وكان ضابط الشرطة بأنفا قد أطلق رصاصتين من مسدسه الوظيفي أردى خلاله شابا وفتاة في قلب مدينة الدارالبيضاء، في حادث وصفته الإدارة العامة للأمن الوطني، في بلاغ لها، بالدفاع عن النفس إثر تعرضه لهجوم من أربعة أشخاص، غير أن الأمر اختلف عندما ظهر شريط فيديو يوثق لطريقة قتله لفتاة بعدما جرى إسقاطها أرضا، ليفرغ رصاصة في رأسها بدم بارد، وهو ما جعله يختفي عن الأنظار، وتصدر مديرية الحموشي أمرا بالقبض عليه، ليتم اعتقاله بمنتجع "كابونيكرو" شمال المغرب، في حادث اشتهر على نطاق واسع.