البرلمانيين المتغيبين عن أشغال مجلس النواب يقدمون مبررات غيابهم ويؤكدون حضورهم    حماس تعلن استعدادها لوقف إطلاق النار في غزة وتدعو ترامب للضغط على إسرائيل    محكمة فرنسية تأمر بالإفراج عن الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج عبد الله بعد 40 عاما من السجن    نشرة إنذارية.. زخات مطرية مصحوبة بتساقط الثلوج على قمم الجبال ورياح عاصفية قوية    إجلاء 3 مهاجرين وصلوا الى جزيرة البوران في المتوسط    لوديي يشيد بتطور الصناعة الدفاعية ويبرز جهود القمرين "محمد السادس أ وب"    مكتب الصرف يطلق خلية خاصة لمراقبة أرباح المؤثرين على الإنترنت    جثة عالقة بشباك صيد بسواحل الحسيمة    "السودان يا غالي" يفتتح مهرجان الدوحة    مهرجان الفيلم بمراكش يكشف عن قائمة الأسماء المشاركة في برنامج "حوارات"    هذه اسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    اقتراب آخر أجل لاستفادة المقاولات من الإعفاء الجزئي من مستحقات التأخير والتحصيل والغرامات لصالح CNSS    المركز 76 عالميًا.. مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية يصنف المغرب ضمن خانة "الدول الضعيفة"    قتلى في حريق بدار للمسنين في إسبانيا    جلالة الملك يهنئ الرئيس الفلسطيني بمناسبة العيد الوطني لبلاده و جدد دعم المغرب الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة        كارثة غذائية..وجبات ماكدونالدز تسبب حالات تسمم غذائي في 14 ولاية أمريكية    الطبيب معتز يقدم نصائحا لتخليص طلفك من التبول الليلي    التوقيت والقنوات الناقلة لمواجهة الأسود والغابون    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    "خطير".. هل صحيح تم خفض رسوم استيراد العسل لصالح أحد البرلمانيين؟    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار    بمعسكر بنسليمان.. الوداد يواصل استعداداته لمواجهة الرجاء في الديربي    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    رصاصة تقتل مُخترق حاجز أمني بكلميمة    الأحمر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على الجزء الأول من مشروع قانون المالية 2025    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة    الأردن تخصص استقبالا رائعا لطواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية    فيضانات إسبانيا.. طبقا للتعليمات الملكية المغرب يعبئ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني    تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب            وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    "الأمم المتحدة" و"هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عز ل «البيجيدي».. هل دقّت ساعة النهاية ؟
نشر في اليوم 24 يوم 25 - 10 - 2020

بينما بدأ العد العكسي لانتخابات 2021، يتعرض حزب العدالة والتنمية لحملة شرسة متعددة الجبهات؛ يشارك فيها قادةأحزاب، سواء من الأغلبية أو المعارضة، علاوة على نشطاء صفحات "الفايسبوك"، ووسائل إعلام مكتوبة، تُشكك فيرصيده الحكومي. كما تستهدف نزاهة ومصداقية قادته وأعضائه في الحكومة، أو في المجالس الجماعية المنتخبة.
يمكن تَبين معالم هذه الحملة من خلال عدة قضايا مثيرة للجدل وسط الرأي العام الوطني، آخرها الجدل الذي اشتعل علىصفحات الفايسبوك حول تصريحات الرئيس السابق لفريقه في مجلس النواب، إدريس الأزمي الإدريسي، التي انتقدفيها ما سماه "الشعبوية"، في إشارة إلى بعض نشطاء "الفايسبوك"، الذين أعلنوا صراحة تجندهم للعمل ضد فوز حزبالعدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، ويتهمون قادة ومنتخبي هذا الحزب، تحديدا، باستغلال مواقعهم السياسيةوالانتدابية للاغتناء الشخصي من التعويضات التي يتلقونها، كما لو كان الأمر حصرا على منتخبي هذا الحزبومسؤوليه.
علاوة على التركيز المبالغ فيه على منتخبي "البيجيدي" من قبل نشطاء التواصل الاجتماعي، تدور معركة أخرى حولالقوانين الانتخابية، وخصوصا حول اعتماد القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين، بدل الإبقاء عليه كما كان خلالالانتخابات السالفة، أي اعتمادا على عدد الأصوات الصحيحة. التوجه الجديد يبدو وكأنه قد جرى ابتكاره من أجل إفراغالقوة الانتخابية لحزب "البيجيدي" من مضمونها السياسي، ويكشف اصطفاف كل الأحزاب إلى جانب الدفاع عنالقاسم الانتخابي الجديد، في مواجهة حزب العدالة والتنمية الذي يرفض لوحده اعتماد الفكرة، كما لو أنها صيغة يُقصدمنها أن يظهر معزولا في المشهد الحزبي، ويغرد لوحده خارج السرب. فهل نحن أمام خطة قبلية لإزاحة "البيجيدي" منمربع الحكومة بأي شكل من الأشكال؟
قوانين من أجل نتائج معروفة سلفا
على خلاف الانتخابات التشريعية لسنة 2016، حيث جرى تقليص تقنية "العتبة الانتخابية" من 6 في المائة (سنة2011) إلى 3 في المائة، لجأت السلطة مدعومة من معظم الأحزاب، سواء في الأغلبية أو المعارضة، إلى ابتكار تقنيةجديدة وغير مسبوقة في كل الأنظمة الانتخابية في العالم، تتمثل في الدفع نحو اعتماد قاسم انتخابي جديد على أساسعدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، وليس على عدد الأصوات الصحيحة أو المعبر عنها على الأقل.
يأتي ذلك بعدما فشلت تقنية "العتبة الانتخابية" في حدود 3 في المائة، في لجم القوة الانتخابية للأحزاب الكبرى، حيثاستطاع الحزبان الأول (البيجيدي) والثاني (حزب الأصالة والمعاصرة) الحصول على أغلبية عدد المقاعد في مجلسالنواب (225 من أصل 395)، بينما جرى تخفيضها بغرض منح فرصة للأحزاب المتوسطة والصغيرة للحفاظ علىمواقعها، وهو ما لم تنجح فيه. وبعبارة منعم لزعر، باحث في العلوم السياسية، فإن استعمال تقنية العتبة الانتخابية أعطتنتائج غير يقينية، على خلاف التقنية الجديدة التي قد تعطي نتائج يقينية في الغالب.
يوضح لزعر أن السياق السياسي القائم منذ آخر انتخابات تشريعية، يتجه نحو وضع ترتيبات تهدف إلى رسمالتموقعات السياسية بشكل قبلي، ما دام الدخول السياسي الحالي كشف عن بداية العد العكسي للانتخابات المقبلة،وسجل لزعر كيف أن حزب التقدم والاشتراكية مثلا اختار مساره نحو التموقع في المعارضة، وبالتالي أخذ مسافة منحزب العدالة والتنمية، وخلال النقاش حول القوانين الانتخابية، اختار هذا الحزب مرة أخرى تقديم تصوره إلى جانبأحزاب المعارضة، أي حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة، بعيدا عن مواقف حليفه السابق حزب العدالة والتنمية.
أما حزب الأصالة والمعاصرة، فقد اعتمد استراتيجية جديدة، خصوصا بعد وصول عبد اللطيف وهبي إلى قيادة الحزب. منعم لزعر يرى أن وهبي يدفع حزبه إلى الاقتراب أكثر من المجتمع، والهدف مزاحمة "البيجيدي" على مستوى شبكاتالنفوذ الانتخابية، في الوقت الذي تبنى فيه وهبي خطابا ذا بعدين؛ البعد الأول هو الابتعاد ما أمكن عن السلطة، بحيثيريد القطع مع الانطباع السائد لدى المواطن بأن حزب "البام" هو حزب سلطة، تأسس وفي فمه ملعقة من ذهب؛ والبعدالثاني في خطاب وهبي يتمثل في تبني خطاب تصالحي مع مجمل الأحزاب السياسية، بما في ذلك حزب العدالةوالتنمية، والغرض من هذا التوجه هو إبطال استعمال "البيجيدي" ورقة "البام" باعتباره ورقة انتخابية رابحة، سبق لهتوظيفها في الانتخابات التشريعية لسنة 2016. لكن توجهات القيادة الجديدة لحزب "البام" تخلق منافسين آخرين،أساسا مع حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو صراع من نتائج استراتيجية تغيير الاتجاه التي اعتمدها وهبي، وقديتعزز الصراع بين الحزبين مستقبلا، خصوصا في مرحلة تشكيل الحكومة المقبلة، في حالة كان الفوز بالمرتبة الأولى مننصيب حزب الاستقلال أو حزب العدالة والتنمية.
لكن الملاحظ أن هذه التموقعات الحزبية، كما أشار إليها منعم لزعر، لم تبرز بوضوح حين مناقشة القوانين الانتخابية،وخصوصا في الموقف من اعتماد قاسم انتخابي جديد، حيث اصطفت جميع الأحزاب في جبهة واحدة وراء المقترح، الذيلم يرد في أي من مذكراتها، ويبدو أنه أوعز به من لدن جهات في السلطة لقيادات بعض تلك الأحزاب، في مقابل حزبالعدالة والتنمية الذي ظهر وحيدا في التعبير عن موقف رافض للمقترح المذكور.
عبد المنعم لزعر يرى أن التحالف بين معظم الأحزاب حول اعتماد قاسم انتخابي على أساس عدد المسجلين يعبّر، منزاوية التحليل العقلاني، عن "صيغة رابح رابح"، كون تلك الأحزاب تعتقد أنها "ستخرج رابحة من اعتماد قاسم انتخابيعلى أساس عدد المسجلين، لأن المقترح في حال اعتماده قد يحقق نتائج يقينية ومضمونة، على خلاف تقنية العتبة فيحدود 3 في المائة، التي استعملت في انتخابات 2016 بدون نتائج يقينية مسبقا، بعد إبطال مفعولها بواسطة التصويتالمكثف لحزب "البيجيدي"".
وبخصوص اعتماد القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين، فهو يعبر، في نظر لزعر، عن أعلى مستوى من اليقينيةبخصوص النتائج المتوقعة في انتخابات 2021، مع هامش قليل من عدم اليقينية، لكونه تقنية لن تحول دون فوز حزبالعدالة والتنمية بالمرتبة الأولى.
وبينما يرى قادة وأعضاء "البيجيدي" أن الهدف من تقنية القاسم الانتخابي الجديد هو عزل حزبهم وتحجيم قوتهالانتخابية؛ يرى لزعر أن هذه الأهداف ترمي إلى "مزيد من عقلنة العملية الانتخابية، وليس لإقصاء أي فاعل حزبي؛ لقداتفقت جل الأحزاب على القاسم الجديد، لكونه يعبّر عن صفقة مربحة للجميع". لكن لا يمكن أن نقيس حاليا تأثير هذهالتقنية على نسبة المشاركة، أو على ردود الفعل المتوقعة للناخب والمواطن إزاء القاسم الانتخابي الجديد، وهذا يعني أن"التأثيرات السياسية تبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات"، خصوصا وأنه من نتائج تنزيل القاسم الانتخابي على أساسعدد المسجلين إلغاء نظام العتبة الانتخابية، وإلغاء اللوائح الوطنية التي قد تستبدل بلوائح جهوية في الغالب.
لكن بلال التليدي، محلل سياسي وقيادي في "البيجيدي"، ينظر إلى القاسم الانتخابي الجديد من زاوية أخرى، لكونالأشهر القليلة الماضية شهدت ما وصفه ب"صراع سياسي حاد حول القوانين الانتخابية، وتحديدا حول القاسمالانتخابي".
يرى التليدي أنه في البداية "حصل التوافق على تعميم التسجيل التلقائي للشباب الذين بلغوا السن القانونية (18 سنة)، وهو المطلب الذي ظلت بعض القوى السياسية ترفضه، بحجة أنه يمثل دعما قويا لحزب العدالة والتنمية، لكنها اليومسارعت إلى قبوله، لأنه لم يعد مرتبطا باعتماد التصويت على قاعدة عدد المصوتين، وإنما صار مرتبطا بنمط آخر منالانتخاب، يسعى إلى ربط قاعدته بعدد المسجلين، أي صار توسع القاعدة الناخبة بهذا النمط الجديد، يخدم الأحزابالصغيرة، ويحرم الأحزاب ذات القواعد العريضة من الفوز بأكثر من مقعد في الاستحقاق الانتخابي المزمع إجراؤه في2021′′.
وأوضح التليدي أنه "مهما يكن من خلاف حول القاسم الانتخابي، وكذا تداعياته السياسية والديمقراطية، فإن الثابت فيالسعي لتغيير نمط الانتخاب، وربطه بالمسجلين في اللوائح الانتخابية لا المعبرين بأصوات صحيحة في الاستحقاق، هومحاولة إضعاف حزب سياسي، لم يستطع النسق السياسي برمته، على الأقل في الشروط السياسية الراهنة، أن يوجدمنافسا سياسيا له، وأن اللجوء إلى هذه الصيغة الرياضية التقنية، إنما بني على دراسة دقيقة لمراكز القوة الانتخابيةللعدالة والتنمية، لاسيما في المدن التي يحصل فيها على أكثر من مقعد".
من جهته، يرى عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الأول، أن "الهدف من وراء اعتمادقاسم انتخابي جديد هو المس بما تراكم في البلاد بالانتخابات الأخيرة من محاولة لعقلنة المشهد الحزبي والسياسي".
ويضيف اليونسي أن "إحداث التوازن داخل البنية السياسية والحزبية باللجوء كل مرة إلى تعديل تقنيات ومعطيات قانونالانتخابات، من شأنه خلق اللاستقرار في القاعدة القانونية المنظمة للانتخابات، ومن ثمة إضعاف شرعية وفعاليةالمؤسسات الناتجة عنها".
ويعتبر اليونسي أن "المشاورات بخصوص المنظومة الانتخابية في حد ذاتها مسألة إيجابية"، ويضيف أن "الجانبالإيجابي يتجلى في عنصرين اثنين؛ أولهما الانتظامية في إجراء الاستحقاقات الانتخابية، بعد إتمام الولاية التشريعيةوالولاية الحكومية والجماعات الترابية لزمنها الدستوري"؛ وثانيهما هو "منهجية الإعداد المتمثلة في الحوار والتوافق علىالنقاط الخلافية المتعلقة بهذه المنظومة". لكن اليونسي يعتبر أن "التركيز في كل مرة على الجوانب التقنية في هذهالمنظومة، ليس في مصلحة استدامة محاولة المغرب في الانتقال الديمقراطي، فالمفروض اليوم في الأحزاب أن تكون لهاالمبادرة بتقديم الأجوبة عن تحديات وإكراهات المرحلة في زمن جائحة كورونا اجتماعيا واقتصاديا واستراتيجيا أيضا"،وتابع بالقول "إن أمر معالجة تداعيات جائحة كورونا متروك للجنة معينة لا أحد يعلم طبيعتها الدستورية، ولا مدى إلزاميةمخرجاتها وموقع هذه المخرجات في العلاقة مع الوظائف الدستورية للمؤسسات الوطنية". وأردف: "بالاستناد إلىالمذكرات الحزبية بخصوص هذه المشاورات وما يرشح من أخبار من داخلها، يتضح أننا أمام رهانات رقمية تعكس الواقعالحزبي وليس السياسي".
حملات "فايسبوكية" للتشكيك
لكن القائمين على الحملة الممنهجة ضد "البيجيدي" كما يقول قادته وأعضاؤه، لم يكتفوا بآلية القوانين الانتخابية فقط، بليستعلمون وسائل التواصل الاجتماعي كذلك، وخصوصا في "الفايسبوك"، لشن انتقادات لاذعة كلما تعلق الأمر بموقفأو سلوك أو تصريح لأحد قيادات الحزب، آخر ذلك الطريقة التي تم تدبير الهجوم على القيادي في الحزب، إدريس الأزميالإدريسي، بسبب موقف له من الانتقادات التي توجه إلى البرلمانيين، واستعماله عبارات مثل أن البرلماني أو المنتخبعموما لا يمكنه أن يشتغل "بيليكي".
الأزمي قدم في مجلس النواب مرافعة طويلة دافع فيها عن دور المؤسسات، وعبّر عن موقف رافض لاستمرار صندوقالتقاعد الخاص بالبرلمانيين، ودعا إلى إلغائه، لكن منتقديه الذين شنوا عليه حملة شعواء، اقتطعوا من كلامه عبارات"البيليكي" و"الديبخشي" لشن هجوم لاذع ضده، اقترن في تدوينات وتعليقات نشطاء الفايسبوك المتزعمين للحملة ضد"البيجيدي"، بالربط بين الجشع والطمع ونيل التعويضات الضخمة، وبين قيادات هذا الحزب حصرا، كما لو أنالتعويضات يأخذها برلمانيو "البيجيدي" لوحدهم.
الهجوم على الأزمي أحدث ضجة وسط الحزب، الذي تداعى أعضاؤه للدفاع عنه، من قبيل عبد العالي حامي الدين،أستاذ جامعي وقيادي في الحزب نفسه، الذي كتب ردّا على الحملة المنظمة على حزبه منذ أشهر قائلا: "لم يعد حزبالعدالة والتنمية يواجه اليوم منافسة سياسية مع خصوم سياسيين واضحين، فمواقفه داخل المؤسسات تجعله متفوقابشكل كبير على باقي الأحزاب.. غير أن جزءا من الرأي العام بات يفضّل التعبير عن رأيه داخل فضاءات التواصلالاجتماعي، ويعبر عن انتقاداته بكل حرية لمختلف القرارات العمومية ويناقش تقديرات الأحزاب السياسية من زاويةنقدية، قد تكون حادة لكنها تبقى مقبولة، باعتبارها تصدر عن إرادة مواطنين يحلمون بمغرب أفضل وبمؤسسات تمثلهمذات مصداقية أكبر، وطبعا حزب العدالة والتنمية ليس فوق النقد". واعتبر حامي الدين أنه بالموازاة مع ذلك، "تم تجنيدبعض الأصوات الشعبوية، التي لا مصداقية سياسية لها، ولا قدرة لها على بلورة أي مشروع سياسي أو اجتماعي تنزلبه للميدان، ولا تمتلك الجرأة ولا الشجاعة لاختبار وزنها السياسي عبر الآليات الديموقراطية المتعارف عليها في العالم،وأقصى ما تملك هو الاختباء وراء هواتفها النقالة والتحول إلى ميليشيات إلكترونية لخوض حرب بالوكالة، ليس ضد حزبالعدالة والتنمية فقط، ولكن ضد أي صورة إيجابية للمؤسسات التمثيلية وعلى رأسها البرلمان (قلب النظام الديمقراطي فيالعالم)، وتعمل ليل نهار من أجل تبخيس العمل السياسي، الذي يبقى في حاجة إلى التطوير على أية حال"، وتابع: "مثلهؤلاء لا ينبغي أن يهزوا شعرة واحدة منا".
الموقف نفسه عبّر عنه رضى بوكمازي، عضو الأمانة العامة للحزب، الذي علّق بالقول إن "الأزمي الإدريسي قال جزءا منالحقيقة المرة والصادمة، التي تعبر عن جزء من الصراع حول من يجب أن يمثل الإرادة العامة، وينوب عن الناس في تدبيرالشأن العام، هل الفئات التي تود الحفاظ على مصالحها الخاصة وتنمية ثروتها من خلال مواقع المسؤولية، والتي تنفق،من أجل الوصول إلى تلك المواقع، أضعاف ما يمكن أن تمنحه الدولة على ذلك من تعويضات، أم أن الدولة هي التي يجبأن تتحمل كلفة تدبير الشأن العام، وتضمن استقلال ممثل الأمة عن كل التأثيرات الاقتصادية والسياسية، وتجعله مستقلافي قيامه بمهامه ولا يخضع لمنطق المصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة".
واعتبر بوكمازي أن هناك "إرادة مستمرة تسعى إلى إنهاك مؤسسات الإرادة الشعبية وإظهارها في صورة المستفيد، معأن الكثير من النزهاء تتضرر مصالحهم ومساراتهم المهنية، وهو ما دفع ويدفع الكثير من الشرفاء والأكفاء إلى مغادرةالسياسة والانشغال بالحياة الخاصة رغم حاجة الدولة والمجتمع إليهم، حتى يخلو الأمر لفئة لا يهمها تعويضاتالمؤسسات والهيئات، بقدر ما يهمها جعل الموقع مدخلا للاستفادة اللاقانونية وغير المشروعة، ويضيع تبعا لذلك على الأمةالكثير من مقدراتها ومصالحها وفرص تنميتها وتطويرها"، واعتبر عضو الأمانة العامة للحزب أن ما يجري يعبر عن"شعبوية قد تشكل خطرا على الأمة والمجتمع، وقد تدفع اللامعنى لتصدر المشهد وقيادته؛ صحيح أن حيوية المجتمعوديناميته أمر مطلوب وأساسي، ولا يمكن إلا أن يكون خادما للديمقراطية ولتطور الدولة والمجتمع، ولكن يجب أن تنتبهالإرادات السليمة والنوايا الحسنة إلى أن تتحول إلى أدوات خادمة لبنية فاسدة لا يهمها شيء سوى تنمية مصالحهاوثروتها الخاصة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.