بعد شهور طويلة مضت عانى فيها من المرض، سلم، زوال أول أمس الاثنين بمدينة تزنيت، القيادي والحقوقي، أحمد الدغرني، الروح إلى بارئها عن عمر يناهز 73 سنة. وكان الدغرني، الذي يعد واحدا من قدماء المحامين بهيأة الرباط، قد انتقل إلى منزله بإكرار ن سيدي عبد الرحمان في إقليمتزنيت، من أجل قضاء فترة نقاهة من المرض العضال الذي يكابده منذ سنة 2014، قبل أن يشتد عليه الوهن في الفترة الأخيرة. وأبصر الدغرني النور سنة 1947 بقبيلة أيت علي في إقليمسيدي إفني، قبل أن ينخرط في النضال الحقوقي منذ سنوات شبابه الأولى، مطالبا بكرامة الإنسان المغربي ومدافعا عن الهوية الأمازيغية والحقوق الثقافية واللغوية للأمازيغ، حتى قاده الحماس إلى تأسيس أول حزب سياسي أمازيغي في شمال إفريقية سنة 2005. "الأستاذ أحمد الدغرني ضحى بكل ما يملك من مال وجهد وتفكير، في سبيل تأسيس هذا الحزب، لإرساء أعمدة السياسة الأمازيغية، وإحداث قطيعة فكرية وفلسفية في بنيات وثوابت النسق السياسي بالمغرب منذ الحماية إلى الآن"، يقول الكاتب والصحافي الأمازيغي عبد الله بوشطارت، الذي كان واحدا من المقربين من الراحل. لقد حاول في الماضي تأسيس الحزب الديمقراطي المغربي الأمازيغي، الذي سبق لوزارة الداخلية أن منعته في أبريل 2008، معللة ذلك بأن "القانون يحظر إنشاء أحزاب بخلفية عرقية أو طائفية"، وهو ما اعتبره الراحل "بهتانا"، ذلك أن وزارة الداخلية "حلت الحزب رغبة في إغلاق باب السياسة أمام الأمازيغ وحرمانهم من ممارسة حقهم الدستوري، نعم سأكرر التجربة ليس عبر تأسيس حزب آخر، بل عبر النضال من أجل تمكين الأمازيغ من حقوقهم السياسية، وتحصيل حقهم في التمثيل السياسي"، على حد تعبير الراحل في حوار أجراه مع قناة "الحرة". وظل الراحل وفيا للقلم والكتابة في المجالين السياسي والحقوقي حتى آخر أيام حياته، إذ أصدر منتصف الشهر الجاري كتابا جديدا بعنوان: "أصول الحكم في المغرب: مقالات سياسية حول المخزن وفرنسا وشبكات الأحزاب". ويقدم الكتاب سلسلة من المقالات التحليلية والسياسية، التي كتبها الدغرني في مرحلة دقيقة من التاريخ السياسي الراهن بالمغرب، خصوصا ما بعد دستور 2011. ووَفق الورقة التقديمية للكتاب، واكب الدغرني الأحداث بالتحليل والتفكيك بمنهجية خاصة وفريدة، ترتكز على استخدام البعد الشمولي في المقاربة، من خلال فهم السياق التاريخي والاجتماعي وقياس التحولات/ الصراعات. ولا يعد هذا أول مؤلف للراحل، إذ تركا إرثا كبيرا من المؤلفات والكتب السياسية والفكرية، من بين عناوينها "حياة ابن تومرت وعبد المومن بن علي الكومي"، و"الحكومة الديمقراطية أو حكومة التناوب"، و"الانتخابات والأحزاب السياسية المغربية"، و"الكتل الاجتماعية بالمغرب"، و"دموع الغولة" (مجموعة قصصية)، و"مدينة النهاية" (رواية)، و"الحركة الأمازيغية في المغرب"، و"المؤتمر الدولي الأمازيغي في المغرب"، و"ترجمة أمازيغية لروميو وجولييت"..