غادر دار الحياة المحامي والسياسي أحمد الدغرني أمس الاثنين 20 أكتوبر الجاري بقريته "إكرار ن سيدي عبد الرحمان" بجماعة اثنين أكلو، ضواحي تيزنيت، عن سن يناهز 73 عاما، بعد استقراره ببلدته لشهور في آخر أيام حياته. ينحدر أحمد الدغرني الناشط السياسي الذي يلقبه "إيمازيغن"، ب"داحماد" (كناية عن الخبرة والتقدير ) بقبيلة "أيت علي" في "أيت باعمران" (سيدي إفني)، حيث عاش يتيما، بعدما فقد والده المدرس والقاضي في صغر سنه، ليدرس بالمعهد الإسلامي (ثانوية محمد الخامس حاليا) في تارودانت، وينتقل إلى مراكش، حيث نال شهادة الباكلوريا، ويتم دراسته الجامعية في فاسوالرباط، ويظفر بالإجازة في القانون ويلتحق بمهنة المحاماة.
التحق بمهنة المحاماة، لأول مرة، في سيدي سليمان (منطقة الغرب)، ثم انتقل بعدها إلى الرباط حيث سجل بهية المحامين بالعاصمة المغربية، ويمارس المهنة، ويجمع بين السياسة والكتابة والتأليف. مسار سياسي ونضال من أجل "تمازيغت" حينما تلتقي الدغرني لا بد أن يهمس في أذنك ويترافع من أجل "إيمازيغن" لإقرار حقوقهم في الثروة واللغة والقرار والمواقع، ولا يلبث أن يعكس لك قراءته لواقع المغرب وعلاقاته البلاد وحاكميها وصنع قراراتها وتأثيرات ذلك في الداخل والخارج. في آخر حوار أجراها موقع "لكم" مع الراحل أحمد الدغرني، زمن الحجر الصحي، يقول: نحن اليوم في وضعية تشبه تلك التي عاشها المغرب بعد الإستقلال عام 1956، وهي فرصة أخرى لإعادة بناء المغرب الجديد الذي لم ننجح في بنائه طيلة العقود الستة الماضية. بين السياسة والصحافة ونضال 20 فبراير ساهم في تأسيس "أشنيال" (بالأمازيغية العلم الأمازيغي، وترأس أول وفد أمازيغي إلى الأممالمتحدة بمعية زميله المحاميحسن إدبلقاسم بمدينة جنيف (سويسرا) عام 1993. كما أسس وأدار نشر صحيفة "تامزيغت" 1999 التي تخرج منها صحافيون مغاربة صاروا في مواقع بكبريات الصحف المغربية، وأسس مجلة "أمزداي أنامور وأدار نشرها. وفي مساره السياسي، عرف عن الرحل الدغرني قوة مواقفه الصلدة المنتقدة لأوضاع البلاد في المغرب، فهو مؤسس الحزب الديموقراطي الامازيغي المغربي عام 2005الذي واجهته الداخلية، وعضو بالمجلس الوطني لدعم ومساندة حركة 20 فبراير، وعضو مؤسس لمشروع حزب "تامونت" للحريات، التي كانت حلما له لم يتحقق بعد، بعد حل حزبه من قبل الداخلية. غزارة التأليف يجمع بين السياسة واللغة والقانون من مؤلفاته، عبد المومن: مسرحية من تاريخ الموحدين، وكتاب "المهدي بن تومرت" مسرحية من تاريخ الموحدين، والمجموعة القصصية "دموع الغولة"، ورواية "مدينة الفناء"، وتحقيق "الرحلة الوجيزة الى الحضرة العزيزية". وإلى جانب ذلك، صدرت للمرحوم الدغرني مؤلفات في السياسة واللغة والعمل المدني والقانون، من قبيل "من تراث التأليف اللغوي بالمغرب" و"الأحزاب والانتخابات بالمغرب" و"الكتل المجتمعية بالمغرب"، و"حكومة التناوب بالمغرب"، و"العمل الجمعوي الامازيغي"، و"الكونكريس العالمي الامازيغي"، و"الأمازيغية والتعديلات الدستورية"، و"أية حركة شعبية"، و"قوانين الانتخابات بالمغرب". وترجم رواية "روميو وجوليت" إلى اللغة الأمازيغية. كما صدر له أطروحته السياسية الأمازيغية "البديل الأمازيغي"، وكتب أخرى، وهي : "إموال إزرفان" و"حراك الريف"، و مقالات سياسية حول المخزن وفرنسا وشبكات الأحزاب عنونها في كتاب "أصول الحكم بالمغرب". قبل وفاته، وبحسب مقربين منه، أعد الراحل الدغرني مجموعة إصدارت لم تنشر قبل من قبيل "أيام في موريتانيا" و"الأمازيغ عند ابن خلدون"، و"يوميات حركة 20 فبراير"، ومسرحية تاريخية عنونها ب"طارق بن زياد"، و"أصول الحكم في المغرب"، و"مؤسس الكونكريس العالمي الأمازيغي". "داحماد".. قوة وعزيمة واتقاد رؤية برأي مراقبين ، فإن الراحل الدغرني دافع عن القضية الأمازيغية منذ ستينات القرن الماضي، بلا مهادنة ولا مساومة، حجرا خاصا في بيته بالرباط، منذ عدة شهور بعدما أقعده المرض إلى قريته في "إكرار ن سيدي عبد الرحمان" (تيزنيت)، وأنهكته السنون دون أن تنال من قوة عزيمته واتقاد رؤيته. ويقترح الراحل الدغرني خلاص بلاد المغرب في أنه يتعين " على المغربيات والمغاربة أن يتحدوا لإيجاد القوة لحل المشاكل الكبرى الثلاث: قضية الريف، ومشكل الصحراء، ومسألة العيش الكريم للجميع في البلاد. وعلينا أن ننهض جميعا لحل هذه المشاكل الثلاث، حتى يعيش الشعب بكاملة في سلام وأمان، وليس فقط نخبه الأنانية وأطره الفاسدة، ومخربي حياته العامة وناهبي اقتصاده وثرواته، في حواره الأخير مع موقع "لكم".