هاجر الريسوني سعيدة الكامل في الوقت الذي كانت تتوقع فيه وزارة الصحة في بداية انتشار فيروس كورونا المستجد أن 10000 إصابة هي أقصى ما يمكن أن يسجل المغرب، غير أنه بعد مرور أزيد من ستة أشهر على انتشار الجائحة، تقترب المملكة من تسجيل 100 ألف حالة، منها أزيد من 17 ألف حالة نشطة، وهو الرقم الذي فاق كل التوقعات ويساوي عشرة أضعاف ما كان متوقعا. ويبدو أن وزارة الصحة لم تكن تتوقع أن ينفجر الوضع الوبائي بعد رفع الحجر الصحي، ويسجل خلال أسبوعين فقط من شهر شتنبر 25 ألفا و287 حالة إصابة، ما جعل المغرب يتقدم ب8 مراكز في الترتيب الدولي من حيث الإصابات والوفيات، ليحتل الرتبة 38 عالميا من حيث عدد الإصابات، و44 عالميا من حيث الوفيات. وبينت الوزارة في تصريحها الصحفي النصف شهري، أن المغرب سجل خلال الأسبوع الثاني من شهر شتنبر ما مجموعه 14 ألفا و292 حالة إصابة مؤكدة، ما يشكل ارتفاعا بنسبة 30 في المائة عن عدد الإصابات المسجلة في الأسبوع الأول من الشهر ذاته، التي بلغت 10995 حالة. وفي الوقت الذي لم يكن يتجاوز فيه عدد الوفيات في شهر يونيو، أي قبل رفع الحجر الصحي، 23 حالة وفاة، سُجل خلال شهر يوليوز ارتفاع مطرد ب 125 حالة وفاة، لينفجر الوضع في شهر غشت بأكبر حصيلة لم تكن متوقعة، إذ سجلت 788 حالة وفاة، إذ تشكل أكثر من نصف حالات الوفيات المسجلة منذ تسجيل أول حالة إصابة بكورونا في المغرب. وكشفت وزارة الصحة، مساء أول أمس الثلاثاء، عن حصيلة الوضعية المتعلقة بعدد الوفيات، حيث بلغت 250 حالة في الأسبوع الأول، و217 حالة في الأسبوع الثاني، أي ما مجموعه 267 حالة. أما عدد المتعافين خلال نفس الفترة، فبلغ 8919 حالة في الأسبوع الأول، مقابل 12254 حالة في الأسبوع الثاني، أي بتزايد نسبته 37 في المائة. ورغم هذه الأرقام المخفية، إلا أن البروفيسور مصطفى الناجي يعتبر أن المغرب مازال يسيطر على الفيروس، من خلال الكشف عن حالات الإصابة والتحكم في الحالات الحرجة التي تبلغ 263، منها 58 تحت التنفس الاصطناعي. وأضاف في حديثه ل"أخبار اليوم" أن هذا الارتفاع كان متوقعا، ومن المرتقب أن ترتفع الحالات بشكل أكبر في الأيام القادمة، إثر عودة الدراسة الحضورية ودخول فصل الخريف. وبخصوص ارتفاع حالات الوفيات، يرى البروفيسور الناجي أن نسبة الوفيات متحكم فيها مقارنة مع عدد الإصابات، موضحا أن معدل الفتك لم يتجاوز 1.8 في المائة، وهي نسبة ضعيفة مقارنة مع نسبة الوفيات في العالم. وفسر البروفيسور ارتفاع حالات الوفيات بكون المصابين في حالة حرجة، يكونون لا يعرفون إصابتهم بالفيروس، وحين يصلون إلى المستشفى يكون الفيروس تمكن منهم، خصوصا أصحاب الأمراض المزمنة. أما فيما يتعلق بالإمكانيات الصحية في ظل ارتفاع الحالات، قال الناجي إن "المغرب قام بمجهود جبار في ظل ضعف إمكانياته الصحية، إذ إنه رفع من أقسام الإنعاش في المستشفيات، ومن عدد المختبرات التي تقوم باختبارات فيروس كورونا التي تجاوزت 30 مختبرا، فضلا عن مستشفيات ميدانية"، مضيفا أنه "يأتي وقت تصبح فيه المنظومة الصحية غير قادرة على استيعاب الإصابات، وهذا حدث في أمريكا وإيطاليا وعدد من دول العالم وليس في المغرب فقط". ومن جانب آخر، ومع ظهور بوادر الانتقال من فصل الصيف إلى الخريف، تبدأ أعراض الأنفلونزا الموسمية في الظهور، وهو الأمر المعتاد كل سنة، غير أن هيمنة وباء كورونا على الهواجس الصحية، تثير مخاوف بخصوص الارتباك الذي يمكن أن يحدثه ظهور أعراض الأنفلونزا الموسمية، واحتمال إثارة تشابه مع أعراض كورونا، وما ينتج عن ذلك من تخوف وقلق، الأمر الذي يشير إليه مختصون في الصحة، وينصح بعضهم بضرورة أخذ اللقاح ضد الأنفلونزا الموسمية لتجنب أي ارتباك محتمل، وهو الأمر الذي بادرت هيئة الصيادلة إلى تحفيزه، عبر طلب تمكين الصيدليات من إجراء اللقاح إلى جانب الأطباء والممرضين. ورغم أن عميلة التلقيح محصورة في الجسم الطبي، أي الأطباء والممرضين، فإن هيئة الصيادلة بالمغرب طالبت من خلال رسالة وجهتها إلى وزير الصحة بالترخيص للصيدليات بإمكانية تلقيح المواطنين(ات) ضد الأنفلونزا الموسمية، بناء على "توقعات مهنيي الصحة بحدوث تعقيدات صحية خلال موسم الخريف، الذي سيحل الأسبوع الأخير من شهر شتنبر الجاري، موازاة مع استمرار الوضعية الوبائية لانتشار فيروس "كوفيد 19′′، وتوالي ارتفاع عدد الإصابات المؤكد بشكل يومي"، حيث عللت الهيئة طلبها بكون "عملية التلقيح ضد الأنفلونزا داخل فضاءات الصيدليات من العمليات المعمول بها بعدد من الدول، تسهل عملية ولوج المرضى إلى اللقاح، لاسيما منهم الذين لا يتوفرون على إمكانات إجرائها في العيادات لأسباب متعددة، منها البعد الجغرافي مثلا وتفادي التنقل لأجل ذلك". وكانت وزارة الصحة في وقت سابق قد أعلنت عن قرارها تزويد المستشفيات بلقاحات الأنفلونزا الموسمية ولقاح المكورات الرئوية "البنوموكوك"، خلال هذا الخريف الذي يشرف على الدخول في الأسبوع الأخير من هذا الشهر (ابتداء من 21 شتنبر)، وهو ما ورد على لسان وزير الصحة خالد آيت الطالب حينئذ، حيث لفت الانتباه إلى الأضرار التي تشكلها الأنفلونزا الموسمية، خاصة بالنسبة للمصابين بأمراض مزمنة، وكذلك النساء الحوامل والأشخاص المسنين والرضع، منبها إلى عدم فاعلية هذا النوع من اللقاح ضد فيروس كورونا، إلا أنه يظل أحد الإجراءات الوقائية التي سيتم اعتمادها واللجوء إليها موازاة مع احترام التدابير الإجراءات الوقائية. من ضمن كل 100 زيارة للطبيب، فإنه عادة 1,60 من ضمنها تتم بسبب الأنفلونزا حسب إحصائيات وزارة الصحة، وبما أن زيارة المغاربة للأطباء هي نسبة محدودة، فإن هذا الرقم يظل غير معبر، حيث إن المعدل السنوي لزيارة الطبيب بالمغرب ضعيف جدا حسب الأرقام الرسمية مقابل ارتفاع معدل "التطبيب الذاتي"، فحوالي 70 في المائة من المواطنين يقتنون الأدوية من الصيدليات بشكل مباشر، وفي آخر نشرة لوزارة الصحة تحدثت عن أنه خلال السنة الفارطة، كان هناك ارتفاع للأنفلونزا الموسمية، وتم تسجيل 2,17 زيارة للطبيب بسبب الأنفلونزا من ضمن كل 100 زيارة، وفي مجمل عدد اللقاحات التي كان يتم توفيرها ضد الأنفلونزا، فإن القطاع العام وفر السنة الماضية 200000 لقاح، بينما باع القطاع الخاص 300000 لقاح التي يقتنيها بشكل مباشر من شركة "سانوفي المغرب"، التابعة للشركة الفرنسية "سانوفي" التي يوجد مقرها بباريس المختصة في بيع الوصفات الطبية، وهي نفس الشركة التي يتزود منها القطاع العام كذلك باللقاحات عبر معهد باستور. ويبقى سؤال عدد اللقاحات التي سيتم تزويد السوق المغربية بها هذه السنة بدون جواب، وقد حاولت "أخبار اليوم" الاتصال بشركة "سانوفي المغرب" وبوزير الصحة مرارا دون أي جواب، بل لم يصدر أي تكذيب رسمي لما يروج حول الرفع المرتقب لتسعيرة لقاح الأنفلونزا الموسمية الذي يدوم من شهر شتنبر إلى فبراير، حيث يروج لدى صيدلانيين(ات) أن الثمن سينتقل هذه السنة، وهي سنة الجائحة، من 72,80 درهما إلى 125,60 درهما، مع أن اللقاح لازال لم يتم توفيره بعد بالصيدليات.