مثل، أول أمس الأربعاء، أمام قاضي التحقيق المختص في جرائم الأموال العمومية لدى الغرفة الأولى بمحكمة الاستئناف بفاس، رئيس الجماعة الحضرية لمدينة الريش، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، معية أربعة أشخاص آخرين يشتبه في تورطهم في ملف اختفاء 20 طنا من شحنة الحديد المستعمل في البناء وتسليح الخرسانة من المستودع البلدي. القضية التي هزت مؤخرا المدينة، يقف وراء تفجيرها مستشار من فريق حزب التقدم والاشتراكية، المنتمي إلى الأغلبية التي يقودها "البيجيدي"، برئاسة أحمد العزوزي المتابع في هذا الملف. واستنادا إلى المعلومات التي حصلت عليها "اليوم 24′′، فإن الجلسة الأولى للتحقيق التفصيلي همت استنطاق المشتبه فيهم الخمسة في التهم التي طالبت النيابة العامة بتعميق البحث فيها، والمنسوبة إلى رئيس بلدية الريش ومن معه، وتخص "جناية اختلاس وتبديد أموال عامة"، و"المشاركة في ذلك". الأفعال الجرمية المذكورة، ينص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 241 من مجموعة القانون الجنائي المغربي، وجاء فيه، أنه "يعاقب بالسجن من خمس إلى عشرين سنة، وبغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم، كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون وجه حق، أو أخفى أموالا عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها، أو حججا أو عقودا أو منقولات موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته أو بسببها". وأضافت المصادر ذاتها أن قاضي التحقيق واجه المتهمين كل حسب المنسوب إليه، حيث بدأ بالاستنطاق التفصيلي للمشتبه فيهم الرئيسيين في هذه القضية، وهم رئيس الجماعة الحضرية للريش، أحمد العزوزي المنتمي لحزب العدالة والتنمية، والمتابع في حالة سراح بكفالة مالية حددها له قاضي التحقيق في 4 ملايين سنتيم، وزميله من نفس الحزب يشغل مهمة نائب رئيس لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة بكفالة 5 آلاف درهم، إضافة إلى الموظف المكلف بالمستودع البلدي أدى هو الآخر نفس الكفالة المالية، إذ وجه لهم الوكيل العام بفاس شبهة "اختلاس وتبديد أموال عمومية"، عقب اختفاء شحنة من الحديد المستعمل في البناء من مستودع البلدية حدد المحققون كميته في 20 طنا، فيما استمع قاضي التحقيق إلى بقية المشتبه فيهم، وهما مقاول يقوم بتموين مصالح البلدية بمختلف حاجياتها، تابعه القاضي بكفالة 6 آلاف درهم، والموظف المشرف على العمال العرضيين بالجماعة الحضرية للريش أدى كفالة 5 آلاف درهم، بعدما واجها شبهة المشاركة في جريمة اختلاس وتبديد الأموال العمومية المنسوبة لرئيس الجماعة ومن معه. وفي نهاية أول جلسة للاستنطاق التفصيلي التي خضع لها المشتبه فيهم، قرر قاضي التحقيق تأخير الملف لجلسة ال19 من شهر شتنبر المقبل، لإجراء مواجهة بين رئيس بلدية الريش ومن معه، وبين مستشار بنفس الجماعة الحضرية لمدينة الريش، ينتمي إلى فريق حزب التقدم الاشتراكية، حيث ينتظر، بحسب مصادر الجريدة، أن يعرض قاضي التحقيق على المشتبه فيهم وصاحب الشكاية، التقارير التي أنجزتها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بالجرائم المالية التابعة لولاية أمن الراشيدية، التي كشفت تحرياتها عن اختفاء 20 طنا من الحديد، جرى العثور على جزء منها بكمية تقل عن 400 كيلوغرام مخبأة وسط ركام من المتلاشيات بداخل المحجز البلدي، فيما لا يعرف مصير الكمية الكبيرة المختفية حتى الآن. هذا وعلمت الجريدة أن العزوزي، الذي نجح بعد نتائج الانتخابات الجماعية لشتنبر 2015 في الحصول على رئاسة الجماعة بدعم من مستشاري حزبه ب5 أعضاء، تحالفوا حينها مع حزب التقدم والاشتراكية ب7 مستشارين، والتجمع الوطني للأحرار بمقعدين، فيما قاد حزب الأصالة والمعاصرة المعارضة بالمجلس، (علمت) أن الرئيس قدم روايته لواقعة اختفاء 20 طنا من الحديد من مستودع البلدية، حيث صرح للمحققين بأن شحنة الحديد المختفية سبق له أن أمر بإيداعها المستودع، وسلمت للموظف المكلف بهذه المصلحة كما تثبت الوثائق، موضحا أن هذه الكمية من الحديد اقتنتها الجماعة ضمن التزاماتها في "صندوق 111" لتدبير المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية، غير أن رئيس بلدية الريش، بحسب روايته، فوجئ بتاريخ 8 يوليوز 2019، خلال توقيعه طلب عروض مفتوحة لبيع المتلاشيات والمعدات المستغنى عنها التي تملأ المستودع البلدي، باختفاء شحنة من الحديد وكمية من "البارود" مازالت الفرقة الأمنية المختصة تجري أبحاثها فيها. هذا وعلق العزوزي على هذه القضية في "الفايسبوك" قائلا إنه "خلافا لما يروجه الشامتون من مغالطات واتهامات باطلة في شأن موضوع شحنة الحديد وغيره، بهدف التشويش والتشهير في محاولة مكشوفة لتحريف الحقائق وتزييف الوقائع، فإن الأمر معروض على أنظار القضاء لتعميق البحث والتقصي، وهي المسطرة الكفيلة وحدها بإظهار الحقيقة وفك رموز هذه القضية"، مشددا في رسائله لخصومه السياسيين داخل الجماعة على أن "حبل الكذب قصير وطريق الادعاء عسير".