في وقت لازالت تتوالى موجة ردود الفعل الغاضبة والمستنكرة لعملية هدم المقهى الموريسكي في قصبة الأوداية بالرباط، خرجت كل من "جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة" و"جمعية ذاكرة الرباطسلا"، لتؤكد أن الأمر يتعلق ب"مشروع ترميم المقهى الموريسكي، والذي يندرج في إطار مشروع كبير يشمل تأهيل قصبة الأوداية بكاملها". الجمعيتان وفي بلاغ توصل به "اليوم 24" أوردتا أن "الرأي العام تتبع مؤخرا وبقلق كبير الإعلان عن مشروع ترميم المقهى الموريسكي بقصبة الأوداية، باعتبارها أحد رموز التراث الثقافي غير المادي لمدينة الرباط"، وذلك في بلاغ مشترك عقب اجتماع انعقد الثلاثاء الماضي بحضور رئيس جمعية رباط الفتح، عبدالكريم بناني، ورئيس جمعية ذاكرة الرباطسلا، فكري بنعبدالله، ووالي جهة الرباطسلاالقنيطرة والمدير الإقليمي لوزارة الثقافة. ويهدف المشروع، بحسب الجمعيتين إلى "إعادة بناء بعض المواقع والبنايات المعمارية على شكلها الأصلي، طبقا للدراسة التي تم إنجازها حول أثر هذا التدخل على الموقع التراثي، وطبقا للوثائق التاريخية والصور الفوتوغرافية التي تؤرخ لهذه المواقع". وأوضح المصدر ذاته أنه على مستوى البنية التحتية، تبين من خلال تدخل مكتب للدراسات، أن الموقع الذي يحتضن المقهى يعاني من مشاكل هيكلية خطيرة، بسبب الإضافات والتدخلات التي شهدها خلال العقود الأخيرة، والتي أدت إلى تعرض الأرض والجدران والدعامات للتعرية، بالإضافة إلى تآكل فولاذ الخرسان المسلح، وتعرض الدعامات الخشبية للتلف وعدم وجود أساسات لبعض الدعامات. وأشارت الجمعيتان إلى أن هذه المعطيات تؤكد أن الموقع، الذي يستقبل أعدادا كبيرة من المواطنين المغاربة ومن السياح، مهدد بالانهيار. أما من الناحية المعمارية، فشددت الجمعيتان على أن هذا المشروع سيحافظ على الهوية الحقيقية للموقع دون تغيير، كما سيتم الحرص على إزالة كل الإضافات أو التدخلات التي عرفها، والتي قوضت معالم الواقع المعماري التاريخي لهذا المكان الراسخ في الذاكرة الجماعية للمغاربة. وفي هذا الصدد، اتفقت الجمعيتان على العمل على التشاور في المستقبل، بشكل استباقي، مع جميع الجهات المعنية بالتراث ومن بينها المجتمع المدني وسيمكن هذا التواصل من تجنب أي مشكل قد يظهر في المستقبل، ويعيق حصول إجماع حول مبادرة أو مشروع من هذا النوع. واتفق الطرفان، أيضا، حسب المصدر ذاته، على إنشاء لجن تتبع لتنفيذ كافة المشاريع الحساسة التي لها علاقة بالتراث المادي وغير المادي لمدينة الرباط، المصنفة ضمن التراث العالمي. وخلصت الجمعيتان إلى التأكيد أن مشروع ترميم المقهى الموريسكي بقصبة الأوداية، يمنح لكل الفاعلين في مجال الحفاظ على التراث المادي وغير المادي فرصة فتح صفحة جديدة، على درب العمل المشترك والتعاون خدمة لقضايا التراث. يذكر أن وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، كانت قد أعلنت في مستهل يونيو 2020 عن إطلاق طلبات عروض خاصة بمشروع تصميم تهيئة، خاص بالحفاظ على قطاع قصبة الأوداية وضابط التهيئة المتعلقة به. ويهدف طلب العروض المطروح أمام المقاولات المغربية إلى تقديم تصاميم خاصة بقصبة الأوداية. وكان من المتوقع أن يعرض على أنظار المجلس الجماعي لمدينة الرباط وكذا مقاطعة حسان، غير أن ذلك لم يتم بحسب ما أكده مصدر منتخب ل"أخبار اليوم"، استنكر بدوره عدم إشراك المجلس البلدي للمدينة في هذه العملية.ويرتبط تهيئة الأوداية بمشروع تهيئة ضفتي نهر أبي رقراق، الذي دشنه الملك محمد السادس بتاريخ 7 يناير 2006، حيث يمتد فوق مجال تتعدى مساحته 6 آلاف هكتار، ويعد من بين أبرز المواقع التاريخية. وكان الملك محمد السادس أطلق في 2014 برنامج تهيئة الرباط تحت شعار: "الرباط مدينة الأنوار.. عاصمة المغرب الثقافية"، الذي يهدف إلى تثمين الموروث الثقافي والحضاري للمدينة والحفاظ على الفضاءات الخضراء والبيئة وتحسين الولوج للخدمات والتجهيزات الاجتماعية وتقوية وتحديث تجهيزات النقل وإنعاش الأنشطة الاقتصادية وتعزيز البنيات التحتية الطرقية.