تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالحفاظ على صفة التراث الثقافي العالمي لمسجد آيا صوفيا بإسطنبول مع فتحه للعبادة مجدداً، وهو الأمر الذي أثار جدلا في أوساط دولية عدة. وفي كلمة له اليوم الثلاثاء، وعلى خلفية الإنتقادات الشديدة التي وجهتها عدد من الدول بينها فرنسا وفرنسا إلى تركيا، أكد أردوغان أن السلطات التركية هي من حوّلت آيا صوفيا، سابقا إلى متحف بقرار خاطئ في الماضي، وأضاف: "وها نحن نعيده إلى مسجد مجدداً"، مشيرا إلى أن عدد الكنائس والكنس في تركيا يفوق بأضعاف عدد المساجد بأوروبا. وأكد أردوغان، في كلمة عقب ترؤسه اجتماعاً للحكومة بالمجمع الرئاسي في أنقرة، على الحفاظ على صفة التراث الثقافي العالمي لآيا صوفيا ب"نفس الطريقة التي عمل بها الأجداد" مع إعادته إلى وظيفته الأصلية مسجداً. وتطرق أردوغان إلى الانتقادات الغربية لهذه الخطوة، ولفت إلى أن دور العبادة لغير المسلمين في تركيا تفوق 4 أو 5 أضعاف عدد المساجد في أوروبا. وأوضح أن هناك دار عبادة واحدة لكل 460 شخصاً غير مسلم في تركيا، مقابل مسجد واحد لكل 2000 مسلم في أوروبا. وأكد الرئيس التركي في أكثر من مناسبة، أن قرار إعادة فتح مسجد آيا صوفيا بمدينة إسطنبول للعبادة هو شأن داخلي ويتعين على بقية الدول احترامه. وكانت المحكمة الإدارية العليا التركية، قد ألغت الجمعة الماضية، قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 نونبر 1934، الذي قضى بتحويل آيا صوفيا من مسجد إلى متحف. وأكدت المحكمة الإدارية، أنها درست القضية من حيث التشريعات ذات الصلة، والمحكمة الدستورية، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وكان بابا الفاتيكان، بالإضافة إلى حكومات فرنسا وألمانيا بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة قد عبرو عن مواقف منتقدة لقرار تركيا تحويل آيا صوفيا إلى مسجد. و أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن فرنسا تأسف للقرار التركي تحويل متحف "آيا صوفيا" إلى مسجد. وقال لودريان في بيان له، إن "فرنسا تعرب عن أسفها لقرار مجلس الدولة التركي بشأن تغيير وضع متحف آيا صوفيا ومرسوم الرئيس رجب طيب أردوغان حول نقل الإشراف عليه إلى إدارة الشؤون الدينية". وأضاف أن هذا القرار "يعرض للخطر إحدى أبرز الخطوات الرمزية في تاريخ تركيا المعاصرة والعلمانية"، داعيا للحفاظ على سلامة هذا الموقع التاريخي المدرج على قائمة منظمة "يونيسكو" للتراث العالمي الثقافي. كما عبر البابا فرنسيس أول أمس الأحد عن شعوره بالألم لقرار تركيا تحويل متحف آيا صوفيا في إسطنبول إلى مسجد، وقال خلال عظته الأسبوعية في ساحة القديس بطرس "فكري مشغول بإسطنبول. أفكر في القديسة صوفيا والألم يعتصرني". من جهته أعرب ماركوس غروبل مفوض الحكومة الألمانية للحريات الدينية عن أسفه للتطورات الأخيرة، مبرزا أن "للبناية (المعلمة) دلالات تاريخية عميقة بالنسبة للمسيحية كما هي أيضا بالنسبة للإسلام. وفي حال حدوث تغيير في الوضع فيجب أن يظل مكانا للقاء والتبادل بين الديانتين". وفي أوّل تعليق رسمي من حكومة دولة عربية، قالت وزيرة الثقافة والشباب في الإمارات نورة بنت محمد الكعبي إن التراث الثقافي يمثل إرثاً بشرياً يجب المحافظة عليه وعدم استغلاله وتغيير واقعه عبر إدخال تعديلات تمس جوهره الإنساني. وتابعت الكعبي في بيان أصدرته اليوم إن تغيير وضع "آيا صوفيا " في إسطنبول لم يراع القيمة الإنسانية لهذا المعلم التاريخي، الذي لطالما شكل إرثاً عالمياً وقيمة ثقافية وتراثية، وجسراً لتقريب الشعوب وتعزيز الروابط المشتركة فيما بينها.