أثمرت سلسلة مشاورات أطلقها الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، مع شخصيات من التيارات التي كانت تتشكل مؤخرا لمعارضة طريقة إدارته للحزب، على "نتائج مشجعة" بخصوص تقريب وجهات النظر، واستعادة المبادرة مجددا قبيل عقد دورة المجلس الوطني للحزب حيث سيجري تشكيل مكتبه السياسي. المشاورات أجريت خصيصا وفقا معلومات حصل عليها "اليوم 24" مع كل من العربي المحارشي، رئيس هيئة منتخبي الحزب، وحكيم بنشماش، الأمين العام السابق للحزب، ثم مجموعة مراكش التي يقودها أحمد التويزي. وهبي اجتمع في مناسبات منفصلة مع كلا من المحارشي وبنشماش، بينما تكلف قياديون آخرون بتنسيق جهود المصالحة مع التويزي في مراكش. وقبل المحارشي من حيث المبدأ، بالمصالحة، والمضي قدما، وفي كتلة واحدة بجانب الأمين العام وجماعته، وأخبر أمينه العام باستعداده الانخراط في مسلسل إدارة الحزب وفق منظور القيادة الجديدة. لكنه مع ذلك، طلب مهلة للتشاور مع جماعته بغرض إقناعها بالانضمام إلى المصالحة. وما زال لم يرد جواب من المحارشي حتى الآن، لكنه أظهر مرونة كبيرة في المباحثات مع أمينه العام، بل ولوح بقدرته على الانضمام وحيدا في حال ما إذا رفضت جماعته أن تنضم لاتفاق المصالحة. ولم تتسرب تفاصيل إضافية عن الطريقة التي بواسطتها أقنع وهبي رجل الأعيان هذا لقبول تسوية داخلية، وما إذا كانت قد قُدمت عروض لنيل مناصب داخل الحزب. المحارشي كان دوما ومنذ المؤتمر الرابع للحزب حيث ساعد على تنفيذ سلسلة تنازلات من خصوم وهبي، يتطلع إلى الاحتفاظ بمنصبه رئيسا لهيئة منتخبي الحزب، لكن وهبي قرر تغييره، وحتى ضمه إلى المكتب السياسي كان مستبعدا. في المقابل، خلص الاجتماع بين وهبي وسلفه بنشماش، إلى "تسوية سلبية" وفق تعبير مصدر مطلع، حيث كشف بنشماش لأمينه العام بأنه غير معني بأي مصالحة، لأن مستقبله السياسي قد انتهى. "طلب من وهبي عدم الاهتمام به، وأوضح بنشماش صراحة بأنه ليس له أي هدف مستقبلي في الحزب، وليس لديه أي نية للتقدم لأي منصب سياسي أو انتخابي بعد الآن، ولن يتقدم لتجديد منصبه رئيسا لمجلس المستشارين، وبأنه بمجرد أن تنقضي ولايته الحالية، سينسحب بشكل تام من الحياة العامة". وبالنسبة إلى وهبي، فقد كان ضمان حياد بنشماش الذي طالما استُخدم اسمه من لدن جماعته، للاستدلال على بروز تيار معارض داخل الحزب، نتيجة جيدة في سياق ترتيبات المصالحة الجارية. كذلك، فإن أعضاء الحزب بمراكش الذين يقودوهم أحمد التويزي كانوا يشكلون مصدر قلق بالنسبة لقيادة الحزب، ولكن المباحثات التي قادها قياديون بالحزب، مثل سمير كودار والحبيب بنطالب، أفرزت قبول التويزي الذي كان آخر القياديين الذين عارضوا وهبي في جهة مراكشآسفي، بمضامين المصالحة. وهذه الجهة تعد معقلا لمناصري وهبي، ومنها تتحدر رئيسة المجلس الوطني للحزب، فاطمة الزهراء المنصوري، وكان التويزي قد بقي وحيدا في هذه الجهة، قبل أن ينضم الآن. ولئن شملت مباحثات المصالحة الشخصيات البارزة وأعيان الحزب الكبار، فإنها لم تبالي ببعض المتمردين الذين ينظر إليهم داخل القيادة الجديدة ك"أفراد قليلي القيمة"، ويقصدون بها تكتلا شكله جمال شيشاوي، وعبد المطلب أعميار وحسن التايقي. وقال مصدر من المكتب السياسي المصغر، "إن هؤلاء خارج حسابات القيادة، وإذا ما كانت لديهم رغبة في البقاء في الحزب، فإن الباب مفتوح، وغير ذلك، فإن أرض الله واسعة". يشار إلى أن وهبي أطلق سلسلة من الاجتماعات أيضا على صعيد بعض الجهات التي عرفت توترات بسبب التعيينات الجديدة لمنسقين جهويين وإقليميين، وقال مصدر مقرب من وهبي إن هذه الاجتماعات أفلحت في الوصول إلى تهدئة واسعة، تراجع بموجبها بعض الأعضاء عن استقالاتهم.