بعد تسجيل أكبر حصيلة منذ ظهور فيروس كورونا المستجد في المغرب خلال يوم واحد، تقدر بأزيد من 500 حالة، أغلبها مصدرها مصانع الفراولة بمنطقة لالة ميمونة، خرجت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب الدولة بتحميل أرباب المعامل والضيعات الفلاحية تكلفة العلاج، لردعهم حتى لا تتكرر مثل هذه البؤر، حيث أوضح أصحاب هذه الدعوات أنه لا يمكن أن يتحمل المغاربة دافعو الضرائب استهتار أرباب الوحدات الصناعية والضيعات الفلاحية بإجراءات السلامة الصحية للعمال. ورغم هذه الدعوات، فإن السلطات نقلت جميع المصابات والمصابين بفيروس كوفيد-19 إلى المستشفى الميداني لبنسليمان، غير أنه لم يجر استقبالهم بسبب نقص الأسرة الشاغرة، وهو ما دفع السلطات إلى إنشاء مستشفى ميداني بجماعة سيدي يحيى الغرب سيخصص لاستقبال حوالي 700 حالة إصابة التي اكتُشفت بهذه البؤرة. وبخلاف الدعوات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبر نعم ميارة، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أنه يجب على الدولة أن تستمر بالتكلف بجميع الحالات المسجلة بفيروس كورونا دون استثناء، مضيفا: «سبق وأن طالبنا الحكومة بأن تعتبر الإصابات التي تقع داخل الوحدات الصناعية والضيعات الفلاحية تدخل ضمن حوادث الشغل، وأن تغطي الحماية الاجتماعية للأجراء مصاريف علاجها، لكن ذلك لم يُفَعَّل». وأضاف ميارة، في حديثه ل«أخبار اليوم»، أن عودة الوحدات الصناعية للعمل ترتبط أساسا باحترام شروط السلامة الصحية، وذلك من خلال مراقبة لجان التتبع لهذه الإجراءات، وزاد: «لكن لا يمكن مراقبة كل الوحدات بسبب نقص الإمكانيات المادية والبشرية بسبب النقص الهائل في عدد مفتشي الشغل بوزارة الشغل، والذين يتمحور دورهم في مراقبة وتتبع هذه الوحدات». من جانبه، اعتبر عمر العباسي، النائب البرلماني، أن موضوع فيروس كورونا لا يحتاج إلى الشعبوية، لأن الدولة منذ البداية تحملت مسؤوليتها التاريخية وعبأت 2 مليار لعلاج المصابين، وأضاف: «من الناحية الأخلاقية، تقع على عاتق أرباب المصانع مسؤولية توفير إجراءات السلامة الصحية للعمال بشكل صارم»، مؤكدا أنه لا يمكن أن يستمر اقتصاد البلد على حساب حياة المواطنين، خصوصا أن أغلب العمال من الفئات الهشة. وأكد العباسي أنه سبق وأن جرى التحذير داخل البرلمان من البؤر الصناعية عدة مرات، وهو ما يجعل مساءلة الحكومة حول الموضوع أمرا ضروريا وملحا، مضيفا أن «ظهور مثل هذه البؤر يعني أنه ليست هناك مراقبة وتتبع للوحدات الصناعية والضيعات الفلاحية بالشكل الذي يجنبنا هذه البؤر»، وأضاف: «لا يمكن الإساءة لهذا المجهود الوطني الذي بذل في مواجهة الجائحة بعدم احترام شروط السلامة الصحية». من جهة أخرى، وبخصوص تكلفة علاج المصابين بفيروس كورونا، قال الدكتور مصطفى كرين إن تكلفة العلاج تختلف حسب مرحلة المرض، موضحا أن «تكلفة المريض الذي أدخل إلى الإنعاش أكبر بكثير من تكلفة علاج المريض الذي لديه أعراض خفيفة، حيث تعالجه وزارة الصحة بدواءي الكلوروكين وأزيتروميسين وتعزله مدة 14 يوما». واعتبر كرين أن المرضى الذين يصلون إلى مرحلة الإنعاش تكون تكلفة علاجهم باهظة، خصوصا أن الأجهزة المستعملة ثقيلة وغالية الثمن، كما أنهم يحتاجون إلى طاقم طبي دائم متكون من طبيب إنعاش وطبيب تخدير وطبيب قلب وجهاز تنفسي، لكن القليل من المصابين يرقدون في الإنعاش، وأغلب الحالات إصابتهم طفيفة، حسب كرين. وتعليقا على الدعوات إلى تحمل أرباب العمل تكاليف علاج الحالات المسجلة بالمعامل، يرى كرين أن «هذا المنطق الانتقامي يجب تجنبه»، موضحا أن «صاحب المعمل إذا كان يدفع بشكل منتظم مصاريف التأمين والتغطية الصحية والاجتماعية، فإن ذلك كاف»، مشيرا إلى أنه «يجب أن تفرض ذعائر على عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية دون الدخول في هذا المنطق الانتقامي لأنه خطير جدا». هذا، وأعلن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أنه تقرر فتح تحقيق في هذا الشأن من لدن لجنة مكونة من وزارات الصحة، والفلاحة، والشغل، والداخلية لتحديد المسؤوليات. وحسب وزير الداخلية، فقد تقرر تشديد قيود الحجر الصحي بمجموعة من الجماعات التابعة لأقاليم القنيطرة ووزان والعرائش، التي يأتي منها عمال الوحدات المذكورة، داعيا مواطني ومواطنات هذه الجماعات إلى الالتزام بالحجر الصحي التام «لكي نتغلب في القريب العاجل على هذه البؤرة، وتعود الحياة إلى طبيعتها في هذه المنطقة». وأشار لفتيت إلى أن اكتشاف حالات الإصابة بهذه البؤرة الوبائية جاء في إطار التحاليل التي تنجز في جميع الوحدات الصناعية والتجارية وغيرها، وهو ما مكن من اكتشاف هذه البؤرة والتحكم فيها بسرعة، مؤكدا أنه جرى الشروع في إجراء التحاليل لجميع مخالطي الحالات المصابة، وهي العملية التي مازالت مستمرة..