بعد المؤشرات المشجعة لنتائج تطور وباء فيروس كورونا المستجد بالمغرب، وإثر قرار اعتماد خطة مغايرة في إطار تخفيف حالة الطوارئ بالبلاد، لمواجهة تداعيات الجائحة العالمية؛ فتحت مجموعة من المحلات التجارية في الشوارع والواجهات بجهة الدارالبيضاءسطات، أبوابها لاستقبال الزبائن وفق ضوابط وشروط التدابير الاحترازية المتخذة بتنسيق مع السلطات المحلية، في حين لا يزال الغموض يلف "القيساريات" والأسواق الكبرى الشهيرة ك"درب عمر" و"كراج علال" و"سوق القريعة"، التي أغلقت بعد عمل يوم واحد، بينما واصل "درب غلف" نشاطه بحذر. ومباشرة بعد إعلان الحكومة المغربية عن الخطة الجديدة للتخفيف من حالة الطوارئ، بعدما صادق المجلس الحكومي، خلال اجتماعه الاستثنائي، على مرسوم يقضي بتمديد سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بكل أرجاء المغرب لمدة شهر إضافي؛ جرى عقد اجتماعات ماراطونية بين مختلف الفاعلين في الميدان التجاري مع البشوات والقياد والعمال، في إطار دراسة الوضعية الراهنة لكل منطقة على حدة، وإيجاد حلول مناسبة لجميع الأطراف، وهي الاتصالات التي لازالت قائمة إلى الآن بين ممثلي وزارة الداخلية وممثلين عن التجار، بقصد استئناف دوران العجلة التجارية دون المساس بالتوجهات العامة في مواجهة فيروس كورونا والحد من انتشاره. وفي هذا الصدد، أفاد عبد الفتاح الطنوري، رئيس الاتحاد العام للتجار والحرفيين بالمغرب، أن الاتصالات متواصلة مع وزارة الداخلية بخصوص إيجاد صيغة مرضية للتجار والمهنيين، وفي نفس الوقت تحافظ على استقرار الوضع الوبائي بالبلاد، والاستمرار في اتخاذ التدابير الاحترازية والوقائية في التعامل مع الزبائن في افتتاح المحلات التجارية وعودة العجلة إلى الدوران، مشيرا إلى أن الأمر موحد تقريبا في سائر جهة الدارالبيضاءسطات. وأوضح الطنوري، في اتصال مع "أخبار اليوم"، أنه جرى تقديم مقترحات إلى المسؤولين بوزارة الداخلية المشرفين على مراقبة الوضع التجاري، مضمنا فكرة اشتغال المحلات التجارية ب"القيساريات" بطريقة التناوب، حسب النسبة التي تراها السلطات المسؤولة، مقترحا نسبا تتراوح ما بين 50 و30 في المائة، مشيرا إلى أن تنسيقا جرى على مستوى مجموع قيساريات مدينة الجديدة على سبيل المثال، وأبدى الجميع استعداده للعودة إلى العمل وفق الشروط المقترحة، وهو الأمر الذي لا زالت السلطات تتدارسه قبل اتخاذ قرار مناسب فيه في الأيام القليلة المقبلة. "درب عمر" و"كراج علال" و"سوق القريعة" أكبر محور تجاري بالدارالبيضاء، ونتيجة اجتماعات ماراطونية يوم الأربعاء الماضي المتزامن مع آخر يوم في المرحلة الثانية، وتمهيدا لانطلاق مرحلة جديدة لحالة الطوارئ الصحية؛ جرى افتتاحها يوم الخميس المنصرم وسط إجراءات احترازية متفق عليها بين التجار والسلطات المحلية، غير أن التجار فوجئوا بإخبارية في مساء اليوم نفسه بضرورة الإغلاق مرة ثانية، وانتظار الأوامر العليا الصادرة عن وزارة الداخلية، مع الإبقاء على المحلات التجارية في الواجهة مفتوحة. الطيب أجيك، رئيس جمعية اتحاد تجار والمستوردين كراج علال، أكد أن الافتتاح يوم الخميس الماضي كان بتشاور وتوجيه مع السلطات المحلية، غير أن قرار الإغلاق مرة أخرى أثار حفيظة التجار الذين يعيشون وضعا غير مسبوق وركودا اقتصاديا سيقود حتما عددا منهم إلى حافة الإفلاس، خاصة مع استمرار إغلاقهم للشهر الرابع على التوالي، وهو ما نجمت عنه مشاكل جمة وجب اتخاذ قرارات بشأنها لإيجاد حلول تخفف من وطأة الخسائر الكبيرة المتوقعة في القطاع. وأوضح الطيب أجيك عن تنسيقية اتحادات التجار، في اتصال مع "أخبار اليوم"، أن اجتماعات عبر تقنية التناظر عن بعد، جمعتهم كممثلي التجار ب"درب عمر" و"كراج علال" و"سوق القريعة"، متمثلة في جمعية اتحاد تجار والمستوردين "كراج علال"، وجمعية اتحاد التجار ومهنيي "درب عمر"، وجمعية وفاق "القريعة" للتجار والصناع وأصحاب الخدمات، بكل من سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، ومولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، في إطار سلسلة التواصل والمشاورات التي دشنتها الحكومة نهاية ماي المنصرم استعدادا للمرحلة الحالية، والتخفيف التدريجي للطوارئ الصحية بالمغرب، حيث جرى التطرق إلى مجموعة من المشاكل التي يعانيها القطاع بسبب الجائحة، نجم عنها تجهيز مقترحات وتقديم مذكرة للمسؤولين في هذا الشأن، وهي المذكرة الرابعة في فترة الحجر الصحي التي قدمها التجار للوزارة. وتحدث أجيك عن الأزمة الكبيرة التي يعيشها تجار الأسواق الكبرى للجملة بالدارالبيضاء، والتي تمثل أهم قطب تجاري بالجملة في المغرب، واصفا الوضع باشتعال "المصباح الأحمر"، موضحا أن انعدام السيولة والأوراق البنكية والسلفات والسلع المركونة في المستودعات، وانتهاء مدة صلاحية بعض الأنواع من السلع؛ كلها مشاكل تقود التجار إلى الإفلاس، مشيرا إلى أن قرار الإغلاق كان صعبا، خاصة بعد افتتاح يوم الخميس المنصرم، والأمر بالإغلاق مرة أخرى دون مبرر، موضحا أن الأسواق كانت تحترم كافة التدابير الاحترازية والوقائية الصحية، علاوة على خلوها تقريبا من الزبائن، على اعتبار أنها أسواق جملة ونصف جملة، كما أن عددا مهما من الزبائن يأتون من مدن مختلفة، وبما أن حالة الطوارئ الصحية تضع قيودا كبيرة على التنقل خارج المدن، فإن التجار لن يجدوا كيف سيصرفون السلع، مضيفا أن تجار الجملة بسوق "القريعة" في المحلات الخارجية ورغم اشتغالهم، فإن تجارتهم متوقفة تقريبا لضعف إقبال الزبائن. وفي سوق "درب غلف" الوضع مختلف تماما، ففي الوقت الذي سارع فيه "درب عمر" و"كراج علال" و"القريعة"، إلى افتتاح المحلات وانطلاق التجارة الخميس المنصرم، أي اليوم الموالي لقرار التخفيف من حالة الطوارئ الصحية، قرر تجار "جوطية درب غلف" التريث قليلا وتعميق النقاش والمشاورات مع السلطات المحلية التي أفرزت اتفاقا على الافتتاح السبت الأخير، مع التشديد في تطبيق الشروط الملائمة للتدابير الاحترازية والوقائية لتفادي انتشار فيروس كورونا، أو تحول "الجوطية" إلى بؤرة وبائية، كما حصل في أسواق ومراكز تجارية أخرى. وأوضح عبد الله المتوكل، رئيس جمعية سوق النجد "درب غلف"، أن الاتفاق مع السلطات المحلية فرض تغييرا كبيرا على مظهر وأزقة السوق، حيث جرت توسعة الأزقة لتسهل التنقل بين الزبائن دون احتكاك، وإزالة سقوف الأزقة لتهوية المحلات التجارية، وضرورة استعمال الشريط العازل داخل المحلات، وتفادي الاكتظاظ داخلها. وأضاف المتوكل، في اتصال مع "أخبار اليوم"، أن سوق "درب غلف" المعروف على الصعيد الوطني، عاد إلى نشاطه النسبي يوم السبت المنصرم، موضحا أنهم فضلوا عدم الاشتغال يوم الخميس الماضي والاكتفاء بتنظيف محلاتهم وتهيئة السوق لإعادة الافتتاح بطريقة سليمة، مشيرا إلى أنه جرى الاتفاق مع السلطات المحلية لتعقيم السوق من طرف عمال البلدية يوم الجمعة، على أن يشرع التجار في افتتاح محلاتهم يوم السبت، وهو ما تم بنجاح، مشيرا إلى أن تنسيقا تم مع قائد المقاطعة 11 وباشا المنطقة، لتيسير الاشتغال بالطريقة الجديدة وفق التدابير الوقائية، مضيفا أن لجنة مكونة من التجار تتوزع على أبواب "الجوطية" لتوعية الزبائن والتجار على السواء بضرورة الالتزام بشروط التباعد والاحتياطات الواجبة، لضمان استمرارية افتتاح أبواب السوق ومواصلة عجلته الاقتصادية في الدوران.