رغم الاستفزازات المستمرة لبعض كبار المسؤولين الفرنسيين للمغرب والمغاربة، والتوترات الدبلوماسية المعلنة وغير المعلنة بين البلدين في السنوات الأخيرة، فإن فرنسا مازالت تعتبر حليفا عسكريا رئيسا للجيش للمغربي إلى جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية. في هذا الصدد، أماطت الصحيفة الفرنسية «LaTribune» اللثام عن عدد من الأنظمة المدفعية الذاتية من طراز «قيصر»، والتي طلبها المغرب في إطار الصفقة التي أبرمها في يناير الماضي مع شركة الصناعة الحربية الفرنسية «Nexter» بقيمة 200 مليون أورو. وكشف المصدر ذاته، في إطار حديثه عن شراء دولة التشيك الأنظمة المدفعية نفسها «قيصر/Caesar» من فرنسا بقيمة 224 مليون أورو، أن المغرب اشترى 36 منظومة مدفعية من طراز «قيصر» قيد الصنع من شركة «Nexter»، مبرزا أن هذا النوع من الأسلحة المتطور حصلت عليه ستة جيوش أجنبية فقط. وفي هذا الصدد يوضح المصدر قائلا: «أصبحت المنظومة المدفعية «قيصر» إحدى أكثر المنتجات الموجهة للتصدير، مبيعا»، وتابع أن شركة «نيكستر» قامت ببيع أكثر من 300 منظومة مدفعية من طراز «قيصر» إلى الجيوش الأجنبية، خاصة السعودية التي اشترت 132 منظومة مدفعية قيصر، وإندونيسيا 55 منظومة، والدنمارك 18 منظومة، والتايلاند منظومات»، وأخيرا، كما كشفت ذلك «La Tribune»، اختار المغرب 36 نسخة من هذه المنظومة المدفعية بقيمة 200 مليون. ويتوزع هذا المبلغ الأخير بين المنظومة المدفعية «قيصر» بقيمة 170 مليون أورو، وذخيرتها ب30 مليون أورو. وقد أكدت صحيفة «Capital» الفرنسية هذه المعطى المرتبط بعدد المنظومات التي طلبها المغرب، قائلة: «طلب المغرب 36 نسخة (من Caesar) في يناير الماضي، حسب مصدر مطلع على الملف»، كما أن 36 منظومة «قيصر» المغربية مازالت قيد الإنتاج، حيث كان من المرتقب التوقيع على العقد في الزيارة التي كان سيقوم بها ماكرون إلى المغرب في 12 فبراير الماضي، قبل أن تؤجل بسبب فيروس كورونا. من جانبه، أوضح عبد الرحمان المكاوي، الخبير المغربي في الشؤون العسكرية، ل«أخبار اليوم»، أن هذه المنظومات المدفعية «تعزز الدفاعات الأرضية للمغرب، خاصة الدفاعات المحمولة على ظهر الشاحنات»، شارحا أن هذه التعزيزات «تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة غليانا كبيرا، وشركة «نيكستر» معروفة بإنتاجها الأسلحة المتطورة، وبهذه المشتريات يكون المغرب قد عزز دفاعاته ضد كل المخاطر التي قد تواجهها القوات البرية الملكية». وتتميز المنظومة المدفعية «قيصر» بفعاليتها ونجاعتها في تحديد وضرب الأهداف المسطرة، وهي عبارة عن صواريخ مجنحة تعمل بالليزر، وتتحكم فيها أنظمة إلكترونية، وتكمن دقتها العالية في مكوناتها التكنولوجية المتطورة، وتسمى «منظومة مدفعية» لكونها تضم العديد من الصواريخ وليس صاروخا واحدا، لهذا، اشترى المغرب 36 منظومة. وأضاف المكاوي أن المغرب دولة حليفة لفرنسا، وتجمعهما عدة روابط تاريخية وثقافية واقتصادية، ومعروف أن مركبات الصناعات الحربية في فرنسا عالية الجودة وباهظة الثمن، فمثلا، طائرة الرفال التي تنتجها فرنسا تساوي الواحدة منها 148 مليون أورو، لذلك، كل الأسلحة الفرنسية غالية الثمن. وعن شراء المغرب 36 منظومة مدفعية، يبين المكاوي أن «الثمن هو الذي يحدد المنظومات الدفاعية المركبة على الشاحنات المحصنة أو المجنزرة التي يمكن شراؤها، وبناء على ذلك، يمكن قراءة العدد من زاوية الثمن، وكذلك، من زاوية الجودة العالية للأسلحة الفرنسية مقارنة بالأسلحة الروسية أو الصينية». هذا، ولم يُكشف عدد أنظمة الدفاع الجوي الأرضية قصيرة المدة «VL-Mica» التي اشتراها المغرب من شركة الصناعة الحربية الفرنسية «MBDA» بقيمة 200 مليون أورو في يناير الماضي. وبلغت قيمة صفقتي «Nexter» و«VL-Mica» نحو 400 مليون أورو. ومن أجل مواجهة تكاليف الصفقة الثانية، قام المغرب بتوقيع اتفاق مع البنك الفرنسي «NP PARIBAS»، في 28 أبريل المنصرم، بهدف تمويل العقد التجاري بين الجيش المغربي والشركة الفرنسية. في السياق نفسه، يبدو أن اعتماد المغرب على الأسلحة الفرنسية يقلق الإسبان، إذ تطرق موقع «ديفينسا»، القريب من الاستخبارات العسكرية الإسبانية، إلى شراء المغرب 36 منظومة مدفعية من طراز قيصر المتطورة التي تتوفر عليها بلدان قليلة، مذكرا بأن «فرنسا باعت المغرب أسلحة بقيمة 1.8 مليار أورو ما بين 2008 و2018، والتي تشمل فرقاطة FREMM بقيمة 470 مليون أورو سنة 2008 (من شركة Naval Grup)، وقمرين اصطناعيين ذوي الاستعمال العسكري بقيمة 585 مليون أورو سنة 2013 (من شركتي Airbus y Thales)». وأضاف المصدر ذاته أن صادرات الأسلحة الفرنسية إلى المغرب كانت ضعيفة قبل 2008. ويظهر، كذلك، التخوف الإسباني من التعاون العسكري بين الرباط وواشنطن، إذ أشار موقع «ديفينسا» إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تحولت إلى المصدر الأول للأسلحة للمغرب، كاشفا أن «المغرب ينوي شراء نظام M109A6 Paladin بمدفع عيار M284 155mm/L39 من أمريكا هذه السنة أو السنة المقبلة». ويقول المصدر ذاته عن هذا النظام المدفعي المتطور إنه يستطيع إطلاق كميات كبيرة سحب الظرفية. ومع ذلك، يظن المكاوي أن المغرب يشتري الأسلحة التي تلبي حاجياته وترد كل المخاطر التي قد تهدد البلاد، كما أنه يشتري الأسلحة من الشركاء التقليديين مثل أمريكاوفرنسا وإسبانيا، فضلا عن دول أخرى مثل روسيا والصين. وخلص المكاوي إلى أنه بغض النظر عن التوجس المحتمل الذي قد تثيره الصفقات الأخيرة لدى الجوار، فإن مشتريات المغرب من الأسلحة تخضع لمعايير موضوعية معينة وحاجات معينة في ظرفية معينة تشهدها المنطقة برمتها.