هذه أحوال الطقس لهذا اليوم الأحد بالمملكة    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    وزير الخارجية الأمريكي يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    هجوم ماغدبورغ.. دوافع غامضة لمنفذ العملية بين معاداة الإسلام والاستياء من سياسات الهجرة الألمانية    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 16 جنديا و8 مسلحين في اشتباكات شمال غرب البلاد    "سبيس إكس" الأمريكية تطلق 30 قمرا صناعيا جديدا إلى الفضاء    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي        تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري            اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال بدومة يكتب: نجمة اليوسفي
نشر في اليوم 24 يوم 05 - 06 - 2020

لم يكن عبدالرحمان اليوسفي ملاكا، لكنه ربط السياسة بالأخلاق، وبقي نقيا، زاهدا في المصالح والامتيازات، لذلك أحبه المغاربة. الرجل تحول في السنوات الأخيرة إلى أسطورة حية، لأنه كان مقلاّ في الكلام، والصمت يضفي على صاحبه هالة من القداسة، خصوصا إذا امتزج بالعفة ونظافة اليد. عرّاب “التناوب التوافقي” عرف كيف يبقى كبيرا في زمن الصغار، لذلك استطاع أن يجمع المغرب الشعبي والرسمي في صف واحد، ووُدِّع بالورود والمناديل. صحيح أن التشييع لم يحضره أكثر من عشرة أشخاص، بسبب الوباء، لكن جنازته كانت “مهيبة” على وسائل التواصل الاجتماعي، كرّمه الناس من مختلف الأجيال والأطياف والطبقات، قلما اهتم المغاربة برحيل سياسي مثلما اهتموا بصعود اليوسفي إلى السماء.
قريبا من السماء، يمكن أن نقول إن اليوسفي كانت معه نجمة ترافقه، وتنير له الطريق، بخلاف كثير من رفاقه في الحركة الاتحادية، الذين لا يقِلّون عنه أهمية، لكن ينقصهم حظه، مما جعلهم يقفون في الجهة الخطأ من التاريخ. محمد الفقيه البصري كان في صف قيادي متقدم، خلال العشرين سنة التي تلت الاستقلال، لكن “الاختيار الثوري” جعله يتقهقر إلى الصف الثاني، ويعيش على هامش الأحداث، بعد المؤتمر الاستثنائي لعام 1975، في الوقت الذي حدس فيه اليوسفي أهمية المحطة، وبعث برسالة صوتية إلى المؤتمر، جعلته في قلب الحركة الجديدة، رغم وجوده في المنفى. أما محمد اليازغي، فقد كان يفترض أن يخلف عبدالرحيم بوعبيد، لأنه وريثه الشرعي، وأكثر من يجسّد الخيار “الاشتراكي الديمقراطي” في حزب “القوات الشعبية”، لكن حظه السيئ جعله يقف في المكان الخطأ، دائما، وضاعت منه الكتابة الأولى عام 1992، بسبب الصراع مع نوبير الأموي، وعندما حاول أن يستعيد المبادرة، وسيطر على التنظيم، كان الأوان قد فات، وانقلبت عليه الكائنات التي صنعها بيده، ليجد نفسه يخرج من الباب الضيق. لم يقتله الطرد الملغوم وقضت عليه حقيبة فارغة. نجمة المهدي بنبركة وعمر بنجلون انطفأت مبكرا. هكذا شاءت أيادي الغدر. وماذا عن عبدالرحيم بوعبيد؟ ماذا لو كُتِب له أن يعيش سنوات أطول، وحدّثه الحسن الثاني عن “السكتة القلبية”؟ هل كان “التناوب” سيكون هو “التناوب”؟ هل كان سيسفر عن النتائج عينه؟
“التناوب التوافقي” كان يصبو إلى تحقيق هدفين: انتقال هادئ إلى الحكم من الملك إلى ولي عهده، وانتقال سلس للسلطة من الاستبداد إلى الديمقراطية. الهدف الأول تحقق، والثاني فشل. الحكم انتقل من الحسن الثاني إلى محمد السادس بسلاسة أدهشت العالم. وعندما أقال “الملك الجديد” وزير الداخلية إدريس البصري، ورفع الحصار عن عبدالسلام ياسين، وأعاد أبراهام السرفاتي إلى بلاده، لم يكن محمد السادس يفعل شيئا آخر غير الضغط على “اكسيليراتور” السيارة التي وضعها الحسن الثاني على طريق معبّد في اتجاه “الديمقراطية”، لكن بدل أن تواصل السير على “الأوتوروت”، انحرفت فجأة، وسارت نحو المجهول…
عام 2002، استطاع “الاتحاد الاشتراكي” أن يحتل المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية التي جرت في 27 شتنبر، وفي الوقت الذي كان الجميع يترقب تثبيت اليوسفي على رأس الوزارة الأولى، لتسريع وتيرة الإصلاحات، استقبله الملك في مراكش يوم 9 أكتوبر 2002 لمدة ربع ساعة وقال له: شكرا على المشاركة… والبقية تعرفونها.
بلَعَ اليوسفي خيبته وألقى خطابه الشهير في بروكسل يوم 25 فبراير 2003، وهو بمثابة وصية سياسية شديدة الوضوح، يختمها بهذه الخلاصة القاسية:
“لقد كان قبولنا بقيادة تجربة التناوب مخاطرة أخذنا فيها في الحسبان المصلحة الوطنية وليس المصلحة الحزبية. واليوم، وقد انتهت هذه التجربة بدون أن تفضي إلى ما كنا ننتظره منها، بمعنى التوجه نحو الديمقراطية عبر خطوات تاريخية إلى الأمام، التي ستشكل قطيعة مع ممارسات الماضي، فإننا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام متطلب وطني يلزمنا بالانتظار سنتين، على أمل أن نرى إمكانية تحقق الحلم في انتقال هادئ وسلس نحو الديمقراطية، ونتمنى أن لا نفقد في المستقبل القريب ملكة الحلم والقدرة عليه”.
انتهى الكلام، على رأي عبدالإله بنكيران، الذي زلق على “قشرة بنان” مماثلة في سياق مختلف، أكثر من عشر سنوات بعد ذلك.
فهم عبدالرحمان اليوسفي أن فيلم “التناوب” قد انتهى، وقَنع بالدور الذي لعبه، وبالجوائز التي حصدها، رغم أنه لم يكن راضيا تماما عن الإخراج والحبكة والبناء الدرامي. النجمة كانت معه، مرة أخرى، وأوحت له أن يخرج من السياسة ويدخل إلى التاريخ!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.