يبدو أن فيروس “كورونا” المستجد، بدأ يتلاشى شيئا فشيئا ببلدنا، بحسب ما عبرت عنه المؤشرات الوبائية التي رصدتها وزارة الصحة خلال الأسبوع الأخير، والتي كانت إيجابية بشكل غير مسبوق منذ ما يزيد عن الشهرين، كما أن الوزارة تسابقا الزمن استعدادا للمرحلة المقبلة بتنزيلها لمخططات تهدف إلى الرفع من القدرة على إجراء اختبارات الكشف عن فيروس كورونا المستجد. المؤشر الوبائي يستقر أخيرا تسير المملكة بخطوات ثابتة نحو باب الخلاص من الجائحة، بحسب ما أكدته وزارة الصحة، أول أمس الأحد، بإعلانها رسميا أن الحالة الوبائية بالمغرب “تتحسن”، خاصة وأن مؤشر انتشار فيروس “كورونا” المعروف علميا ب R0 استقر وطنيا تحت عتبة 0.8، إذ يتأرجح بين 0,73R و0.70R منذ ما يقرب الأسبوعين، وهي الفترة الطبية الكافية للتثبت من استقرار المنحنى الوبائي ببلدنا، بحسب ما أكده مصدر من وزارة الصحة، مشددا أن هذه المؤشرات الإيجابية التي يسجلها المغرب تأتي “بفضل الإجراءات الشجاعة والاستباقية التي اتخذتها السلطات منذ بداية ظهور الوباء ببلدنا، فضلا عن الالتزام الجماعي بتدابير الحجر الصحي الموصى بها، والتزام المواطنين بإجراءات التباعد الاجتماعي، التي وإن كانت دخيلة على ثقافتنا المجتمعية إلا أنها تصب في مصلحة الفرد والجماعة والوطن”، على حد تعبير مصدرنا. في الآن عينه، شدد المصدر المسؤول بوزارة الصحة، أن “استقرار المؤشر الوبائي وتمكننا من السيطرة على الوباء وتطويقه لا يعني أننا بلغنا طوق النجاة وانتهى الموضوع”، يقول المتحدث، الذي عبر عن تخوفه من ظهور موجة ثانية من المرض على شكل بؤر عائلية أو مهنية أو سكنية، قد تكون أشد من الموجة الأولى، في حالة وقع ارتباك على مستوى الالتزام بالإجراءات الموصى بها بعد رفع الحجر في العاشر من شهر يونيو الجاري. المتحدث ذاته، أوضح أن “استقرار هذا المؤشر وطنيا تحت عتبة 0.8، لا يعني، أيضا، أن الخطر زال، خاصة أنه هناك تفاوتات على الصعيد الجهوي بحكم الحالات الجديدة، فيما جهات أخرى تتصدر معدل الإصابات الجديدة بشكل يومي، وعلى رأسها جهة الدارالبيضاء التي لا يمكن اعتبارها في مأمن تام، إذ لاتزال فوق R1، أيضا كل من جهة مراكشآسفي وجهة طنجةتطوانالحسيمة، اللتين بدأ مؤشرهما الوبائي ينخفض بشكل طفيف”. وكان هذا المؤشر في بداية شهر مارس في حدود 3 بالمغرب، وبعدها وصل إلى 1,70 ثم 1,40؛ بينما تنتظر وزارة الصحة أن ينخفض هذا المؤشر إلى أقل من 0.7 لإعطاء الضوء الأخضر إلى الحكومة من أجل إعلان رفع حالة الطوارئ الصحية. مختبرات متنقلة في الحواضر والبوادي.. وردا على سؤال الإجراءات التي ستتخذها وزارة الصحة تجنبا لظهور موجة ثانية من الإصابة بالجائحة بعد رفع إجراءات الحجر الصحي في العاشر من شهر يونيو الجاري، يقول المصدر المسؤول، إن الوزارة الوصية قامت بإنزال مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تطويق الوباء ومنع تفشيه حتى بعد رفع الحجر، مع الاستمرار في تكثيف الإجراءات المرتبطة بالكشف المبكر عن المرض. ولتوضيح الفكرة أكثر، يقول المصدر في حديثه ل”أخبار اليوم”، إن الوزارة شرعت رسميا في تجهيز مختبرات متنقلة للتحليلات الطبية، ستجوب عددا من المناطق سواء الحضرية أو القروية، وستكون عبارة عن مختبرات قريبة من المواطن تهدف إلى التسريع من وتيرة الزمنية للتشخيص عبر التشخيص المحلي، مما سيسرع من وتيرة التتبع الصحي للمخالطين، كذلك، وعملية التطويق والاستباق، ثم أخيرا العلاج المبكر للمرض في مراحله الأولى ووفقا للبروتوكول العلاجي المعتمد ببلدنا. وهذه المختبرات المتنقلة للتحليلات الطبية، التي من المرتقب أن تبدأ رسميا رحلتها بين الأقاليم والمدن، في الأيام القليلة المقبلة لتكون قريبة من المحلات السكنية للمواطنين، هي عبارة عن شاحنات من الحجم المتوسط يشرف عليها طاقم من الممرضين والتقنيين، جرى تجهيزها من قبل المعاهد الوطنية للصحة تحت إشراف وزارة الصحة. وزارة الصحة تمنح تراخيص لمختبرات بالأقاليم الجنوبية تأتي هذه المختبرات المتنقلة في إطار المخطط الجديد للوزارة الذي يهدف إلى رفع من عدد الاختبارات اليومية من خلال توسيع شبكة مراكز الفحص على مجموع جهات المملكة، إذ بدأت الوزارة رسميا في تنزيل هذا المخطط من خلال بلوغ عدد الفحوصات اليومية إلى حدود نهاية الأسبوع الماضي 12 ألف كشف يومي. ومن المرتقب أن تبلغ عدد الفحوصات التي سيجري إجراؤها مستهل الأسبوع الجاري، ما يزيد عن 17 ألف كشف، وذلك بالموازاة مع الانطلاقة الفعلية للمختبرات المتنقلة السابقة الذكر، وأيضا، أخرى ثابتة جديدة حصلت مؤخرا من طرف الوزارة على ترخيص الاعتماد لفحص “كوفيد19″، في كل المدن التي تعرف كثافة سكانية عالية، في الدارالبيضاءومراكش والأقاليم الجنوبية. وشرعت الوزارة، أيضا، في اعتماد مختبرات ثابتة أخرى في كل من مدينتي الداخلة والعيون، واللتين أصبح بمقدورهما إجراء اختبار كوفيد 19، بعدما كانت هذه الكشوفات التي تخص الجهات الجنوبية تجرى على مستوى مدينة أكادير. هذا، وستزود المدن الجنوبية بما فيها السمارة، كلميم وبوجدور بمختبرات متنقلة من المرتقب أن تكون قريبة من المواطنين خلال الفترة المقبلة، تخفيفا من الضغط وتسريعا لوتيرة اكتشاف المرض في مراحله الأولى لتحقيق العلاج. تطبيق “وقايتنا”.. رسميا في الهواتف وبالموازاة مع الاستعدادات التي تسابق الزمن السابقة ذكرتها أطلقت وزارة الصحة أمس الاثنين تطبيقا هاتفيا للإشعار باحتمال التعرض لعدوى فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” بالمغرب تحت مسمى “وقايتنا”. ويدخل إطلاق هذا التطبيق ضمن حملة وطنية واسعة للتحسيس تحت شعار: “بوقايتنا….نبقاو على بال”، وذلك بهدف تشجيع المواطنين على مواصلة تبني الإجراءات الوقائية للحد من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، وتثبيته متاح على مَتْجَرَي غوغل بلاي وآب سطور Google Play & App store للتطبيقات الهاتفية، وعلى الموقع الإلكتروني www.wiqaytna.ma ابتداء من يومه الاثنين. ويأتي هذا التطبيق لتعزيز النظام الحالي لتتبع الحالات المخالطة والتكفل بها، الذي تم إرساؤه من طرف وزارة الصحة وأتثبت فعاليته، حيث لايزال هو الآلية الرئيسة المعمول بها. وتجدر الإشارة إلى أن تطبيق “وقايتنا”، الذي يعتمد على استخدام تقنية البلوثوت، ويُستعمَل على أساس طوعي محض، سيقوم بإشعار مستعمليه في حالة ما إذا كانوا على تقارب جسدي وثيق لمدة معينة مع مستعمل آخر تم تأكيد إصابته بمرض كوفيد-19 في غضون21 يوما، التي تلت هذه المخالطة، حيث ستقوم فرق وزارة الصحة بتقييم خطر التعرض للإصابة، ومن ثَمَّ التواصل مع الأشخاص المخالطين إذا دعت الضرورة ذلك. جرى إنجاز هذا التطبيق في إطار شراكة بين كل من وزارة الصحة ووزارة الداخلية، وبتعاون مع وكالة التنمية الرقمية، والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، ومساهمة تطوعية ومجانية من طرف الشركات المغربية الخبيرة في هذا المجال، كما تم اعتماده من طرف اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، بالإضافة إلى أن شيفرته المصدرية مفتوحة المصدر. وتهيب وزارة الصحة بالمواطنات والمواطنين إلى الانخراط في التدابير الوقائية الأربعة في عاداتهم اليومية، كما تدعو مختلف الفاعلين الجمعويين والقطاع الخاص، ووسائل الإعلام، وجميع المواطنات والموطنين إلى المساهمة بشكل فعال وكبير في هذه الحملة الوطنية التحسيسية.