متاعب الاقتصاد الوطني تكاد لا تنتهي بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا وما صاحبه من فرض تدابير الحجر الصحي، حيث امتدت هذه التداعيات لتشمل الودائع البنكية التي تأثرت خلال الشهرين الأخيرين بشكل غير مسبوق نتيجة عمليات سحب النقود من الشبابيك والوكالات البنكية. البيانات الأخيرة، التي كشفت عنها مذكرة بنك المغرب حول المؤشرات الرئيسة للإحصائيات النقدية لشهر أبريل 2020، تفيد بزيادة غير مسبوقة للنقود المتداولة (الكاش)، حيث بلغت قيمتها 278 مليارا و481 مليون درهم في شهر أبريل الماضي، مقارنة مع 26 مليارا و604 مليون درهم في مارس، أي بزيادة قدرها 11.87 مليار درهم أو 4.5 في المائة. ومقارنة بين أبريل الماضي ودجنبر من السنة الماضية زادت الأموال المتداولة نقدا بنحو 28 مليارا و255 مليون درهم، أي ما يمثل زيادة قدرها 11.3 مليار درهم، علما أن مستواها في دجنبر كان في حدود 250 مليارا و227 مليون درهم. لكن التغيير الأكبر هو الذي جرى تسجيله على أساس سنوي، حيث زادت عمليات السحب من المؤسسات البنكية ما رفع معدل النقود المتداولة (الكاش) بنسبة 17.5 في المائة بين أبريل من سنة 2019 وأبريل من سنة 2020، حيث بلغت الزيادة نحو 41 مليارا و473 مليون درهم وهو معدل يتجاوز بكثير المعدل المسجل على مدار السنة والذي يكون عادة في حدود 11 في المائة. وإلى جانب هذا “التسرب” الكبير للنقود، تسجل بيانات مذكرة بنك المغرب، حول المؤشرات الرئيسة للإحصائيات النقدية، تراجعا في الودائع البنكية منذ بداية السنة ب 4.17 مليار درهم متراجعة من 948 مليارا و597 مليون درهم عند نهاية دجنبر الماضي إلى 944 مليارا و427 مليون درهم عند نهاية أبريل الماضيأ ما يمثل تراجعا نسبته 0.4 في المائة. وتتزامن هذه الوضعية الجديدة مع استمرار الحكومة في محاولات إقناع المغاربة بإيداع سيولتهم النقدية في البنوك وهو ما كان موضوع إجراءات جديدة تضمنها قانون المالية لهذه السنة ينص على تطبيق عفو على كل من يتوفر على أموال أو دخول متأتية من نشاط مهني أو فلاحي لم يصرح بها. ويُحدد سعر المساهمة في نسبة 5 في المائة من مبلغ الموجودات المودعة لدى الأبناك أو المحتفظ بها في شكل أوراق بنكية. ويستفيد المصرح من عفو شامل، إذ يُعفى من أداء المستحقات الضريبية المحددة وفق القانون العام، كما أنه يستفيد من السرية، إذ إن المؤسسة البنكية هي التي تتكفل بكل العملية، وتعتبر مسؤولة أمام الإدارة في ما يتعلق بالمبلغ المحدد للعفو. وتدوم مدة تطبيق المساهمة من فاتح يناير إلى 30 يونيو المقبل. ويمكن تمديد الأجل مدة شهرين قابلة للتجديد مرة واحدة، ما يمدد الفترة إلى نهاية أكتوبر المقبل، وهو ما قد تلجأ إليه الحكومة حيث شكلت فترة الحجر الصحي ما يشبه فترة جمود لهذا الإجراء وهو ما عبر عنه محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، خلال كلمته في المجلس الإداري للاتحاد العام لمقاولات المغرب الأسبوع الماضي، حيث أشار إلى إمكانية تمديد فترة العفو من أجل تمكين الراغبين من الاستفادة بعد انتهاء أزمة كورونا. وكانت مديرية الضرائب كشفت بداية السنة عن إجراءات جديدة ستهم الأشخاص الذاتيين الذين لهم موطن ضريبي بالمغرب برسم الأرباح أو الدخول المتأتية من نشاط مهني أو فلاحي، لم يتم التصريح بها قبل فاتح يناير 2020، برسم الضريبة على الدخل طبقا لمقتضيات المدونة العامة للضرائب. وتضم الفئات المعنية بالدورية الجديدة المتوفرين على أموال مُودَعة في حسابات بنكية أو محتفظ بها في شكل أوراق بنكية، وكذا المقتنين لعقارات غير مخصصة لغرض مهني بواسطة هذه الأموال خلال السنوات غير المتقادمة، إضافة إلى المُنجِزين بها لعمليات سلفات مدرجة في الحسابات الجارية للشركاء أو حساب المستغل أو عمليات قروض ممنوحة للغير.