أثارت استقالة 7 أعضاء من المكتب المسير للجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة بجهة طنجة، بسبب “تجارة الكمامات”، ضجة كبيرة داخل إحدى أهم جمعيات النسيج في المغرب. فما هي خلفيات هذه الاستقالة؟ حسب نص الاستقالة الموقعة في 14 ماي، فإن الأسباب تتعلق ب”سوء تدبير عملية صنع الكمامات الواقية” ذات الهدف الخيري والتضامني، وتحول عملية صنع الكمامات “من عملية خيرية وتضامنية إلى عملية تجارية محضة، دون علم أعضاء المكتب والمنخرطين في الجهة”، وتهمة “استغلال المناصب والتموقع لدفن أهداف الجمعية على المستوى الوطني”. أحد الأعضاء الموقعين وضح ل”أخبار اليوم” تفاصيل هذه الاتهامات. فمنذ بداية أبريل، اتصل رئيس جمعية النسيج محمد بوبوح بالأعضاء وحثهم على الانخراط في مبادرة تضامنية، بتوفير 4 ملايين كمامة وتوزيعها مجانا في الجهة. وبوبوح الرئيس الوطني للجمعية له معامل في طنجة. وفعلا صدر بلاغ بهذا الشأن في 8 أبريل، يعلن بأن غرفة الصناعة والتجارة والخدمات في جهة الشمال، ستقوم بشراكة مع الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، ومسيري شركات النسيج، بتوزيع 4 ملايين كمامة مجانا على سكان الجهة، قبل متم شهر أبريل الجاري، بتنسيق مع المصالح الإدارية. يقول مصدر “أخبار اليوم”، الذي فضل عدم ذكر اسمه، وهو من الموقعين على بلاغ الاستقالة: “توصلنا برسالة عبر البريد الإلكتروني، قصد الانخراط في هذه العملية التضامنية مجانا”، وفعلا بدأت بعض الشركات في الإنتاج وتوزيع الكمامات. لكن وقعت المفاجأة حين تبين أن رئيس الجمعية ومسؤولين آخرين لهم معلومات لم يخبروا بها المكتب، حول “تسويق الكمامات وثمنها” وتبين أنه جرى الشروع فعلا في عملية بيع الكمامات، بعدما تم تغيير معايير تصنيعها. في الأول كانت الكمامات تعتمد على مادة البوليستير، ثم أصبحت من الثوب، أي القابلة للاستعمال أكثر من مرة، وهي التي تباع في الصيدليات بنحو 60 درهما للوحدة. وبعد ذلك، تبين لأعضاء الجمعية أن رئيسهم وبعض الأعضاء “استغلوا معلومات من وزارة التجارة والصناعة لأغراضهم الشخصية وشرعوا في تسويق الكمامات”. ومما زاد الطينة بلة تأكيد وزير التجارة والصناعة بالبرلمان، بأنه تواصل مع رئيس الجمعية محمد بوبوح، وطلب منه توفير كمية من الكمامات من الثوب، مشيرا إلى أنه تمكن من تعبئة عدة شركات لإنتاج ما يناهز 3 ملايين كمامة، وأنه تم تخصيص 2 مليون كمامة لوزارة الداخلية، فيما قام الرئيس ببيع 200 ألف في السوق. هذا التصريح، يقول المصدر “كان بمثابة صدمة”، فكيف طلب رئيس الجمعية من أعضاء المكتب الانخراط في مبادرة خيرية، في حين قام هو رفقة رئيس المكتب الجهوي ببيع الكمامات للدولة. وحسب المصدر، فإن “كلفة بيع مليونين و200 ألف كمامة”، هي 11 مليون درهم، أي أنه تم تحقيق أرباح من وراء الصفقة. قبل تصريح الوزير كان أعضاء الجمعية قد تساءلوا عما يروج وطلبوا من الرئيس الجهوي جمال الدين الميموني عقد اجتماع، وإصدار بلاغ ضد سوء استخدام المعلومات لمصالح ذاتية، لكن الرئيس امتنع عن إصدار أي بلاغ، وطلب مهلة 48 ساعة، قبل أن يصدر تصريح الوزير الذي أفاض الكأس. ومع ذلك، طلب أعضاء المكتب من الرئيس الجهوي الاجتماع وإصدار بلاغ توضيحي، لكنه رفض. بعدها قرر الأعضاء السبعة تقديم استقالتهم من الجمعية، علما أن عدد أعضاء المكتب 12. يقول المصدر إنه تبين أن الرئيس الوطني للجمعية والرئيس الجهوي بالشمال، أخفيا المعلومات المتعلقة بتسويق الكمامات لخدمة مصالحهم الشخصية. أما المبادرة الخيرية بتوزيع الكمامات مجانا في الشمال، فقد أُجهضت ولم يتحقق هدف توزيع 4 ملايين كمامة. ويتوقع أن تعرف هذه الفضيحة مزيدا من التفاعلات والاستقالات.