تفيد الأخبار الواردة من وراء الكواليس أن جميع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية منخرطة في دراسة السيناريوهات الممكنة للخروج من حالة الطوارئ الصحية المفروضة منذ 20 مارس الماضي. ويأتي ذلك بينما انخرطت 15 دولة أوروبية في التخفيف من قيود وإجراءات حالة الحجر منذ مطلع الشهر الجاري، بل إن دولا مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وتركيا أعلنت بشكل رسمي عن استراتيجيات شاملة للخروج من حالة الحجر الشامل، وهي دينامية دفعت مسؤولين، سواء في الحكومة مثل وزير الداخلية أو وزير الصحة، إلى التعبير عن بعض المقترحات الأولية بخصوص المرحلة الموالية ليوم 20 ماي، حيث استنتج البعض وجود تصورات مختلفة لم تستقر بعد على أساس مشترك. هذا التفكير في الخروج من حالة الحجر الصحي، محكوم بمقاربتين: الأولى، تؤكد على ضرورة الحد من خسائر الاقتصاد والمقاولة، وهي المقاربة التي دفعت الوزير الأول في دولة كبرى مثل فرنسا، إلى تبرير استراتيجية بلاده للتخفيف من قيود الحجر الصحي أعلن عنها الثلاثاء الماضي أمام الجمعية الوطنية الفرنسية بالخوف من “الانهيار”. في المقابل، تبرز مقاربة أخرى يدافع عنها من يحذرون أن يؤدي التخفيف من إجراءات الحجر إلى موجة ثانية للوباء تقضي على الجهود التي اتخذت خلال فترة الحجر الصحي. وتقترح التجارب الدولية على المغرب أربع مقاربات/ سيناريوهات للتغلب على الفيروس والخروج من وضعية الحجر الصحي؛ المقاربة الأولى، تؤكد على ضرورة التعايش مع الفيروس من خلال تغيير نمط الحياة، وهي مقاربة تنطلق من أن الفيروس سيبقى إلى فترة غير معروفة، وبالضبط حتى إيجاد اللقاح، الذي قد يستغرق عاما على الأقل، وفي انتظار أن يجيب العلم والطب عن الأسئلة العالقة حول طبيعة الفيروس وقدراته على الانتشار والقتل. المقاربة الثانية، تتعلق بالفحص الشامل قبل وخلال فترة رفع الحجر الصحي، لأنها تقنية فعالة قد تمكن من اكتشاف المصابين، بمن فيهم أولئك الذين لا تظهر عليهم أعراض المرض ويمكن أن ينقلوا العدوى إلى غيرهم دون قصد منهم، ومن شأن الفحص الشامل أن يؤدي إلى اكتشاف المصابين، وبالتالي عزلهم وعلاجهم. أما المقاربة الثالثة، فتقوم على الاستعانة بالتقنية من أجل محاصرة الفيروس، تتمثل في إرساء منظومة تكنولوجية للتعقب والتتبع، وهي منظومة تسمح للأجهزة الأمنية بتتبع المرض قبل الإصابة وبعدها، من أجل معرفة المخالطين له، وهذه المنظومة بقدر ما تساعد في التعرف على المريض ومخالطيه بسرعة كبيرة، بل وتعقيم الأماكن التي مر منها، والتي يمكن معرفتها من خلال نظام التتبع، تساعد كذلك في الاستباق لمعرفة بؤر الوباء التي قد تظهر في أي منطقة. مقاربة رابعة، تقدمها التجارب الأوروبية تتمثل في استراتيجية “توقف، ثم تقدم Stop and go، تقوم على فرضية أن الأوبئة معدية، وأن الذين يحملون الفيروس دون أعراض يمكنهم نقل الفيروس لغيرهم عند رفع الحجر الصحي، مما قد يؤدي إلى موجة ثانية للفيروس نتيجة رفع الحجر الصحي. مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات، محمد مصباح، يرى أن أفضل طريقة للخروج من هذا الوضع، هي وضع خطة دقيقة ومحددة وقابلة للتنفيذ يجري فيها التوازن بين حماية حياة الناس وبين ضرورة الانفتاح الاقتصادي. ويحذر مصباح من أن تفاقم الأزمة الاقتصادية قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي، ما يستدعي مرافقة هذا الخروج بأجندة سياسية. من جانبه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبدالرحيم العلام، يقول إنه إذا انضاف إلى الأزمة الاجتماعية أزمة ثقة وأزمة سياسية فسندخل في المجهول، داعيا بناء على ذلك إلى حل مشكلة المعتقلين “كي نعبر من الأزمة نحو طريق توافقي بدون مزايدات ولا مشاكل”. فيما يرى النائب البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، عمر بلافريج، أن الحاجة إلى طرح سياسي جديد قائمة أصلا ولا يرتبط بالأزمة الصحية الحالية. “لكن ما أتمناه مباشرة بعد نهاية أزمة كورونا أن ندخل في مرحلة انفراج سياسي حقيقي يجب أن يبدأ بإطلاق سراح المعتقلين”، يقول بلا فريج. مضيفا أن “مقترح قانون العفو العام الموجود في البرلمان هذا هو وقته، خاصة حينما أسمع العديد من الفرق السياسية التي جددت هياكلها ومنها البام تتحدث عن الانفراج، ومادام هناك إجماع أو شبه إجماع على إطلاق سراح معتقلي الحراك والصحافيين، فما الذي يحول دون ذلك، خاصة وأن الأمر يمكن أن يخلق جوا جديدا لبناء مغرب جديد، خصوصا أن لدينا فرصة الانتخابات سنة 2021”.