رغم صعوبة التحرك والتنقل، داخليا وخارجيا، منذ فرض الحجر الصحي وحالة الطوارئ من لدن السلطات المغربية والجزائرية والتونسية والليبية والإسبانية ابتداء من منتصف مارس الماضي، فإن الشبكات الإجرامية العابرة للحدود، المتخصصة في تهريب الحشيش المغربي، واصلت نشاطاتها في محاولة لاستغلال انشغال الأجهزة الأمنية بأزمة فيروس كورونا المستجد من أجل تدارك الخسائر الكبيرة التي تكبدتها منذ سنة 2018. ذلك ما كشفته معطيات رسمية جديدة، لكن الخطير في الأمر هو تجرؤ هذه الشبكات على تهريب الحشيش انطلاقا من السواحل المغربية مرورا بالسواحل الجزائرية والتونسية، مع التوقف في السواحل الليبية قبل العودة إلى ساحل «مثلث إيبيريا» بإقليم كتالونيا بإسبانيا. علما أن هذه المنظمات قادرة على شحن 6 أطنان من الحشيش، بقيمة تزيد على 35 مليار سنتيم، في قارب واحد. في هذا الصدد، كشف الأمن الكتالاني والإسباني، أنه فكك شبكة إجرامية عابرة للحدود كانت تحاول منذ سنة 2019 أن تفرض نفسها بديلا قويا لكل الشبكات الأخرى في مراقبة طريق الحشيش بين المغرب و«مثلث إيبيريا» بكتالونيا، أي طريق شرق المتوسط، حيث حُجز لدى الشبكة المفككة في عمليتين أمنيتين كبيرتين 11 طنا من الحشيش المغربي تبلغ قيمته في السوق 66 مليار سنتيم تقريبا، كما جرى اعتقال 16 مهربا إسبانيا وجزائريا وتونسيا، وملاحقة مغاربة، فضلا عن حجز أربعة قوارب مخصصة لتهريب المخدرات، وثلاث عربات، ومعدات إلكترونية ووثائق. وأوضح الأمن الإسباني أنه تمكن، صباح يوم 26 مارس الماضي، في المياه الدولية، من اعتراض قارب خرج من المياه المغربية محملا بخمسة أطنان من الحشيش في طريقه إلى شرق إسبانيا عبر ليبيا، حيث جرى اعتقال أربعة مهربين مشتبه بهم يحملون الجنسيات الإسبانية والتونسية والجزائرية، مبينا أن قيمة الحشيش المحجوز تتجاوز 31 مليار سنتيم،. وشرح أن نجاح هذه العملية الأمنية الثانية جاء بعد تتبع مخططات الشبكة وتفكيك جزء منها في ماي 2019، علما أن العملية الأخيرة نظمها مغربي مقيم في منطقة «أرخينتونا» في برشلونة. وكانت الشبكة تهدف إلى نقل الحشيش بحرا إلى ليبيا، قبل تهريبه إلى إسبانيا، وفق وكالة الأنباء الإسبانية «إيفي». فيما نُفذت العملية الأمنية الأولى في 10 ماي 2019، حيث حُجز قارب تابع للمنظمة نفسها محملا بستة أطنان من الحشيش تبلغ قيمته 35 مليار سنتيم، في طريقه إلى إسبانيا، كما اعتُقل حينها ثلاثة مشتبه بهم. إلا أن عملية التحقيق ومتابعة أفراد الشبكة بدأت في أواسط دجنبر 2018، عندما توصلت الأجهزة الأمنية إلى وجود شبكة إجرامية عابرة للحدود تحاول ربط اتصالات من أجل تهريب الحشيش إلى إسبانيا عبر «مثلث إيبيريا» التابع لإقليم كتالونيا. ويبدو أن زعماء الشبكة يقيمون في إقليمي كتالونيا وفالنسيا، حيث يعتمدون بشكل كبير على طريق شرق المتوسط بعيدا عن بحر البوران ومضيق جبل طارق الذي أصبح مراقبا بشكل كبير منذ صيف 2018. ويرجح أن هذه الشبكة «تعمل على شحن الحشيش من المياه المغربية، ونقله عبر السواحل الجزائرية والتونسية إلى ليبيا، حيث كان من المرتقب إدخاله إلى إسبانيا» التي تعتبر أحد منافذ الحشيش إلى أوروبا. وقال كارلوس كابيلانيس، رئيس قسم المراقبة الجمركية بكتالونيا، إن الشبكة لا تعبأ بفيروس كورونا ولا بسوء أحوال الطقس، بحيث إن أفرادها «لديهم جرأة خوض غمار تهريب شحنات كبيرة، حتى لو كان علو أمواج البحر يتراوح بين 3 و4 أمتار»، مشيرا إلى أن المهربين يحاولون استغلال هذه الظرفية للرفع من أرباحهم في ظل توقف نشاطات الشبكات الأخرى، حيث يبيعون الحشيش «بسعر مرتفع جدا»، وفق موقع «كوبي» الإسباني. في سياق متصل، كشف الحرس المدني، يوم الجمعة الماضي، أنه قام، بتنسيق مع الأمن المغربي، بتفكيك شبكة متخصصة في تهريب الحشيش والكوكايين انطلاقا من المغرب، حيث اعتُقل 51 مشتبها بهم وحجز طن و255 كيلوغراما من الكوكايين و390 كيلوغراما من الحشيش، فضلا عن حجز 6 قوارب وثلاثة أسلحة نارية. وأضاف قائلا: «وبشكل موازٍ، حُجز، في المغرب، 476 كيلوغراما من الكوكايين كانت مخزنة بين الدارالبيضاء والرباط»، مضيفا أنه «بفضل التحقيقات الإسبانية وتعاون السلطات المغربية، يمكن إعادة بناء المسار الذي قطعه الكوكايين من أمريكاالجنوبية إلى أوروبا». ويقول البلاغ إن «الكوكايين قد يكون وصل إلى المغرب عبر حاوية أُفرِغت في ميناء الدارالبيضاء، ونُقل من الميناء إلى مخزن قرب الشريط الساحلي بين الدارالبيضاء والرباط»، وفيما بعد، «نقل المخدر (الكوكايين) في سيارات إلى نقطة الشحن في شاطئ، حيث تكون هناك الدراجة المائية السريعة. وبعد طول إبحار يصل (الكوكايين) إلى سواحل جنوب إسبانيا». ويبدو أن إصرار مهربي المخدرات على مواصلة أنشطتهم في زمن كورونا لا يقتصر على البحر، بل يمتد إلى الداخل. إذ تمكن الأمن المغربي، فجر يوم أول أمس الاثنين، من حجز سبعة أطنان و228 كيلوغراما من مخدر الشيرا كانت موجهة للتهريب الدولي عبر المسالك البحرية، وتوقيف ثلاثة أشخاص يشتبه في تورطهم في هذه القضية. وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أن عناصر الشرطة القضائية كانت قد تعقبت شاحنة تحمل لوحات ترقيم مزيفة، خلال مرورها بعدة مدن مغربية في اتجاه ميناء الجرف الأصفر، قبل أن يعمد سائقها ومرافقوه إلى التخلص من بعض رزم المخدرات عبر رميها بجانب الطريق السيار، واستهداف عناصر الشرطة بالحجارة، قبل أن يلوذوا بالفرار عند وصولهم إلى محطة الأداء تيط مليل بالطريق السيار المداري لمدينة الدارالبيضاء، متسببين في أضرار مادية بالمحطة بعد اقتحامها بسرعة، مخلفين وراءهم الشاحنة التي كانت تضم 220 رزمة تزن سبعة أطنان و228 كيلوغراما من مخدر الشيرا.