بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، لم يخف الحقوقيون، والصحافيون هذه السنة، تخوفاتهم مما آلت إليه حرية الصحافة في البلاد، بسبب استمرار اعتقال الصحافيين، وتأخر المغرب في مؤشر حرية الصحافة، وسط مستقبل لا يبشر بخير، بسبب ما تم كشفه في مشروع قانون “تكميم الأفواه”، الذي بات ينذر بالتضييق أكثر على الصحافة المواطنة. وفي السياق ذاته، قال عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن اليوم العالمي للصحافة، يأتي في ظل تراجعات كبيرة في حرية الصحافة، منها ما كشف عنه مؤشر مراسلون بلا حدود، الذي صنف المغرب في الرتبة التاسعة عربيا و133 عالميا. وسجل غالي، استمرار المغرب اعتقال الصحافيين مثل توفيق بوعشرين، وحميد المهداوي، وربيع الأبلق، ومحمد الأصرحي، وقال “كنا ننتظر في كل مرة إطلاق سراحهم لإحداث انفراج مجتمعي، لكن هذا لم يحصل”. التراجع حسب غالي، يظهر، كذلك، من خلال مشروع قانون “تكميم الأفواه”، الذي يمثل حسب قوله “أعذار ما يسمى بالصحافة المواطنة، التي كان النضال من أجلها، بعدما أغلقت الدولة الفضاء العمومي”، كما أنه سيشكل ضربة لحرية التعبير مخالفة لتصريحات المسؤولين الأممين بخصوص الحقوق، والحريات، في ظل الحجر المنزلي، والذين حثوا الحكومات على فتح المجال للتعبير، وهي الدعوات، التي ذهبت الحكومة المغربية في اتجاهها المعاكس. وبالنظر إلى الظرفية، التي يأتي فيها اليوم العالمي للصحافة، في ظل جائحة كورونا، يقول غالي إن هذه الأزمة تطرح إشكال نظام تمويل الصحافة في المغرب، بعدما توقفت مبيعات كل الجرائد، ولم يبق أمامها إلا الإشهار كمصدر تمويل، معتبرا أن الإشهار كان دائما السيف المسلط على الصحافة المستقلة في المغرب، محذرا من انهيار المؤسسات الصحافية المستقلة، في هذه الأزمة، وهي الأزمة، التي قد لا ينجو منها، حسب قوله سوى الإعلام الحزبي، أو المقرب من السلطة. الرأي ذاته يعبر عنه الناشط الحقوقي عبد الرزاق بوغنبور، الذي قال إن الممارسة أبانت عن تراجعه في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة، وعن تدهور، وتضييق ممنهج، أصبح معه المغرب متخلفًا في مؤشر حرية الصحافة، الذي اختصت برصده منظمات دولية. وتعد السنوات الثلاثة الأخيرة، خصوصا 2019، حسب بوغنبور، من أكثر السنوات، التي استهدفت فيها الصحافة، حيث تم الحكم على الصحافيين، توفيق بوعشرين، وحميد المهداوي ب15 سنة، و3 سنوات سجناً نافذاً، كما أدان القضاء المغربي أربعة صحافيين بالحبس موقوف التنفيذ، وذلك على خلفية نشر معلومات صحيحة، اعتبرها معطيات سرية، بالإضافة إلى تزايد الاعتداءات على الصحافيين، والتضييق على الممارسة الإعلامية المهنية المسؤولة. وأكد بوغنبور أن مشروع قانون 22.20 ، امتداد للتضييق، الذي تعيشه الصحافة الوطنية، إذ يسعى، حسب قوله، إلى ضرب ما تبقى من هامش الحرية في الشبكات الاجتماعية والحق في متابعة كل منتقد، أو مقاطع لمنتوج اقتصادي بالسجن، والغرامة المالية. يذكر أن هذه السنة الأخيرة عادت فيها محاكمات الصحافيين بقوة إلى الواجهة، مع اعتقال الصحافية هاجر الريسوني، التي ربطت منظمات حقوقية دولية بين اعتقالها، وممارستها لعملها الصحافي المهني داخل جريدة “أخبار اليوم”، واعتقال الصحافي عمر الراضي، وسجنه، وإدانته، وهي المتابعة، التي تم انتقادها من طرف المنظمات الحقوقية الدولية، وتم ربطها بآراء عبر عنها في وسائل إعلام. وعلى الرغم من تقدّمه رتبتين في مؤشر حرية الصحافة العالمية، عام 2020، إلا أن المغرب لايزال قابعاً ضمن المربع الأحمر، قريباً من الدول الأكثر انتهاكاً لحرية الصحافة في العالم، حسب آخر تصنيف لمنظمة مراسلون بلا حدود. ويحتل المغرب المركز التاسع عربيا، و133 عالميا، ضمن الترتيب العالمي لمؤشر حرية الصحافة عام 2020، فيما تونس على عرش الدول العربية الأكثر احتراما لحرية الصحافة بالمرتبة 72 عالميا، تليها كل من جزر القمر، وموريتانيا، ولبنان، والكويت. يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت اليوم العالمي لحرية الصحافة، في دجنبر 1993، بناء على توصية من المؤتمر العام لليونسكو، ليحتفل العالم بهذا اليوم، في الثالث من ماي كل سنة، بهدف التأمل بقضايا حرية الصحافة، وأخلاقيات المهنة.