مع اقتراب عدد الوفيات بفيروس كورونا المستجد من عتبة المائة ألف الرمزية، تبحث الأسرة الدولية عن حلول اقتصادية، ودبلوماسية في مواجهة الوباء، الذي يهدد بركود عالمي، بينما يخضع جزء كبير من سكان العالم للعزل. وتوفي أكثر من 94 ألف شخص، بعد إصابتهم بالوباء، الذي قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، إنه “ستكون له أسوأ العواقب الاقتصادية منذ الكساد الكبير في عام 1929”. ومع أكثر من 18 ألف وفاة، تسجل إيطاليا أكبر عدد وفيات في العالم بالفيروس، وتحتل الولاياتالمتحدة المرتبة الثانية بعدد الوفيات ب16478 حالة، تليها إسبانيا بأكثر من 15 ألف وفاة، وفرنسا بأكثر من 12 ألفا. وأحصت ولاية نيويورك، بؤرة الوباء في الولاياتالمتحدة، نحو 800 وفاة، خلال 24 ساعة، في أسوأ حصيلة يومية، لكن عدد الحالات، التي استدعت نقلا إلى المستشفى، كان الأدنى منذ بدء الأزمة، كما كشف حاكم الولاية أندرو كومو، مشيرا إلى”أننا بصدد تسطيح المنحنى”. وسجلت في بريطانيا 881 وفاة إضافية خلال 24 ساعة، وعلى الرغم من المشهد السوداوي، شهدت البلاد نفحة أمل مع خروج رئيس الوزراء، بوريس جونسون، من العناية المركزة. أما إيران، فتخطت عتبة الأربعة آلاف وفاة، لكن، بحسب السلطات، فإن الأرقام الأخيرة “تظهر بوضوح انخفاضا في الإصابات الجديدة”. ويواصل العاملون في مجال الصحة دفع الثمن الأعلى في كافة أنحاء العالم، إذ توفي في إيطاليا نحو مائة طبية و30 ممرضا، ومساعد ممرض، وفي بريطانيا أودى الفيروس بحياة طبيب حذر من نقص معدات حماية الطواقم الطبية. لكن بعض الأرقام المشجعة في أوربا، والولاياتالمتحدة تعطي أملا طفيفا في تباطؤ ارتفاع عدد الوفيات، إذ للمرة الأولى، سجل في فرنسا تراجع طفيف في عدد المرضى في غرف الإنعاش، بينما استقر الوضع في العديد من بؤر الوباء في الولاياتالمتحدة. وفي ظل غياب لقاح، تبدو العودة إلى الحياة الطبيعية أمرا بعيدا، وقد تتم بشكل تدريجي مع سعي السلطات إلى تفادي موجة جديدة من انتشار العدوى بأي ثمن. وتكلف إجراءات العزل، التي تطال، حاليا، نصف البشرية، ثمنا باهظا، إذ شلت قطاعات اقتصادية بأكملها وسط تراجع للعمليات التجارية، وارتفاع كبير في معدلات البطالة. وفي هذه المرحلة “المثيرة للقلق”، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس الخميس، أن “مؤشرا إلى وحدة وتصميم” مجلس الأمن الدولي المنقسم منذ أسابيع، “سيعني الكثير” في إطار التخفيف من نتائج الوباء على السلام، واصفا العمل لاحتواء الفيروس بأنه “معركة جيل”. اقتصاديا، توصل وزراء مالية الاتحاد الأوربي لاتفاق سريع يشمل 500 مليار أورو متوفرة فورا، وصندوق إنعاش مستقبلي، ورحبت باريس ب”اتفاق ممتاز”، وبرلين ب”يوم مهم للتضامن الأوربي”، في حين أشادت رئيسة البنك المركزي الأوربي، كريستين لاغارد، ب”اتفاق مبتكر”. وفي الولاياتالمتحدة، قام البنك المركزي ببادرة قوية مع إعلانه قروضا جديدة بقيمة 2300 مليار دولار لدعم الاقتصاد، ويمكن للاقتصاد الأمريكي أن يعاود الانتعاش سريعا وفق السلطات النقدية في البلاد. كما قامت فرنسا بمضاعفة قيمة خطتها للطوارئ إلى 100 مليار أورو. لا تملك الدول الأخرى في العالم الوسائل الأمريكية، والأوربية لدعم اقتصاداتها، وللمرة الأولى منذ ربع قرن، ستدخل إفريقيا جنوب الصحراء في ركود عام 2020، كما حذر البنك الدولي، الذي أعرب، أيضا، عن خشيته من “أزمة غذائية” في القارة. وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة، التي تفرضها تدابير العزل على العديد من الناس، مددت جنوب إفريقيا، عملاق القارة الاقتصادي، لأسبوعين إجراءات الدعوة إلى البقاء في المنازل. وفي نيجيريا أكبر دول القارة من حيث عدد السكان، يؤدي العزل إلى اضطراب في دائرة الإنتاج الزراعية، وبعد أسبوع واحد فقط، من فرضه، يكرر الناس جميعا في كل شارع، وحي من شوارع لاغوس رئة البلد الاقتصادية عبارة “نحن جياع”.