كشفت وزارة الصحة، مساء أول أمس الأحد، أنه من بين أسباب ارتفاع الحصيلة اليومية المتعلقة بالوضعية الوبائية لمرض “كوفيد 19” بالمغرب، وبلوغها سقف ال1000 إصابة، هو مغادرة بعض أفراد الأسرة لمحلات سكنهم خلال فترة الحجر الطبي وعودتهم إليها محملين بالوباء. وأورد محمد اليوبي، مدير الأوبئة بوزارة الصحة، في الندوة الصحافية لتقديم مستجدات الحالة الوبائية ببلدنا، أن المؤشرات والبيانات التي تتوفر عليها وزارة الصحة حاليا، تشير إلى أن ارتفاع الحالات المؤكدة بشكل ملحوظ خلال الأيام القليلة الماضية راجع بالأساس إلى ظهور بؤر وبائية داخل الوسط العائلي، متفرقة في مجموعة من مدن المملكة. وقال اليوبي في مطلع حديثه إن بعض المواطنين الذين يغادرون البيوت من أجل قضاء حوائجهم الضرورية، قد يكونون هم سبب انتشار الفيروس داخل بيوتهم لعدم أخذهم بالاحتياطات الواجبة أو تهاونهم في تطبيقها، كما ترجح الوزارة، أيضا، أن تكون الحالات الصفر الحاملة للفيروس في البؤر العائلية كانت في فترة حضانة الوباء أثناء دخول إجراءات العزل الطبي حيز التنفيذ في بلدنا، وهو ما ساعد في ظهورها داخل الوسط العائلي. ومن الأسباب التي تراها وزارة الصحة معقولة لتفسير ارتفاع الإصابات ببلدنا في الآونة الأخيرة، هي الاستراتيجية الجديدة للوزارة، التي تكمن في الرفع من نسبة الكشوفات المخبرية على المخالطين الذين بلغ عددهم إلى حدود صبيحة أمس الاثنين ما يزيد عن 8000 مخالط، بحسب ما كشف عنه مصدر في وزارة الصحة ل”أخبار اليوم”، مشيرا إلى أن الأطقم الطبية لم تعد تنتظر ظهور الأعراض كما في السابق، فيما صارت تطبق الاختبارات المخبرية على جميع المخالطين، خاصة البؤر العائلية، كما تخضعهم لإجراءات التتبع الطبي في الوقت عينه. ويبدو أن استراتيجية الكشف المبكر للحالات، بإخضاع المخالطين للتحاليل المختبرية فور رصد الحالة الصفر بكل بؤرة عائلية، أتت أكلها، إذ تمكن المغرب وفي غضون أقل من 24 ساعة تسجيل 58 حالة جديدة ما بين التاسعة من مساء أول أمس الأحد إلى الثامنة من صباح أمس الاثنين، أجريت كلها على مخالطين لحالات مؤكدة سابقة في كل من جهتَي الدار البيضاء سطات (32 حالة) ومراكش آسفي (26 حالة)، لترتفع بذلك الحصيلة الإجمالية للإصابات المؤكدة بالفيروس إلى 1113 في المغرب. ووفق هذا التحيين الأخير لعدد الإصابات، فإن جهة البيضاء لاتزال في صدارة قائمة الإصابات بالمملكة بارتفاع عددها إلى 339 حالة أكدتها التحاليل المخبرية، مقابل 212 بجهة مراكش، و187 في جهة الرباط و142 بفاس مكناس و91 بجهة طنجةتطوانالحسيمة، فيما بلغ عدد المصابين بالعدوى 59 في جهة الشرق و43 بجهة درعة تافيلالت، و28 ببني ملال خنيفرة و19 في سوس ماسة، و4 في جهة العيون الساقية الحمراء، وإصابة واحدة في كلميم وادي نون، بينما تبقى جهة الداخلة وادي الذهب سالمة. وترجع المندوبية الجهوية للصحة هذه المعطيات التي تضع جهة الدار البيضاء سطات في الرتبة الأولى على مستوى عدد الإصابات بفيروس كورونا، والتي توزعت بين 259 منها في مدينة الدار البيضاء، وإصابتين في الجديدة و4 إصابات في المحمدية و9 إصابات في سطات وإصابة واحدة في سيدي بنور، إلى حدود مساء أول أمس الأحد، للتعداد السكني الكبير باعتبارها أكبر جهة في المغرب. وأورد محسن الكراوي، المسؤول في المديرية الجهوية للصحة، أن وجود جهة الدار البيضاء في صدارة قائمة الإصابات يرجع بالأساس للكثافة السكانية المهمة، إذ يتجاوز عدد سكانها 7 ملايين مواطن، والعامل الثاني، على حد تعبير المسؤول، هو “الحالات الوافدة” المستقرة في العاصمة الاقتصادية، والذين كانوا سببا في دخول الوباء إلى الجهة. ويضيف المسؤول في وزارة الصحة، أنه لا يوجد تفسير واضح لسبب عدم تسجيل أي حالة على مستوى الأقاليم الخمسة التابعة للجهة، أي في برشيد، بنسليمان، سيدي بنور، النواصر ومديونة، مشيرا إلى أنه وإلى حدود صبيحة أمس الاثنين لم تسجل أي حالة إصابة أو حالة محتملة، على مستوى الأقاليم الخمسة المذكورة. خارطة الفيروس وبحسب التوزيع الجغرافي الذي عممته وزارة الصحة مساء أول أمس الأحد، فإن جهة مراكش آسفي احتلت فيها المدينة الحمراء المرتبة الأولى ب179 حالة وشيشاوة ب3 حالة، وحالة واحد في كل من قلعة السراغة والرحامنة وحالتين في الصويرة، فيما لم تحدد بعد تموقع الإصابات الجديدة 26 التي سجلتها إلى حدود صبيحة أمس الاثنين من مجموع عدد الإصابات البالغ 212. هذا، وتحتل جهة الرباط القنيطرة المرتبة الثالثة في قائمة الإصابات ب187 حالة، 94 منها في مدينة الرباط، و37 حالة في الصخيراتتمارة، والقنيطرة 18، والخميسات 5 حالات، وسلا 25، وسيدي سليمان حالة واحدة، فيما 7 منهم لم تحين الوزارة بعد موقعهم، ليبقى بذلك إقليم سيدي قاسم هو الوحيد الذي لم يسجل إصابات. واحتلت جهة فاس مكناس المرتبة الرابعة ب142 حالة، 41 منها بمدينة فاس، و11 في إفران، ومكناس 56 حالة، وصفرو 5 حالات وتاونات حالة واحدة، وتازة 18 حالة، أما 10 حالات فلم يتحدد بعد انتسابهم، فيما استثنيت كل من بولمان والحاجب ومولاي يعقوب من تسجيل إصابات، لتأتي مباشرة جهة طنجةتطوانالحسيمة ب79 حالة، 39 حالة في مدينتي طنجة وأصيلة، و27 حالة في تطوان، والحسيمة 2، والعرائش 4 حالات، و2 في المضيق الفنيدق وحالة واحدة في وزان، فيما مدينة شفشاون لم تسجل أي حالة إلى حدود صبيحة أمس الاثنين، لتبقى بذلك أربع حالات لم تحدد بعد. جهة درعة تافيلالت، من جهتها سجلت 43 حالة، 20 منها في مدينة ميدلت، و7 في الراشيدية، و10 حالات بورزازات، وحالة واحدة بتنغير، و3 حالات بزاكورة، فيما لم تسجل إصابات على مستوى محاميد الغزلان، أرفود وقلعة مكونة. وفي الجنوب، دائما، تأتي مباشرة جهة سوس ماسة التي سجلت 19 حالة، 15 بأكادير إداوتنان، وحالة واحدة باشتوكة آيت باها وحالتين بإنزگان آيت ملول، وحالتين بتارودانت، فيما مدينة تيزنيت، ومدينة تافراوت، تالوين، إنزكان لم تسجل أي حالة إصابة إلى حدود أمس الاثنين. أما جهة الشرق، فسجلت 59 حالة إلى حدود صبيحة أمس الاثنين، 7 منها ببركان وحالة بفگيگ، و16 حالة بالناظور و29 حالة بوجدة أنكاد وحالة واحدة بتاوريرت، فيما لم تسجل أي حالة في كل من كرسيف، جرادة والدريوش. جهة بني ملال خنيفرة، من جانبها رصدت حالتين في أزيلال، و4 في بني ملال، و4 بالفقيه بنصالح، و5 في اخنيفرة، و11 في خريبكة، مما يعني تسجيل إصابات متفاوتة ومتفرقة على مستوى مختلف أقاليم هذه الجهة دونما استثناء، لتستقر بذلك جهة گلميم وادنون بحالة واحدة فقط، سُجلت قبل أسابيع، أما جهة العيون الساقية الحمراء، فسجلت 4 حالات، جميعها بمدينة بوجدور. الجنوب مازال آمنا هذا، ولم تسجل أي حالة إصابة مؤكدة بجهة الداخلة-واد الذهب، التي تتذيل قائمة الجهات (ال12) للمملكة على مستوى الإصابات طيلة الأسابيع الفائتة، بالرغم من التوافد المهم للأجانب إلى هذه المنطقة السياحية، والتي تعتبر، أيضا، معبرا تجاريا دوليا وترجع مندوبية الصحة في جهة الداخلة واد الذهب، هذا “الاستثناء” للتدابير الصارمة التي اتخذتها قبيل إعلان حالة الطوارئ، إذ أنزلت مخططا خاصا بالمراقبة الصحية منذ الظهور الأول للوباء وطنيا، وذلك على مستوى مطار الداخلة، ومدخل الكركرات، فضلا عن ميناء الداخلة، حيث كانت ترسو سفن أجنبية. وقال أمين السالمي، المسؤول الجهوي للتواصل بمندوبية الصحة بجهة الداخلة، إن الفضل في عدم تسجيل الجهة لأي إصابة راجع بالأساس لتشديد المراقبة الوبائية على مستوى المعابر الجوية، البرية والبحرية بشكل كبير قبيل إقرار حالة الطوارئ رسميا، إذ بادرت الجهة إلى إنزال مخطط وقائي استعجالي يقوم على تحسيس مهنيي قطاع الصحة في المنطقة، وتعزيز نقاط المراقبة ومواكبة الدخول والخروج إلى الجهة، وذلك من خلال إحداث وحدة المراقبة الصحية في مدخل المدينة في النقطة الكيلومترية كلم 25، باعتبار أن المدينة لديها مدخل واحد وهو “العامل الجيد والمهم”، على حد تعبير المتحدث، الذي ساعد في صد الوباء. وأورد المسؤول في وزارة الصحة، أنه جرى إحداث وحدة حرارية لقياس حرارة كل الوافدين إلى المدينة من مدن أخرى، مشيرا إلى أن أي زائر للمدينة منذ فترة ما قبل حالة الطوارئ كان يخضع للمراقبة الطبية المشددة، كما يتم توجيهه للدخول إلى الحجر الصحي الطوعي المنزلي طيلة الأيام ال14 عشر لقدومه، خاصة القادمين من المدن التي سجلت حالات متعددة، فيما كانت تُوجه الحالات، التي “كنا نلاحظ عليها أعراضا غير عادية أو مجرد شك بسيط، فورا إلى المستشفى الإقليمي”، على حد تعبير المتحدث، الذي شدد على أن هذه الإجراءات التي اعتمدتها الوزارة تحصد اليوم نتائجها بعدم تسجيل أي حالة. وأوضح السالمي في حديثه ل”أخبار اليوم” أنه وفور إعلان المغرب غلق حدوده، تضاعف عدد مغادري الجهة بمن فيهم السياح الأجانب أو المواطنين المغاربة، فيما لم يكن الوافدون على المنطقة سوى الساكنة الأصلية التي كانت في عطلة أو في رحلة عمل خارج المدينة، وكانوا يخضعون للإجراءات عينها المذكورة بدون استثناء. أما في ما يتعلق بالحالات المحتملة التي جرى رصدها بالجهة، يقول المسؤول في وزارة الصحة: “رصدنا تقريبا ومنذ أسابيع 10 حالات كانت محتملة، أخضعوا جميعهم لتحاليل مخبرية فورا، وأثبت خلوهم من الإصابة”. ويقول السالمي إن الرهان اليوم، في مدينة الداخلة أو في الجهة عموما، بعد إقرار حالة الطوارئ، همّ سائقي الشاحنات ومموني السلع الغذائية الذين يدخلون المدينة لتزويدها بالحاجيات ويغادرونها، مشيرا إلى أنهم يخضعون بدورهم للمراقبة الصحية على مستوى مدخل المدينة، وتحيط بهم السلطات الأمنية ما أن يلجوا المدينة إلى حين تفريغهم للسلع، ويخرجون مباشرة دون الاختلاط بالساكنة، فيما يخضع سائقو الشاحنات القاطنين في الجهة، فورا للحجر الطبي المنزلي. وأكد المتحدث أنه استقبلت عشرات المكالمات قصد التبليغ على “ألو يقظة”، وفي كل مرة ينتقل فريق مكون من طبيب وممرض ومسؤول تواصل من أجل تأمين المتابعة المنزلية، وإذا استدعى التنقل إلى المستشفى يتم ذلك، فيما جرى إحداث مركز تشخيص خاص بكوفيد 19، على مستوى المستشفى الجهوي الحسن الثاني، لتجنب اختلاط الحالات المحتملة أو المؤكدة، مع بقية المرضى في المستعجلات. ويتكون هذا المركز، بحسب السالمي، من أطباء مدنيين إلى جانب العسكريين الذين يبلغ عددهم 18 إطارا طبيا عسكريا، وطبيبين في الطب العام، و2 ممرضات، و6 مساعدين ممرضين، ومساعدين اجتماعيين، فضلا عن لجنة المراقبة الوبائية الجهوية، المكلفة بتعبئة الموارد البشرية والتجهيزات الطبية، وكل ما هو لوجستيكي. أما فيما يتعلق باستعدادات الجهة لرصد الحالة الصفر، يقول المتحدث إن “الجهة جندت كل إمكانياتها بحيث أن الطاقة الاستيعابية للمستشفى هي 30 سريرا طبيا، و4 أسرة إنعاش ووحدة العزل الطبي ذات الضغط السلبي، تحسبا لأي حالة إصابة، كما جرى إخضاع جميع الأطقم الطبية من أطباء وممرضين.. لدورات تكوينية مكثفة بخصوص التعامل مع الحالة الوبائية، هذا إلى جانب المستشفى العسكري بأطره المجندين لأي احتمال”، يقول المتحدث، مشيرا إلى أن ما يميز الجهة هو كونها “جهة صغيرة وسهلة التحكم بها، على عكس الجهات الكبيرة، ما ييسر المهمة على المسؤولين”.