بعد أقل من 12 ساعة على الصدمة القوية، التي هزت السلطات الصحية ورجال لفتيت بمدينة فاس، ليلة السبت-الأحد الماضي، عقب نزول العشرات من سكان المدينة العتيقة وبعض الأحياء الشعبية إلى الشوارع ليلا، متسببين في خرق لحالة الطوارئ الصحية، والتي تنذر بتزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا؛ اهتزت جماعة عين الشقف التابعة لإقليم مولاي يعقوب، مساء يوم الأحد الماضي، على وقع حادث مشابه، بطله مستشار برلماني ينتمي لفريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، حسن بلمقدم، والذي اختار اليوم الثاني من فرض حالة الطوارئ الصحية، لإطلاق قافلته لتوزيع إعانات من المواد الغذائية على أنصاره بدائرته الانتخابية. واستنادا للمعلومات التي حصلت عليها “أخبار اليوم” من مصدر قريب من الموضوع، فإن المستشار البرلماني من “البام” أحضر يوم الأحد الماضي سيارتين من نوع “مرسيدس 207″، محملتين بكميات كبيرة من المواد الغذائية، الدقيق والزيت والسكر والشاي، إلى ساحة بقلب دوار العسكر (رأس الماء) والتابع لجماعة عين الشقف، مما تسبب في تجمهر عدد غفير من سكان هذا الدوار، والدواوير القريبة منه، “الزليليك”، و”ولاد لكبير”، و”ولاد عياد”، نساء ورجالا وأطفالا، بحثا عن الظفر ب”قفة” المواد الغذائية من يد المستشار البرلماني، والذي رافقه مساعدوه وطاقم من المصورين وثقوا هذه البادرة الإنسانية في زمن كورونا، كما سماها البرلماني نفسه، تُورد مصادر الجريدة. وأظهر شريط فيديو بالصوت والصورة، عممه أنصار المستشار البرلماني من “البام” على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، (تتوفر “أخبار اليوم” على نسخة منه)، البرلماني محاطا بمساعديه، وهو يوزع بيده الإعانات على أهالي الدواوير الواقفين أمامه في طوابير طويلة، غير آبهين معية البرلماني بمخاطر خرقهم لحالة الطوارئ الصحية، وهم يتصافحون ويتبادلون التحايا، تقول مصادر الجريدة التي عاينت هذا المشهد، فيما أنهى البرلماني عملية توزيع إعاناته على أهالي هذه الدواوير بقوله لهم إن “تحركه صوبهم، وبعدهم باقي دواوير جماعة عين الشقف بإقليم مولاي يعقوب، جاء كمساعدة منه لهم في هذه المحنة، وهم قابعون بمنازلهم بسبب الإجراءات الاحترازية والتي فرضها انتشار فيروس كورونا”. هذا وخلف خرق المستشار البرلماني لحالة الطوارئ الصحية، وتسببه في تجمهر عدد من أهالي الدواوير القريبة من الضيعة الملكية بمنطقة راس الماء بضواحي فاس، (خلف) ردود أفعال غاضبة من سلطات جهة فاس، حيث طلب والي الجهة، سعيد زنيبر، بحسب ما أفادت به آخر الأخبار الآتية من إدارته، فتح بحث في الموضوع لتحديد المسؤوليات، وفرض احترام حالة الطوارئ الصحية من قبل الجميع والتقيد بالقانون، خصوصا أن ما استفز مسؤولي سلطات ولاية الجهة، تضيف نفس الأخبار، أن البرلماني حرص في عملية توزيعه للإعانات على فقراء قلعته الانتخابية، كما يظهر ذلك الفيديو المتداول على نطاق واسع، (حرص) على تقديم الشكر لمسؤولي عمالة مولاي يعقوب، وكذا السلطات المحلية لجماعة عين الشقف والتي هو عضو بمجلسها الجماعي، وهو ما رأت فيه سلطات جهة فاس تقصيرا في مسؤولية سلطات مولاي يعقوب وجماعة عين الشقف، والتي أغمضت العين عن قافلة المستشار البرلماني من “البام” في عز حالة الطوارئ الصحية، والتي فرضتها السلطات العمومية على كل المغاربة لوقف زحف كورونا. وزادت المصادر نفسها، أن غضب سلطات جهة فاس على خرق البرلماني من “حزب وهبي” لحالة الطوارئ، وتسببه في تجمهر سكان عدد من الدواوير للحصول على إعاناته من المواد الغذائية، عجلت بتعليق البرلماني لعمليات توزيع “قفة كورونا”، كما سماها منتقدوه، بعدما كان سيحل يوم أول أمس الاثنين بدواوير أخرى ضمن حملة كانت ستستمر حتى يوم غد الخميس. هذا واتصلت “أخبار اليوم” بباشا جماعة عين الشقف، للتعليق على التهم الموجه له كمسؤول عن السلطات المحلية بالجماعة، بخصوص غضه الطرف عن خرق البرلماني لحالة الطوارئ، حيث قال الباشا، إبراهيم أوريحا، في اتصال هاتفي أجرته معه الجريدة، إنه “لا يمكنه الإدلاء بأي تصريح في الموضوع، متحججا بالتعليمات الواردة من مصالح عمالة مولاي يعقوب، والتي تمنع على رجال السلطة الإدلاء بأي تصريح للصحافة”، يقول باشا عين الشقف. وفي مقابل غض سلطات عين الشقف الطرف عن خرق المستشار البرلماني لحالة الطوارئ بالدواوير القريبة من الإقامة الملكية بمنطقة الضويات، اعتقلت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة فاس، بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني “الديستي”، استنادا إلى ما أعلن عنه بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني، خلال الساعات الأولى من صباح يوم أول أمس الاثنين، 5 أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 26 و49 سنة، لتورطهم كما جاء في بلاغ إدارة الحموشي، في تحريض الناس على النزول إلى الشوارع في مسيرة ليلية من يوم السبت الماضي، بأحياء المدينة القديمة لفاس وعين قادوس وبنسودة، وخرق حالة الطوارئ الصحية التي دخلت حيز التنفيذ منذ مساء يوم الجمعة الماضي. ويتعلق الأمر، بحسب ما كشفت عنه المديرية العامة للأمن الوطني، بسلفي يبلغ من العمر 49 سنة، سبق له ان أدين في قضية توبع خلالها بموجب قانون مكافحة الإرهاب رقم (03-03)، فيما ساعده على التحريض بحسب رواية الشرطة، شخص آخر قدمه بلاغ إدارة الحموشي، على أنه من ذوي السوابق القضائية في الجرائم العنيفة الماسة بالأشخاص والممتلكات، أما المشتبه بهم الثلاثة الباقون، فليسوا سوى شبان يافعين، وصلت الشرطة إلى هوياتهم بناء على معلومات دقيقة وفرتها مصالح “الديستي” بفاس، يورد بلاغ الأمن. هذا وينتظر أن يحال المشتبه بهم الخمسة، والذين وضعوا تحت تدابير الحراسة النظرية لدى شرطة فاس، منذ توقيفهم صباح يوم أول أمس الاثنين، (سيحالون) على أنظار الوكيل العام للملك بفاس، صباح اليوم الأربعاء، حيث يواجهون تهما جنائية ثقيلة، تخص “جريمة العصيان” المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 302 من مجموعة القانون الجنائي، وتهم أخرى تتعلق “بالتحريض على التجمهر”، و”تعريض حياة المواطنين للخطر من خلال خرق إجراءات الطوارئ الصحية المعتمدة لمواجهة تفشي وباء كورونا المستجد”، وهي التهم التي شرع المغرب في تطبيقها مباشرة بعد إعلان المغرب لحالة الطوارئ الصحية، عبر بلاغ لوزارة الداخلية منتصف الأسبوع الماضي، فيما تواصل الشرطة البحث عن باقي المتهمين بالتحريض على خرق حالة الطوارئ السبت الماضي بفاس، تُورد مصادر الجريدة. هذا واعتبر الوكيل العام للملك بفاس، فهمي بوزيان، في خروج إعلامي له عقب توقيف المشتبه بهم الخمسة، يوم أول أمس الاثنين، على خلفية أحداث خرق الطوارئ بفاس ليلة السبت – الأحد الماضية، (اعتبر) المشتبه بهم بأنهم يشكلون حالات معزولة، وأن ما اقترفوه من أفعال تهدد الأمن الصحي لسكان فاس وباقي المغاربة، لا علاقة لها بأي عمل مدبر أو مخطط له من جهة ما، حيث شدد الوكيل العام للملك على أن النيابة العامة حازمة على ضمان حسن تطبيق إجراءات إعلان الطوارئ الصحية في حق جميع المغاربة ومعاقبة المخالفين لها.