اشتعلت منطقة الشرق الأوسط فجأة، بعد مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، في غارة أمريكية في محيط مطار بغداد الدولي صبيحة يوم أمس الجمعة. القائد العسكري الإيراني ذو الشعبية الكبيرة وسط الشيعة في إيرانوالعراقولبنان، تعرض لعملية تصفية في غارة أمريكية، ما أدى إلى اندلاع المظاهرات في العراق فيما توعدت إيران بانتقام قاسي، وطلبت أمريكا من رعاياها في العراق مغادرة البلاد، وفرنسا دعت مواطنيها إلى الابتعاد من مكان التجمعات، وأسعار النفط بدأت في الارتفاع بنسبة 4 في المائة ليصل سعر البرميل، إلى أزيد من 69 دولارا للبرلمان. العملية نفذت بعد وصول سليماني سرا إلى مطار بغداد، في ساعة مبكرة من صبيحة يوم الجمعة بعد التوتر الذي عاشته البلاد بعد قصف أمريكي سابق لمعسكر للحشد الشعبي والهجوم على مقر السفارة الأمريكية في بغداد، وتهديدا الرئيس الأمريكي ترامب لإيران. وتم استقبال سليماني كضيف كبير في العراق واصطحابه سرا على متن سيارتين في اتجاه وسط بغداد، لكن تعرض الموكب في محيط المطار لقصف من طائرات “أباتشي” أمريكية قتل خلاله المسؤول العسكري الإيراني ومرافقه أبو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي، ومواطنون عراقيون آخرون. ويعد الجنرال سليماني من صقور الحرس الثوري الإيراني، وقائد فيلق القدس، الذراع العسكري الخارجي للنظام الإيراني، الذي ينفذ مهاما عسكرية وسياسة في لبنان وسوريا والعراق، كما اشتغل، أيضا، في أفغانستان. فقد قاتل إلى جانب نظام بشار الأسد، لإخماد الثورة السورية، وقاتل تنظيم الدولة “داعش” في العراق وشارك في العملية العسكرية ضد مدينة الفلوجة في ماي 2016، وكان له نشاط، كذلك، في لبنان. وخلف مقتله غضبا عارما وتهديدات بالثأر من إيران وحزب الله في لبنان وأنصاره في العراق ممثلين في الحشد الشعبي وجيش المهدي، التابع لمقتضى الصدر. وتبنت الولاياتالمتحدة الغارة التي قتل فيها سليماني، وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون أن الرئيس دونالد ترامب أمر بتصفية الجنرال سليماني لأنه “كان في طريقه لرسم خطة لقتل جنود أمريكيين”، وجاء في بيان البنتاغون: “بتوجيه من الرئيس، نفذ الجيش الأمريكي عملا دفاعيا حاسما لحماية الأمريكيين في الخارج بقتل قاسم سليماني”، ووصف فيليب سميث، الخبير الأمريكي بالجماعات المسلحة الشيعية، اغتيال سليماني بأنه “أكبر عملية تصفية على الإطلاق تنفّذها الولاياتالمتحدة”، معتبرا في تصريح لموقع “الجزيرة” أنها “أكبر من تلك التي قتلت فيها أبو بكر البغدادي أو أسامة بن لادن”. ومن شأن هذه العملية أن تَخَلَّق تداعيات كثيرة، خاصة في علاقة الأمريكيين بالشيعة. ويرى محمد الزهراوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة مراكش، أنه “لا بد من فهم وتحليل توقيت هذه الضربة الأمريكية، وما المغزى من استهداف هذا الجنرال الذي يتمتع بنفوذ كبير في المنطقة؟ فهو من يهدد وجودها العسكري في العراق، “فهل تحاول أمريكا العودة بقوة إلي العراق بعدما أدركت بشكل متأخر أن هذا البلد صار بعد انسحابها تحت النفوذ الإيراني”؟ واعتبر أن العملية تندرج في إطار “تكتيكات أمريكية جديدة، لإعادة ترتيب المشهد في منطقة الشرق الأوسط، ومحاولة إنهاك إيران عبر دعم سنة العراق، وإدخال المنطقة في حرب مفتوحة عسكرية وطائفية.”… وتتواصل ردود الفعل التي تندر باشتغال حرب مدمرة في المنطقة، فقد أدان رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقي عادل عبدالمهدي الغارة الأمريكية، معتبرا أن اغتيال قائد عسكري عراقي يشغل منصبا رسميا (في إشارة إلى نائب رئيس مليشيات الحشد أبو مهدي المهندس) يعد “عدوانا على العراق دولة وحكومة وشعبا”، وأن القيام بعمليات “تصفية ضد شخصيات قيادية عراقية أو من بلد شقيق على الأرض العراقية يعد خرقا سافرا للسيادة العراقية، واعتداء صارخا على كرامة الوطن وتصعيدا خطيرا يشعل فتيل حرب مدمرة في العراق والمنطقة والعالم”. وتوعدت السلطات الإيرانية، بردّ “قاس وقويّ”، معلنة الحداد ثلاثة أيام في البلاد، فيما ينتظر ما سيسفر عنه اجتماع للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لبحث الهجوم الأمريكي.