في أجواء مؤثرة التأم مساء الجمعة الماضي، جمع من الشخصيات البارزة في “حفل وفاء وعرفان“، لذكرى الراحل الصحافي والناشر عبدالكبير العلوي الإسماعيلي الذي وافته المنية زوال يوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2019، إثر أزمة صحية مفاجئة. عدة أسماء حضرت اللقاء بدعوة نسقها الصحافي عبد العزيز كوكاس، الذي عاش عن قرب مع الراحل واشتغل معه في تجارب الصحافة والنشر، لدرجة أنه قال إنه تحدث مع الراحل ساعات قبل يوم من وفاته ودعاه إلى الغذاء، لولا أنه اعتذر قبل أن يعلم أنه توفي. في بيت الراحل في الهرهورة نواحي الرباط، تجمعت شخصيات من مشارب مختلفة أبزهم مولاي إسماعيل العلوي، قيادي التقدم والاشتراكية، والمفكر عبدالإله بلقزيز، والفيلسوف محمد سبيلا، والاستقلاليين محمد ماء العينين، وعلال مهنين، وشخصيات أمثال عبد العزيز النويضي، ومحمد الساسي، ومحمد مدني، والصديق معنينو، وإدريس العيساوي، وغيرهم، فضلا عن شقيق الراحل مولاي رشيد العلوي، الدبلوماسي المغربي السابق في أستراليا. كلهم التأموا لتذكر الراحل عرفانا لما قدمه للثقافة والصحافة. وتليت في حق الراحل كلمات مؤثرة على إيقاع موسيقى العود للفنان المعروف عبدالله عصامي. فقد كان الراحل، مؤسس ومدير جريدة "الزمن" الأسبوعية، إحدى أولى الصحف المستقلة في المغرب وصاحب منشورات “الزمن“. كما اكتسب تجربة إعلامية كبيرة بإذاعة (دولتشه فيليه) الألمانية في نهاية ستينيات القرن العشرين، وأصبح مراسلها بالمغرب فيما بعد. يقول مولاي إسماعيل العلوي إنه تعرف على الراحل مبكرا، وعرف فيه “الصديق المناصر للقضايا الوطنية وضحى بكل ما كسبه من أجل الأدب والكتب“. وقال عنه محمد سبيلا بتأثر، إنه تعرف عليه مبكرا وتعاون معه في مراجعة الكتب،واكتشف نبوغه في تحليل وفهم السياسة والعلاقات الدولية. وبحكم الصِّلة الوثيقة التي جمعت الرجلين، فقد قال عنه سبيلا “حين أتذكر المرحوم، فإنني أتذكر جزءا من حياتي“. ويتذكر الصحافي كوكاس بعض القصص التي عانى منها العلوي مع السلطة وخلفت له “جراحا“، ففي سنة 1995، اختار عنوانا للصفحة الأولى لجريدة “الزمن” يحمل تساؤلا “كيف يفكر الحسن الثاني؟” فاستدعاه أحمد رضا كديرة، ونبهه بلهجة حادة، وَمِمَّا قاله له “هل تعرف ما فعلت؟ كان عليك انتظار 20 سنة لتطرح هذا السؤال“، كما روى كيف أنه في عز أزمة مالية لجريدة الزمن، زارته شخصية بارزة في الدولة في بيته، وعرضت عليه دعما سخيا، لكن العلوي “طرده من بيته“. ويروي الصحافي محمود معروف قصة مثيرة عاشها حين حضر مع صحافيين عرب ومغاربة لندوة صحافية للراحل الحسن الثاني، في قصر الصخيرات، حول إحدى القمم العربية، وبعد طرح الأسئلة أشار الحسن الثاني إلى آخر صحافي سيطرح سؤالا، لكن عبد الكبير العلوي، رفع يده وقال للحسن الثاني “أنا صحافي من اليمن“، فقبل الحسن الثاني منحه حق طرح سؤال أخير، لكن لما قدم نفسه، قال له الملك “أنت مغربي“، فرد العلوي “نعم، ولكننا كلنا من أصل يمني“، فضحك الحسن الثاني الذي كان مزاجه جيدا. ومن جهته، روى محمد ماء العينين، الاستقلالي والسفير المغربي السابق أنه تعرف على الراحل العلوي لما كان شابا يافعا في ديوان امحمد بوستة في نهاية السبعينيات، وقال “قدمه لي بوستة باعتباره صحافيا كبيرا“، وكشف أن العلوي كان مصدر معلومات الصحافيين الأجانب حول قضية الصحراء. أما شقيقه مولاي رشيد، فعبر عن امتنانه لتنظيم اللقاء وقال بتأثر “لم أفقد أخا فقط، بل فقدت 90 في المائة من حياتي“..