غادر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، المغرب دون اللقاء بالملك محمد السادس، وفقا لما كان معلنا في برنامجالزيارة، في الوقت الذي تحدثت مصادر عن “أجندة ضغط” حملها بومبيو إلى الرباط، على رأسها التطبيع مع“إسرائيل“، وقُوبلت بالرفض والاعتراض من طرف الملك. وطلب بومبيو من المغرب تطبيعا للعلاقات مع “إسرائيل“، بمستوى العلاقات التي كانت بين البلدين خلال الفترة ما بين1994 و2000، لكن المغرب رفض الاقتراح. لكن الخارجية الأمريكية نفت أن يكون ملف تطبيع العلاقات بين إسرائيلوالمغرب ضمن أجندة زيارة الوزير مايك بومبيو الحالية إلى الرباط. وذكر مسؤول في الخارجية الأمريكية، أول أمسالخميس، أثناء موجز صحافي نشرت الوزارة نصه على موقعها، ردا على سؤال عما إذا كان بومبيو يناقش في المغربتطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل: “أقول لك بصراحة إن ذلك لم يكن موضع نقاش“. بيد أن هذا النفي، الذي جاءردّا على تقارير إعلامية إسرائيلية وأمريكية، يتعارض، كذلك، مع بيان سابق للخارجية الأمريكية، أعلنت فيه عن زيارةبومبيو للمغرب، لاستعراض “الشراكة الاقتصادية والاستراتيجية الوطيدة” بين الدولتين، بالإضافة إلى بحث مجالاتللتعاون المستقبلي ضمن إطار “الحوار الاستراتيجي الأمريكي– المغربي“. وهو البيان الذي تزامن مع تصريحاتلمسؤول كبير في الخارجية الأمريكية، وصف المغرب بأنه “شريك عظيم” للولايات المتحدة، منوها ب“الدور المغربالعظيم” في تعزيز “قيم التسامح” بالمنطقة، ومضيفا أن للمملكة المغربية “روابط وعلاقات هادئة مع إسرائيل، كمانعرف“. وعززت تقارير إعلامية إسرائيلية هذا المنحى، بحيث نقلت القناة ال12 الإسرائيلية الأربعاء الماضي عن مسؤول رفيعالمستوى في الحكومة الإسرئيلية قوله، إن الدولة الصهيونية تأمل في إحراز “إنجاز دبلوماسي حقيقي“، من خلالعملية إقامة علاقات طبيعية مع المغرب حتى 11 دجنبر الجاري. ويشير تاريخ 11 دجنبر إلى موعد انقضاء المهلة الممنوحة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، لتقديم مرشح يتمكن منكسب دعم 61 من أصل 120 نائبا فيه لرئاسة الحكومة، بغية تفادي سيناريو إعادة الانتخابات التشريعية للمرةالثالثة على التوالي. وزعمت القناة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي فشل مرتين منذ بداية العام الجاري فيتشكيل الحكومة، يتطلع إلى استخدام هذا الإنجاز، أي التطبيع مع المغرب، كي يكسب الدعم المطلوب من المشرعينلتشكيل الائتلاف الحاكم أو التعويل عليه في حملته الانتخابية الجديدة. لهذه الأسباب، كان اللقاء بين بومبيو ونتنياهو في لشبونة بالبرتغال الأربعاء الماضي، أي قبل زيارة بومبيو للمغرببيوم واحد، مستفزة للسلطات العليا في الرباط، لأن رئيس الدبلوماسية الأمريكية ظهر وكأنه قادم للرباط من أجلتحقيق هدف وحيد، وهو الضغط على المغرب للتطبيع مع إسرائيل لإنقاذ بنيامين نتنياهو، بدل أن تكون أجندته لصالحتعميق العلاقات بين المغرب وأمريكا. واقتصر لقاءات بومبيو، أول أمس الخميس، على اللقاء برئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بحضور وزير الدولةالمكلف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، مصطفى الرميد، والقائم بأعمال سفارة الولاياتالمتحدةبالرباط، ديفيدغرين. كما أجرى لقاء آخر بوزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ثم لقاءثالث مع عبداللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني (الديستي). بينما لم يلتقالمسؤول الأمريكي بالملك محمد السادس، ولم تعقد الندوة الصحافية التي كانت مقررة بين بوريطة وبومبيو، واكتفتوزارة الخارجية بتوزيع تصريح على الصحافيين، ينوه بالعلاقات الاستراتيجية بين المغرب وأمريكا، مؤكدا أن زيارةبومبيو «تكتسي طابعا متميزا على أكثر من مستوى. فهي الزيارة الأولى له إلى المغرب وإلى منطقتنا كوزيرلخارجية أيريكا“. ويبدو أن أمريكا مهمومة بإنقاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكانموقع Axios الأمريكي قد نشر الثلاثاء الماضي، تقريرا إخباريا نقلا عن مصادر إسرائيلية وعربية وأمريكية، أفادبأن نائبة مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، فيكتوريا كوتس، التقت الأسبوع الماضي في واشنطن، معسفراء المغرب والإمارات والبحرين وسلطنة عمان، لِحث هذه الدول على توقيع اتفاقيات عدم اعتداء مع إسرائيل، وقالهؤلاء السفراء في المقابل، حسب الموقع الأمريكي، إنهم سيتشاورون مع حكوماتهم وسيبلغون إدارة الرئيسالأمريكي دونالد ترامب عن قرارها قريبا. وبات مؤكدا أن بومبيو قد نقل الرد المغربي على طلب نائبة مستشار الأمن القومي الأمريكي، علما أن المغرب رفضمرارا قبل ذلك، أي لقاء مباشر مع المسؤولين الإسرائيليين، حتى إن الملك محمد السادس ألغى مشاركته في قمةإفريقية، خاصة بغرب إفريقيا سنة 2017 لتفادي أي لقاء برئيس الوزراء الإسرائيلي.