رغم التنبيه الملكي في خطاب افتتاح السنة التشريعية إلى أن المرحلة الحالية لازالت بعيدة عن الانتخابات وما تتسم به من صراعات، وأن الأولوية الملحة تقتضي التعبئة من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، أطلق حزب التجمع الوطني للأحرار، أول أمس، ما ّسماه برنامج “100 يوم 100 مدينة”، من مدينة دمنات نواحي مراكش، في خطوة وصفها كثيرون بأنها “حملة انتخابية سابقة “لأوانها. وكشف عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، أن الهدف من وراء الحملة الجديدة هو “الاستماع والإنصات إلى المواطنين من “أجل التعرف على أولوياتهم، وكيف يرون مستقبل مدنهم، خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والشغل والبنيات التحتية. وأوضح رئيس الأحرار أن هذه الحملة ستمتد إلى غاية نهاية يونيو 2020 ،ستزور خلالها قيادات الأحرار 100 مدينة متوسطة وصغيرة، من تلك التي تعاني مشاكل التهميش والفقر، في أفق صياغة حزبه لبرنامج سياسي واقعي وعملي، وبمقاربة تشاركية مع المواطنين، وفق منهجية ستغير بشكل جذري نمط اتخاذ القرارات. وعهد إلى محمد بوسعيد، المنسق الجهوي للحزب بالدار البيضاء- سطات، الإشراف على هذه الحملة وطنيا، حيث يعتزم الحزب، الذي يشكل القوة الثانية في الحكومة، ويقود أبرز القطاعات الحكومية الاقتصادية والإنتاجية، على رأسها وزارة الفلاحة والصيد البحري ووزارة المالية والاقتصاد، زيارة ثلاث مدن صغيرة ومتوسطة في الوقت عينه، بهدف خلق دينامية مستمرة حتى صيف 2020. وكان أخنوش قد ّصرح قبل أسابيع بمدينة أكادير أن الهدف هو الإنصات للمواطنين من أجل إعداد البرنامج الانتخابي للحزب، الذي سيخوض به انتخابات 2021 ،لكن بعد الخطاب الملكي برسم افتتاح السنة التشريعية، يلاحظ أن الخطاب الانتخابي المباشر اختفى من خطاب قيادات الحزب، أول أمس، في دمنات، لكن لا يبدو أن شيئا آخر تغير عما سبق وأن رسمه الحزب وأعلن عنه في أكادير نهاية شتنبر الماضي. وفي كلمته، أول أمس، بدمنات، اعتبر أخنوش أن البرنامج الجديد لحزبه لا يهدف إلى “ربح صوت الصناديق”، بل إن ما يهمه أكثر هو “الفوز بصوت المواطن”، مؤكدا أن الاستحقاقات الانتخابية ما تزال بعيدة، وعلى الأحزاب الجادة أن تنزل للميدان، وأن تنصت للناس في الشارع. وسبقت طريقة تنظيم حزب الأحرار للقاء دمنات ما راج خلاله من مواقف، حيث ركزت بعض وسائل التواصل الاجتماعي على “الموائد” التي نصبت للحاضرين، أكثر مما تحدثت عن مضامين اللقاء ومواقف أخنوش، التي خلت من المواقف السياسية، اللهم بعض الإشارات العارضة والمنتقدة إلى قضية حرق العلم الوطني في فرنسا قبل أسبوع. في هذا السياق، اعتبر عبدالرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية، أن انخراط حزب التجمع الوطني للأحرار في حملة انتخابية “ليس شيئا معيبا، لأن وظيفة الحزب الأساسية هي التأطير والإعداد للانتخابات، لكن السؤال هو هل الحملة الانتخابية تجري بمنطق ديمقراطي أو بمنطق شعبوي؟”. وأضاف العلام أن المتتبع لحزب التجمع الوطني للأحرار يجده “حزبا وفيا لنهجه السياسي الذي تأسس عليه منذ نهاية السبعينيات، أي الاشتغال مع الأعيان ومن هم على شاكلتهم، باعتماد الموائد والوعود بالمزايا والمواقع، وهذا نهج معمول به وله زبائن “من الناس تحبذه وتنخرط فيه. واعتبر العلام أن استمرار عزيز أخنوش على النهج نفسه، معناه أنه بدوره “يفضل الاستمرار في الاشتغال بالأسلوب نفسه الذي سبقه إليه غيره، والاستثمار في الفئات نفسها، وهذا يعني أنه حزب ّ وفي لنشأته، ولا شيء تغير في الجوهر، وهذا الخيار لن ينتج تغييرا عميقا، ولا وعيا ديمقراطيا حقيقا، ولا برامج سياسية حقيقية”.