يتوجه أكثر من سبعة ملايين تونسي، اليوم الأحد، إلى مكاتب التصويت لاختيار ممثليهم في مجلس نواب الشعب (البرلمان)، وهو الثاني في تاريخ تونس منذ الثورة في 2011. وتبدو الانتخابات التشريعية التي تنظم خلال الفترة الفاصلة بين جولتي الانتخابات الرئاسية، التي أحدثت نتائج جولتها الأولى “زلزالا سياسيا حقيقيا”، غير محسومة، وقد لا تخلو من مفاجآت وتحديات، بينما تشير التوقعات إلى احتمال تسجيل اختراق جديد من قبل القوائم المستقلة ولاسيما من الموجة الشعبوية. ولا يخفي عدد من الملاحظين تخوفاتهم من أن تفرز هذه الاستحقاقات تمثيلية فسيفسائية داخل مجلس نواب الشعب المقبل، مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر على الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد. وتؤكد هذه الانتخابات التشريعية في الواقع ثقل القوائم المستقلة (722 من أصل مجموع 1572)، مع انخراط أكبر للمجتمع المدني في العمل السياسي وتراجع الأحزاب التقليدية ولاسيما الوسطية واليسارية التي فضلت خوض غمار هذا الاستحقاق الانتخابي بصفوف متناثرة. ويعد ائتلاف القوائم المستقلة “عيش تونسي” من بين الأوفر حظا في هذه الانتخابات إذ يزعج صعودها الأحزاب الكبيرة. و تبدو هذه الانتخابات التشريعية غير محسومة النتائج وعلى قدر من التعقيد. ويدل على ذلك العدد الكبير للقوائم: 1572 قائمة في 33 دائرة انتخابية، في تونس والخارج، فضلا عن عدد المرشحين المتنافسين (15737) من أجل شغل مقاعد في البرلمان المقبل، الذي يتكون من 217 مقعدا. وتجدر الإشارة إلى أن الحملة الانتخابية التي طبعها نوع من الفتور، إذ لم تنجح في إثارة نقاش عام حقيقي حول القضايا الساخنة الكبرى التي تشغل بال التونسيين، انتهت يوم الجمعة الماضي عند منتصف الليل، في ظل نوع من اللامبالاة والتساؤلات الملحة أيضا. وكانت حملة الانتخابات التشريعية قد انطلقت يوم 14 شتنبر الماضي بالتزامن مع يوم الصمت الانتخابي للانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى، وامتدت على مدى 21 يوما. وقد ألقت الانتخابات الرئاسية بظلالها على الانتخابات التشريعية نظرا لتنظيم هذه الأخيرة بين جولتي الاستحقاق الرئاسي، فضلا عن النزاع الانتخابي والقانوني الحاصل بخصوص وجود أحد المرشحين في الانتخابات الرئاسية في السجن (نبيل القروي).