منعطف مثير دخلته قضية تعرض شرطي مرور بمراكش لاعتداء جسدي مفترض من طرف قاضٍ، فرغم مرور أربعة أيام على الحادث، الذي وقع ليلة الاثنين الثلاثاء، لازال مآل البحث القضائي التمهيدي المنجز من طرف ولاية أمن مراكش معلّقا، ولم تأمر النيابة العامة الضابطة القضائية المختصة،حتى حدود زوال أمس الجمعة، باتخاذ أي إجراء قانوني في شأن المسطرة المنجزة المتعلقة بالقاضي المشتبه في قيامه ب»إهانة والاعتداء على موظف عمومي أثناء قيامه بمهامه». مصدر قانوني أكد بأن جدلا قانونيا يثيره البحث التمهيدي المنجز، فبينما خلصت الضابطة القضائية إلى أن بحثها أنتج أدلة كافية على ارتكاب القاضي، وهو مستشار بمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، للجنحتين المذكورتين المنصوص عليهما، وعلى عقوبتهما في الفصلين 263 و267 من القانون الجنائي، موضحا بأنه قام بتوجيه صفعتين لرجل الأمن، كما أشار البحث التمهيدي إلى أن القاضي كان في حالة سكر علني بيّن، إذ بدت عليه العلامات المنصوص عليها قانونيا، خاصة البذاءة في القول. في المقابل، اعتبر مصدر مقرب من القاضي «المشتبه فيه» بأن موافقة نائب الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، القاضي يوسف المتحف، بنقل القاضي من مقر الدائرة الأمنية الرابعة، التي اقتادته الشرطة إليها بعد وقوع الاعتداء المفترض على رجل الأمن، إلى إحدى المصحات الخاصة بداعي تلقي العلاج، (اعتبره) إقرارا من الجهة القضائية المشرفة على البحث التمهيدي بأن القاضي قد تعرّض إلى «التعنيف» من طرف الشرطة. ويضيف المصدر نفسه، بأن نائب الوكيل العام لم يؤكد حالة السكر العلني البيّن في حق القاضي، الواردة في محضر الضابطة القضائية، واكتفى ممثل الحق العام بالإشارة، في محضر المعاينة، بأن القاضي «لم يكن في حالة سكر طافح، وإنما كانت تفوح منه فقط، رائحة الخمر». وتزداد الإثارة حدة، فبعد فشل محاولات الصلح بين الطرفين، تشبث رجل الأمن «المعنّف»، وهو برتبة ضابط شرطة، بحقه في متابعة القاضي، وتقدم بشهادة طبية تحدد مدة العجز الذي لحقه من جرّاء الاعتداء الجسدي المفترض الذي تعرض له وهو يمارس مهامه، في الوقت الذي لم تصدر فيه المديرية العامة للأمن الوطني أي بلاغ في الموضوع. من جهته، تقدم القاضي بتقرير طبي يوضح «الجروح والكدمات»، التي يزعم بأنه تعرّض لها خلال تصفيده واقتياده إلى الدائرة الأمنية الرابعة على متن سيارة الشرطة. هذا، وقد دخل على الخط منسق لجنة الشباب بالودادية الحسنية للقضاة، القاضي خليل بوبحي، مناصرا القاضي المشتبه به، موضحا على صفحته الفايسبوكية بأن «زميله المحترم» لم يقترف أي جرم في حق شرطي المرور، وقال بأنه طلب منه إيقاف الطريق المكتظة بالسيارات قصد مساعدته في تسهيل عملية مرور عربة طفله «بوسيت» التي كانت تتولى زوجته السير بها، «فما كان من هذا الشرطي إلا أن قام بالتلفظ بعبارات تحقيرية أتبعها بالدوس على رجله، فما كان من الأستاذ المحترم إلا أن قام بدفعه من على رجله، وقدم صفته للشرطي، الذي قام برمي قبعته وشرع في الصراخ مدعيا بأن قاضي قام بتعنيفه»، يقول بوبحي، الذي تابع بأن متجمهرين أحاطوا بالقاضي وحاولوا تعنيفه، بعدها حضرت عناصر الشرطة وقاموا بتعنيفه والتنكيل به وتصفيده بحضور زوجته ورضيعه وقاموا برميه في سيارة الشرطة واقتياده للدائرة المداومة، دون أي احترام للمساطر القانونية الجاري بها العمل فيما يتعلق بالامتياز القضائي، قبل أن يحضر نائب الوكيل العام بمقر الدائرة الأمنية ويتم نقل القاضي في سيارة الإسعاف لإحدى المصحات.