مع اقتراب عيد الأضحى، تجدد الجدل حول ما إذا كانت فترة العيد التي يضاف إليها يوم عطلة إضافي بمناسبة ذكرى استرجاع وادي الذهب، يعيد إلى الأذهان ما عبرت شريحة واسعة عنه من سخط، إزاء افتقارها إلى ما يكفيها من النقود في فترة العيد في السنة الماضية، بسبب تداخل أيام عيد الأضحى مع مناسبات وطنية، ما جعل فترة العطلة تطول إلى قرابة أسبوع لدى عدد واسع من الوكالات المصرفية، وبالتالي فإنه مع تشابه سياق العيد هذا العام مع سابقه، تتجدد التطلعات إلى تطمينات رسمية ويعود ترقب ما سيكون في فترة هذا العام. شبح “ورطة” سحب النقود قبل وبعد وفي عيد الأضحى.. ضيف غير مرغوب فيه قبل أيام قليلة من عيد أضحى العام الجاري، ومع عودة ما يمكن وصفه ب”شبح ورطة العام الماضي”، اشتكى عدد من المواطنين في تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، من انعدام السيولة الكافية في عدة صرّافات آلية لدى البنوك التي يودعون أموالهم فيها، فيما عبر عدد كبير عن بوادر أزمة بسبب تعطل الخدمة في عدة صرّافات بنكية. وعبّر آخرون عن تضييع وقت كبير في الهرولة من وكالة إلى أخرى دون تحصيل النقود، وبالتالي تفويت مواعيد والتزامات خاصة، وعودة صورة العام الماضي من جديد، والأمر هنا لا يعني بالضرورة سحب أموال لشراء حاجيات مرتبطة بفترة العيد تحديدا، فالكل يبقى محتاجا في النهاية إلى نقود من ملكه مودعة في صناديق وكالات بنكية تتنافس بشراهة وشراسة، لخطف زبائن قطاع محتدم التنافس. والأمر هنا حسب عدة حالات منتشر في عدة مدن في البلاد، وليس في مكان دون آخر. وطبعا يبقى حجم الضغط في هذا السياق مختلفا حسب نوع المؤسسة البنكية، وحسب حجم عملاء كل مجموعة مصرفية. وبالتالي فإن الجميع كان قبل فترة العيد يتساءل حول ما إذا كانت فترة العيد وما بعده ستعرف تكرار ورطة السنة الماضية أم لا، رغم تطمينات بنك المغرب وكل المؤسسات البنكية، وتناول عدة تقارير أخبار عقد مباحثات جادة لتفادي تكرار سيناريو لم يغب عن أذهان الزبائن بعد. التعليمات صارمة.. كل شباك فارغ يجب تعبئته في أقرب وقت ممكن إن ما يحدث في مناسبة عيد الأضحى يتكرر كل عام، حسب موظفة في وكالة بنكية تحفظت عن ذكر اسمها، إذ أن عمليات السحب كما هو معلوم تكون كبيرة جدا، لدرجة أن زبائن الوكالات المصرفية يجرون عمليات سحب تكون أكبر من عمليات دفع الودائع المالية في حساباتهم المصرفية، ما يعني أن مختلف الوكالات تعرف ضغطا في عمليات السحب. وتضيف المُصرحة بأن الأيام القليلة قبيل العيد معظم من صُرفت أجورهم تم سحبها، ومعظم العلاوات المقدمة بمناسبة العيد كان لها نفس مصير الأجور، وبالتالي فإن الرصيد الذي تبقى كان ضئيلا إلى حد كبير، وهذا الأمر في حد ذاته ليس سلبيا، بل هو أمر جيد جدا للوكالات، لأنه كلما أفرغت الصناديق، كلما تم تزويدها بمبالغ مالية تطلبها الوكالات، والتي تقدر أحيانا بملايين الدراهم للوكالة الواحدة، حتى تغطي أيام مناسبة العيد. وعلاقة بما حدث السنة الماضية من أزمة في وجود السيولة النقدية في عدد كبير من الصرافات الآلية، بسبب طول فترة العطلة التي شملت مناسبات دينية ووطنية، أصرت المتحدثة بأن تلك الفترة كان من المتوقع فيها حدوث ما أغضب شريحة واسعة من العملاء، وشددت في هذا السياق على أن المؤسسة البنكية التي تشتغل فيها، والتي تعتبر واحدة من أكثر المجموعات المصرفية انتشارا في المغرب، تلقى موظفوها تعليمات واضحة للعمل على تفادي انعدام السيولة النقدية في صرّافات السحب، وكان رئيس المجموعة البنكية من أصدر التعليمات الصارمة في هذا السياق، وأكدت محدثتنا أن عمليات التعبئة في صرّافات الوكالة التي تشتغل فيها، تمت السنة الماضية مرة واحدة خلال العطلة التي قاربت أسبوعا كاملا. وشددت بأن الصرامة الإدارية في مؤسستها أمرت الموظفين بالاستنفار كلما كان أي شباك تابع لوكالاتهم فارغا. ماذا يحدث إذا أفرغ الزبائن صندوق الشباك؟ ومن بين أهم الأشياء الذي يجب أن يعرفها القراء، أن أي فراغ في شباك بنكي لوكالة من الوكالات، سيكون أمرا طبيعيا ما دام الإقبال على السحب كبيرا هو الآخر، لكن ما لن يكون عاديا هو استمرار هذا الفراغ، فالشباك الذي يكون فارغا صباحا ويظل كذلك مساء ثم إلى اليوم الموالي مساءً، سيعني شيئا واحدا، إما تقصير الموظفين أو الإدارة لدى الوكالة البنكية أو الشركات الخاصة التي تقوم بتعبئة السيولة النقدية في شبابيك المصارف، لأن العملية تجري كالآتي: عندما يصبح شباك مصرفي فارغا، يرسل إنذارا في الحين إلى مكتب خاص في الدارالبيضاء بتتبع وضع الصرافات الآلية في كل الوكالات، وهو الأمر نفسه يتكرر إذا كان الشباك معطلا (وإن كانت فيه أموال السحب)، بعد ذلك يقوم المكتب الخاص في المركز بإشعار موظفي الوكالة برسائل بريدية إلكترونية، فيما يتواصل المكتب مع المسؤول الإداري ومدير الوكالة هاتفيا لإبلاغهم بالأمر. وإذا كان الأمر كما سبق ذكره، فإن طول غياب النقود في شباك ما، سيعني أن فريقا من المتدخلين السابق ذكرهم، لم يقم فعلا بما يجب القيام به إزاء توفير الخدمة البنكية، التي تتنافس فيها كل المؤسسات في القطاع البنكي، وتسعى دائما بجذب المزيد من العملاء باستمالتهم بخدمات كثيرة، منها سهولة سحب النقود، بمختلف الطرق المتطورة والرقمية. وشددت الموظفة البنكية التي قدمت ل”أخبار اليوم” تفاصيل سير الوضع التدبيري في أيام “العواشر” الاستثنائية، بأن هذا العام تلقت ككل زميلاتها وزملائها في مؤسستهم البنكية نفس التعليمات وبنفس القدر من الصرامة، وقالت محدثتنا إن الأوامر تفيد بأن كل شباك يجب أن يستمر في أداء مهامه، ويجب ألا يتوقف أبدا، لدرجة أن رئيس المجموعة البنكية التي تشتغل فيها كان دائم التذكير بصرامة التعامل مع الوضع هذا العام، وبشكل يكاد يكون يوميا قبيل العيد، وكل تهاون في هذا الأمر سيعني تعرض المقصرين للتوبيخ. ومن الواضح أن البنك الذي تشتغل فيه المصرحة يعلم فظاعة تكرار ما حدث السنة الماضية، خاصة بعدما انتشر بين الزبائن وفي أوساط الرأي العام المغربي، الفشل الشنيع في تأمين السيولة الكافية في الشبابيك الإلكترونية، في عدد واسع من الوكالات البنكية. وتشير المتحدثة أيضا إلى أنه خارج المناسبات كعيد الأضحى الذي يعرف ضغطا كبيرا على السحب، تعرف الأيام العادية من العام أحيانا وجود شبابيك مصرفية فارغة، وهذا لا يعني دائما تقصيرا في العمل البنكي، لأن ما من بنك في الظروف العادية من مصلحته أن يكون شباكه الآلي فارغا أو معطلا، ففي حالة فراغه، يتعلق الأمر بغياب السيولة اللازمة لضخها في الصندوق، لأن العملية عبارة عن سلسلة من المتدخلين، وقد يحدث أن تكون الوكالة بشباك فارغ، وقامت فعليا بطلب السيولة، وفي هذه الحالة تبقى منتظرة الشركة الخاصة بنقل الأموال، حتى تمدها بما تحتاجه. وفي الأيام الاستثنائية كما هو حال أيام “العيد الكبير” هذا العام، الذي ستشهد فترته عطلة من مطلع نهاية الأسبوع 10 غشت إلى يوم الخميس 15 غشت، أي خمسة أيام، فإن وكالتها لوحدها، قدمت طلب سيولة يفوق 4 ملايين درهم، وذلك من أجل غاية واحدة، كلما يفرغ شباك الوكالة، يعبأ في الحين إلى أن تمر الأيام الخمسة بلا مشاكل، دون أن تكون الخدمة في الوكالة تحت رحمة شريكتها التي تزودها بالأموال. ويجب العلم في هذا السياق أن الحد الأقصى في خزان الصراف الآلي، لا يجب أن يتجاوز 600 ألف درهم، وهذا المبلغ هو الحد الأقصى الذي تؤمنه مؤسسة التأمين للبنك، ففي حالة حدوث أي طارئ كعملية سرقة أو أي شيء آخر، لا تؤمن شركات التأمين إلا ما هو في حدود السقف المذكور، وفوقه لن يكون المُؤَمّن مسؤولا عن تعويضه للوكالة البنكية. وعلاقة بحجم صناديق الصرافات، فإن تعبئتها محدودة في عدد من عُلب “الكاسيت” التي تتضمن الأوراق النقدية، والتي تفوق عادة ما تكون في مجموعها أعلى من 600 ألف درهم.