طاردت دوريات أمنية من شرطة الدراجات النارية، شاحنات نقل مادة “الفحم الحجري” الموجه للمحطة الحرارية لآسفي التي تُديرها مجموعة “سافييك” متعددة الجنسيات، فيما يشرف المكتب الوطني للكهرباء على صفقة الفحم الحجري،ويحدثُ ذلك خلال الأسابيع الأخيرة بعدما استغل سائقو هذه الشاحنات جنح الليل للمرور عبر شوارع المدينة، عوض خارجها وكما هو مُحدد في دفتر التحملات، إذ ينص على إلزام الشاحنات بسلك طرق معينة بعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان، وفضح انقلاب إحدى الشاحنات محملة بأطنان من مادة “الفحم الحجري” مرورها وسط المجال الحضري وخرقها لبنود دفتر التحملات. وعاينت “أخبار اليوم” مطاردة شاحنتين لنقل الفحم الحجري، تسيران بسرعة فائقة وسط شارع “الحسن الثاني” وملاحقتهما من قبل درجة نارية للشرطة، قبل أن يتم توقيفهما قرب مدار حي “وريدة” ومطالبة سائقي الشاحنات بالعودة من حيث أتو وسلك المسار الأصلي المحدد في دفتر التحملات، والذي يُلزم هذه الشاحنات بالمرور عن طريق “ثلاثاء بوكدرة”. وقالت مصادر جيدة الاطلاع ل”أخبار اليوم”، إنه جرى تنفيذ اتفاق بين شرطة آسفي ومجلس المدينة، الذي يُلزم هذه الشاحنات بعدم المرور من وسط المدينة، وأكد المصدر ذاته أن أغلب السائقين مازالو يتدرعونَ بجهلم بالطريق المنصوص عليها في دفتر التحملات، والذي اطلعت “أخبار اليوم” على نسخة منه، كما حدده المكتب الوطني للكهرباء ONEE للشركات المكلفة بنقل الفحم الحجري. وأضاف المصدر ذاته أن السلطات الأمنية شرعت في إلزام السائقين بالمرور من طريق خارج آسفي، وإحاطتهم علمًا بعدم دخول المجال الحضري، مع تسجيل مخلفات وغرامات مالية ضد السائقين، وسارعت سلطات مدينة آسفي، ومجلس المدينة، إلى تنفيذ قرار منع الشاحنات، مباشرة بعدما انقلبت عدة شاحنات ضخمة محملة بأطنان من مادة “الفحم الحجري” وسط مدينة آسفي وضواحيها، وخصوصا في مناطق “زراعية” وأخرى مأهولة بالناس في مشاهد حبست الأنفاس، نظرًا للتلوث الذي يُسببه الفحم الحجري والضرر الذي يلحق بالمحاصيل الزراعية. واعترف مسؤولون في المكتب الوطني للكهرباء ب”الأزمة” التي يتخبطون فيها، نتيجة تعثر أشغال الميناء الجديد وخاصة رصيف الفحم الحجري، وهو الميناء الذي دشنه الملك عام 2013 وكلف غلافا ماليا فاق 4 مليارات درهم وتقرر افتتاحه رسميًا مع متم سنة 2018، وقال مسؤولو الONEE في لقاء جمعهم بإحدى الجمعيات الحقوقية بالدار البيضاء، أعلنَ عن نتائجه نهاية الأسبوع الماضي، إن “فوضى شاحنات الشاربون” سببها تعثر اشغال الميناء الجديد، مؤكدين أن عملية نقل الفحم الحجري عبر الشاحنات مجرد إجراء مؤقث سينتهي مع اشتغال الميناء الجديد الذي ينتظره ONEE أن يُسلم في دجنبر القادم، غير أن الميناء ظل متعثرًا بشكل أثار حفيظة (الهيئة الوطنية لحماية المال العام). إذ كشفت عن أعمال غش بالميناء صرفت لها ملايين الدراهم كخسائر جديدة تكبدتها وزارة التجهيز والنقل. ووجهت الهيئة شكاية إلى الوكيل العام لجرائم الأموال في مراكش، مطالبة بإجراء خبرة تقنية، وافتحاص مالي، وقال بدر الدين الصافي ل”أخبار اليوم”، رئيس المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام لجهة مراكشآسفي، “إن جمعيته تتجه إلى وضع شكاية أخرى لدى الوكيل العام في محكمة جرائم الأموال، تُطالب فيها بإجراء تحقيق، وتحديد المسؤوليات حول من يتحمل الخسائر المالية الضخمة، التي تُصرف من المال العام، بعد ظهور "أعمال غش محتمل"، وكذا من يتحمل نفقات المبالغ المالية الإضافية المخصصة، وكشف المتحدث ذاته أن الميناء الذي حدد له مبلغ 4 مليارات درهم، تفاقمت ميزانيته الآن لتصل إلى حوالي 5 مليار درهم، مشيرا إلى أن الشكاية الأولى، التي وضعتها الجمعية، جعلت من النيابة العامة أن تكلف المختبر العمومي للتجارب والدراسات بإجراء افتحاص في الشقوق والتصدعات الضخمة في الميناء التجاري الجديد. وتأكد ل”أخبار اليوم” من مصادر رفيعة المستوى في مجال “الأبحاث البيئية”، أنه بفعل مرور الفحم الحجري من وسط شوارع آسفي في ظل تأخر تسليم الميناء، أظهرت قياسات جودة الهواء في مدينة آسفي تلوثًا كبيرًا، من خلال رصد الجسيمات الدقيقة على مستوى الشوارع التي تمر منها شاحنات الفحم الحجري، وحصل فريق بحث سويسري خلال زيارته لآسفي في فبراير الماضي، على معدلات ما بين 223 و700 ميكروغرام / م 3 أيّ (ميكروغرام لكل متر مكعب) من الجسيمات الدقيقة التي تُعرف ب (PM2.5)، وهذا يعني أنه يزيد عن 8 إلى 16 مرة ضعف القيمة المفترضة، وفقا لدليل أوصت به منظمة الصحة العالمية (WHO)، وهو 25 ميكروغراما من الجسيمات الدقيقة (PM2.5) لكل م 3. وتمثل هذه التركيزات العالية من الجزيئات الدقيقة خطرًا كبيرًا على صحة السكان.