في خطوة مفاجئة وتصعيدية، وجه عدد من المنتمين حزب العدالة والتنمية، نداء تحذيريا شديد اللهجة للقيادة الوطنية، ل”إنقاذ الحزب” من ما وصفوه ب”الانفصال للقواعد عن القيادة، والسقوط في التخبطات الداخلية، نتجت عنها مواقف غير سليمة في قضايا وطنية، مثل التصويت على مشروع قانون الإطار لإصلاح التعليم”. النداء الذي تم توقيعه من قبل يادات مركزية، ومنتخبين في مختلف المؤسسات ومسؤولين مجاليين، ومناضلي “البيجيدي” داخل الوطن وخارجه، قسم المشهد الحزبي لل”مصباح” لمرحلتين، الأولى تزعمها الأمين العام السابق، عبد الإله بن كيران، والمرحلة الثانية، بعد إعفاء بن كيران، هذه الأخيرة التي عرفت، حسب النداء، “فشل واضح في التدبير على مختلف المستويات”، وأيضا، “الشعور بالتيه وفقدان البوصلة، الذي أفقد الحزب قوته وحصانته”. النداء سلط الضوء على فقدان العدالة والتنمية المرجعية الفكرية، والهوية السياسية في الخروج بقرارات منسجمة، وذلك في مرحلة “ما بعد بن كيران”، بالإضافة إلى تجاهل كل الأصوات المعارضة داخل الحزب من مناضلين، وتفرد القيادة باتخاذ القرارات الأمر الذي غير جلد الحزب بدعوى التوافقات والضغوطات”. واعتبر الموقعون على النداء أن حزب الخطيب أصبح، مع القيادة الحالية، أقرب إلى باقي الأحزاب السياسية التي لفظها المغاربة، وذلك بارتكاب القيادة ل”النزوع المنهجي للتبرير، والتسويغ، وفقد القدرة على الإقناع والتعبئة الإيجابية، حتى صار سلاحها في مواجهة الرأي المختلف هو إعمال المساطر الانضباطية، وتبني منهج العقاب على قاعدة الاستحكام التنظيمي الذي يقتل الحرية والمبادرة”. وردا على الإجراءات “التأديبية” التي اتخذها الحزب، في حق بعض المناضلين عبر ربوع المملكة، أورد النداء، أن قيادة “البيجيدي” لم تعد لها القدرة على الحوار، وأصبحت تكتفي ب”زرع بذور النزاع والشقاق، وإشعال نار الخلافات والحسابات والعداوات، بعيدا عن رهانات الحزب الحقيقية المتمثلة في محاربة الفساد والاستبداد والوفاء لنهج الإصلاح”. وجاء في النداء أن “سياسة العقاب”، التي تنهجها القيادة الحالية من “إبعاد المخالفين وإقصائهم، يخلق في صفوف القواعد تذمر وعدم رضى”، الأمر الذي أدى إلى “تراجع منسوب حرية التعبير عن الرأي، واستحكام آليات متعددة لإضعاف الرأي المختلف وأصحابه، وعلى رأسها الآليات التنظيمية، وهو ما يرصده ويلاحظه المناضلون”. ولم يتناس النداء المطول، الصادر، أمس السبت، موقف العدالة والتنمية من قضية تدريس اللغات وما واكبها من “سوء نقاش داخلي”، هذا الموقف الذي يُعتبر، حسب المصدر ذاته، “استمرارية لسلسلة من المواقف التي حادت عن منهج الحزب، وهو ما يفاقم الوضع الداخلي ويعمق الفجوة مع امتداد الحزب الشعبي رغم تمسك القيادة الحالية بخطابي العافية التنظيمية، وتفعيل المساطر والأنظمة بعيدا عن النقاش الهادئ والعميق، الذي صارت مختلف مؤسسات الحزب عاجزة عن احتضانه”. النداء اعتبر أن الحزب بدأ يعرف مسارا تراجعيا، وينهج “التبرير المخيف”، ويحتاج إلى مسار تصحيح من طرف القيادة، وذلك بابتعادها عن “مركزة القرار وشخصنته، والإنصات لنبض المناضلين والشارع الذي احتضن الحزب ودافع عنه منذ تأسيسه، و”الفهم على أن المناضلين يستوعبون الإكراهات والتنازلات، عوض الاستسلام ثم الاجتهاد في تبرير الاستسلام ثم قمع من يرفضون التسليم بالاستسلام كخيار واحد ووحيد”. وخصص النداء فقرة منه لأعضاء المجلس الوطني، يدعوهم من خلالها إلى “تحمل مسؤوليتهم التاريخية كمنتخبين من عموم المناضلين لتمثيلهم في المؤسسة التقريرية الأولى في الحزب، والتي صارت تعرف تهميشا غير مبرر من طرف الأمانة العامة كجهاز تنفيذي، بلغ المخالفة الصريحة لتوصياتها ومخرجات نقاشاتها التي تصاغ في البيانات الختامية، ولعل الموقف من لغات التدريس آخر مخالفة لما تم الاتفاق عليه في المجلس الوطني”. أيضا، وجه النداء كلمته لشبيبة العدالة والتنمية، بصفتها التنظيم الشبابي القادر على “الدفاع عن قيم النقد الحر” وذلك لل”تصدي لمشاريع الهيمنة والسلطوية والتراجع عن المكتسبات الديمقراطية والحقوقية والسياسية والدستورية، مع السعي الدائم للانفتاح ومد يد التعاون لكل المؤمنين بالمشروع الديمقراطي الجامع بغض النظر عن الاختلاف السياسي والفكري والايديولوجي”. ولم يتغافل المصدر ذاته “الشخصيات الوازنة”، والتي لها تأثيرا داخليا، إذ طلب منها تصحيح المسار، ووقف منهج العقاب، والضبط، وتفعيل الآليات الانضباطية في حق المختلفين الذين تعجز القيادة عن اقناعهم بموقفها”، بالإضافة إلى “تفعيل الدور الذي يلعبه برلمانيو الحزب في ممارسة اختصاصاتهم التشريعية، وفق مرجعية الحزب وهويته، باعتباره تنظيما قائما على “فكرة إصلاحية، ويتبنى مشروعا مجتمعيا يروم تحقيق الكرامة وتكريس العدالة”. مقابل ذلك، وجه المصدر ذاته نداءه لمناضلي الحزب ل”تحمل مسؤوليتهم التاريخية تجاه مشروعهم السياسي، ورصيده المبدئي الذي بدأ يتعرض للتبديد، وذلك من خلال التشبث بحقهم في النقاش، والتصويب، والتقويم داخل مؤسسات الحزب وفي النقاش العمومي المرتبط بالحزب وأدائه”، بالإضافة إلى وقف نزيف الثقة في العمل السياسي والحزبي، والانتصار إلى المصلحة العليا للوطن”.