طنجة تتأهب لأمطار رعدية غزيرة ضمن نشرة إنذارية برتقالية    تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المغرب    نشرة انذارية…تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المملكة    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين يشتبه في تورطهم في قضية تتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية    توقيف 3 صينيين متورطين في المس بالمعطيات الرقمية وقرصنة المكالمات الهاتفية    ريال مدريد يتعثر أمام إسبانيول ويخسر صدارة الدوري الإسباني مؤقتًا    ترامب يعلن عن قصف أمريكي ل"داعش" في الصومال    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    "بوحمرون".. الصحة العالمية تحذر من الخطورة المتزايدة للمرض    الولايات المتحدة.. السلطات تعلن السيطرة كليا على حرائق لوس أنجليس    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    CDT تقر إضرابا وطنيا عاما احتجاجا على قانون الإضراب ودمج CNOPS في CNSS    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    الشراكة المغربية الأوروبية : تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    حجز أزيد من 700 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة بطنجة    توقعات احوال الطقس ليوم الاحد.. أمطار وثلوج    اعتبارا من الإثنين.. الآباء ملزمون بالتوجه لتقليح أبنائهم    انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية بطنجة    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    شركة "غوغل" تطلق أسرع نماذجها للذكاء الاصطناعي    البرلمان الألماني يرفض مشروع قانون يسعى لتقييد الهجرة    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    BDS: مقاطعة السلع الإسرائيلية ناجحة    إسرائيل تطلق 183 سجينا فلسطينيا    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    رحيل "أيوب الريمي الجميل" .. الصحافي والإنسان في زمن الإسفاف    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    زكرياء الزمراني:تتويج المنتخب المغربي لكرة المضرب ببطولة إفريقيا للناشئين بالقاهرة ثمرة مجهودات جبارة    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    تنس المغرب يثبت في كأس ديفيس    بنعبد الله يدين قرارات الإدارة السورية الجديدة ويرفض عقاب ترامب لكوبا    "تأخر الترقية" يخرج أساتذة "الزنزانة 10" للاحتجاج أمام مقر وزارة التربية    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    المغرب التطواني يتمكن من رفع المنع ويؤهل ستة لاعبين تعاقد معهم في الانتقالات الشتوية    توضيح رئيس جماعة النكور بخصوص فتح مسلك طرقي بدوار حندون    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    العصبة الوطنية تفرج عن البرمجة الخاصة بالجولتين المقبلتين من البطولة الاحترافية    الولايات المتحدة الأمريكية.. تحطم طائرة صغيرة على متنها 6 ركاب    بنك المغرب : الدرهم يستقر أمام الأورو و الدولار    المغرب يتجه إلى مراجعة سقف فائض الطاقة الكهربائية في ضوء تحلية مياه البحر    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    انتحار موظف يعمل بالسجن المحلي العرجات 2 باستعمال سلاحه الوظيفي    السعودية تتجه لرفع حجم تمويلها الزراعي إلى ملياري دولار هذا العام    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    غزة... "القسام" تسلم أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر بالدفعة الرابعة للصفقة    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    حركة "إم 23" المدعومة من رواندا تزحف نحو العاصمة الكونغولية كينشاسا    هواوي المغرب تُتوَّج مجددًا بلقب "أفضل المشغلين" لعام 2025    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الإسمنت والفحم».. 
هكذَا عزز لوبي صناعي سيطرته على شمال مدينة آسفي -تحقيق
نشر في اليوم 24 يوم 18 - 07 - 2019

أول خيوط هذا التحقيق قادت إلى اجتماع عُقد في مدينة مراكش خلال الأسابيع الماضية، ترأسه والي جهة مراكش آسفي كريم قسي لحلو، يتعلق ب”اللجنة الاستثنائية للرخص”، حيث كانت على موعد للنظر في طلب تقدمت به شركة للإسمنت الواقعة شمال إقليم آسفي بالضبط بجماعة “آيير” وتطل على جماعة “أحد حرارة”، وعلمت “أخبار اليوم” أن الشركة طلبت بالتوسع في المنطقة الممتدة على أراضٍ بجماعة آيير وتُجاور دواوير وأراضٍ فلاحية أخرى.
طلب هذه الشركة قُوبل بالرفض، بعدما تدخل محافظ الأملاك العقارية لمدينة آسفي، مُعززًا موقفه بأن اللجنة المذكورة لا يحق لها قبول طلبات “الشركات” لشراء أو كراء الأراضي التي تكون في الأصل “فلاحية”، وفقًا للقانون المنظم للجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، والذي ينص على أنه لا يمكن منح أي استثناء في مجال التعمير يهم أراض مخصصة للمساحات الخضراء أو مناطق الري، وهي الأراضي التي وضعَ مصنع الأسمنت عليها أعينه بغية الظفر بها والتوسع في المنطقة.
هذا الاجتماع حضره ممثل الجماعة الترابية “آيير” حيث يُوجد مصنع الأسمنت، رغمَ أن تشكيلة هذه اللجنة لا تنص بالضرورة على حضور رؤساء المجالس الترابية، ولكن الأمر يتعلق هنا بموضوع يهم شركة واقعة في نفوذ المجلس. رئيس المجلس المذكور أمبارك الفارسي الذي علمت “أخبار اليوم” أنه حضر لهذا الاجتماع، أكد أنه حضر فعلا، لكن بصفة استشارية فقط، موضحًا في هذا الصدد “نحن إزاء موضوع يهم أهل المنطقة بالدرجة الأولى.. ولكن للأسف مثل هذه الاجتماعات لا يكون لنا علم بجدول أعمالها ولا نعرف عن ماذا سنتحدث إلا أثناء جلوسنا في قاعة الاجتماعات”.
مصنع الإسمنت هذا، باتَ مُثيرًا للجدل في نفوذ جماعة “آيير”، إذ يشتكي عدد من الفلاحين بالمنطقة من تطاير غبار حرق العجلات المطاطية ومادة الفحم الحجري، أهل المنطقة يربطونَ مصنع “الأسمنت” بالتسبب لهم في ضرر الفلاحة وموت “الكسيبة” ثم استنزاف الفرشة المائية.
حكاية مقلع “للفحم” انتصر على “آهل آيير”
في غشت من عام 2015، سيتوصل المجلس الترابي ل”آيير” وهي جماعة تقع شرق مدينة آسفي على بُعد 27 كيلومترًا حيث يعيش أهل المنطقة على “الفلاحة”، بطلب استغلال مقلع مملوك لشركة الإسمنت ومباشرة بعد نظر رئيس المجلس في الطلب، أحاله للمجلس قصد اتخاذ موقف فيه، وعن قراره هذا أوضح أمبارك الفارسي ل”أخبار اليوم”: “رغم صلاحيتي في اتخاذ قرار دونَ الرجوع للمجلس، قررتُ إحالته عليه نظرًا لأن الموضوع متعلق بالشق البيئي ويهم ساكنة المنطقة”، وخلال دورة عادية للمجلس قرر رفض الطلب الذي تقدمت به الشركة من خلال وزارة الداخلية عبر عامل مدينة آسفي آنذاك، الذي جرى عزله لاحقًا خلال شغله منصب والي جهة مراكش آسفي، عبد الفتاح البجيوي.
الوالي المذكور الذي عُزل بعد انعقاد المجالس التأديبية لرجال السلطة الذين جرى إعفاؤهم، والتي أسفرت تحقيقاتها عن عزل الوالي لبجيوي نهائيا من سلم الوظيفة العمومية إلى جانب خمسة عمال و19 رجل سلطة، قام بإعادة قرار “الرفض” مرفوقًا بالطلب، إلى رئيس المجلس قصد “إعادة النظر فيه مرة أخرى”، وبعد ضغط “عمالة آسفي” من أجل الموافقة على استغلال شركة متعددة الجنسيات، لمقلع تابع لشركة الإسمنت رضخ مجلس آيير للطلب وتمت الموافقة على مشروع “مطرح طمر رماد الفحم الحجري”، رغم أن المجلس أفاد لعمالة آسفي وفقًا لمعطيات دقيقة حصلت عليها “أخبار اليوم”، أن أهل المنطقة والفلاحين يرفضون “طمر رماد الفحم الحجري” بالمنطقة، خوفا على أراضيهم الفلاحية ومواشيهم من التضرر بفعل تطاير غبار ورماد الفحم الحجري.
وكشفت مصادر من داخل جماعة آيير للجريدة، أن الشركة ومصنع الإسمنت أبرما اتفاقا تتكلف بموجبه “شركة الإسمنت” بطمر وردم النفايات الناتجة عن المحطة الحرارية، وهي النفايات المترتبة عن حرق الفحم الحجري مقابل سومة تصل إلى 10 دراهم للطن تستفيد منها جماعة “آيير”.
مصادر “أخبار اليوم” كشفت أيضًا أن الاتفاق بين الشركتين، يجهل كيف ستؤدى ضرائبه، خاصة وأن شركة الإسمنت لها فقط رخصة استغلال المقالع وليس القيام بأيّ أنشطة أخرى ك”طمر رماد الفحم الحجري”، إذ ينص قانون المقالع على أن مستغليها مُلزمون عند نهاية الاستغلال بعملية الردم والتشجير.
عن هذا يعود رئيس الجماعة المعنية ليقول ل”أخبار اليوم”: في البادئ كان الأمر غامضًا جدًا، إذ تضمنت سطور الطلب القادم من عمالة آسفي طلب بناء واستعمال مقلع شركة الإسمنت لطمر النفايات الناتجة عن “عملية توليد الكهرباء”، ونظرا لهذا اللبس، يقول رئيس المجلس، كنا جد مضطرين إلى إحالة هذا الطلب على المجلس للبت فيه، في إطار التشاور، إذ لم توضح الشركة المسيرة في طلبها أي نوع من النفايات تريد طمره في هذه المقالع، كما أن الطلب لم يكن مرفقا بأي وثائق توضيحية، سواء فيما يتعلق بالنفايات أو البنايات المزمع إحداثها في هذه المقالع وكذا لم يتضمن أيّ دراسة بيئية.
تعليل جماعة آيير، ردت عليه الشركة ومصنع الأسمنت لاحقًا، بإيفاد مكتب دراسات دولي ومسؤولين عن وزارة البيئة، أكدوا أن “عملية طمر رماد الفحم الحجري في أجواف الأراضي الفلاحية لا يُشكل أيّ ضرر على المنطقة وسكانها وفلاحتها”، ووفقا لمعطيات ذات صلة، وجد مجلس جماعة آيير حرجا في رفض المشروع من المنطقة، باعتباره بات معززا بوثائق ودراسة بيئية. مصدر “أخبار اليوم” كشف أن الأمر يتعلق بمعطيات علمية، إذا أصرت الجماعة على الرفض، عليها القيام بدراسة مضادة للدراسة البيئية التي جاءت بها الشركة ومصنع الإسمنت حتى يتبين “الخيط الأبيض من الأسود”.
“الفحم والغبار.. مقابل تهيئة “شواطئ المدينة”
وعن المزايا التي تُقدمها شركة الإسمنت لفائدة الجماعة، بغض النظر عن إلزامه قانونا بدفع ضريبة مهنية سنوية للمجلس فيما يتعلق باستغلال المقالع، أي حوالي 560 مليون سنتيم سنويا، منها 280 مليونا تضخها الشركة في خزينة البلدية كضريبة على الاستغلال، بالإضافة إلى 280 مليون سنتيم أخرى كضريبة مهنية، كشف منتخبون وفاعلون في منطقة آيير ل”أخبار اليوم”، أن الأمر لا يعدو أن يكونَ أكثر من معدوم، ويتحدث المصدر عن غياب المساهمات الاجتماعية من طرف شركة الإسمنت للجماعة، حيث الطرق متدهورة، والتجهيزات ناقصة، والفلاحون يُعانونَ الكساد، مشيرًا إلى أن شركة الإسمنت تُقدم مساهمة تتعلق بترميم بناية “الدرك الملكي” و”الوقاية المدنية” ومقر “القيادة”، من خلال مساهمة تُقدم مباشرة لعمالة المدينة، أي أنها تُعطيها لوزارة الداخلية، ويضيف المصدر أن “الجماعة تُعاني من غياب المساهمات الاجتماعية”.
وعن مساهمتها في التنمية الإجتماعية للمنطقة، حاولت “أخبار اليوم” ربط الاتصال بمصالح الشركة في مدينة آسفي، وقال أحد المشرفين على استقبال المكالمات داخل الشركة، إنه يتلقى توصيات من مسؤوليه بعدم إفشاء أيّ معلومة تتعلقة ب”الشركة، سواء كانت بخصوص المواضيع البيئية أو أي معلومة للصحافة، وأرشدنا المتحدث المذكور إلى الاتصال بالمقر الرئيسي للدار البيضاء، حيث لم نتلق بدورنا أيّ رد من مكتب المقر الرئيسي للشركة”.
ومن جهة أخرى، تؤكد الشركة علنًا في بلاغ صحافي لها على أنها لأكثر من عشر سنوات، شاركت في برنامج “الشواطئ النظيفة” التابع لمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، من خلال رعاية ثلاثة شواطئ في مدينة آسفي وهما: شاطئ مدينة آسفي، وشاطئ لالة فاطنة، وشاطئ كرام الضيف، من خلال تنظيف هذه الشواطئ وتزيينها وبناء ملاعب بها، وجعلها في فصل الصيف أكبر حيوية من خلال “حفلات” وبرامج ترفيهية، وتتحدث شركة الإسمنت عن برنامج “صيفك” الذي قالت إنه من تصميم شبان من مدينة آسفي، وخلق الصيف الماضي حوالي 30 وظيفة (غير قارة) لفائدة عدد من الشبان.
ولم تُشر الشركة إلى أيّ برنامج اجتماعي أنجزته في موقعها الصناعي، إذ أكدت أنها مثلا في الصيف الماضي، أنجزت برنامجا بميزانية “لم تكشف عنها”، أطلقت عليه “صيفُك” بشاطئ مدينة آسفي البلدي، وقدمت للجمهور أنشطة متنوعة، وأكدت الشركة أن البرنامج يُوفر فرصة للزائرين الصيفيين للمشاركة في الألعاب والمسابقات وورش العمل الممتعة والفنية حول الوعي البيئي، والاستماع إلى البرامج الإذاعية الشاطئية، والمشاركة في البطولات الرياضية، وكذلك ورشة عمل مخصصة لتاريخ مدينة آسفي.
مُعاناة تُحاصر فلاحي شمال آسفي
في زيارة استطلاعية ل”أخبار اليوم” للمنطقة، صادفنا عددًا من الفلاحيين بدوار “النحيلات” حيث المقلع لطمر النفايات الفحم الججري ودوار “ولاد إبراهيم” ثم دوار “العبابدة” ودوار “طواجنة”، وتعيش في هذه المنطقة المتاخمة لمصنع “الإسمنت” أزيد من 4000 ألف نسمة، وأفاد “مراد وايرس” رئيس جمعية آفاق للبيئة والتنمية بجماعة آيير، أن التلوث الناجم عن طمر رماد الفحم الحجري، له تأثير على الفرشة المائية، حيث تضرر العشرات من الفلاحين بالمنطقة جراء تدمير المحصول الزراعي، كما يُعانون مشاكل صحية، وأضاف المصدر ذاته، بسبب شركة الإسمنت ومقلع “طمر رماد الفحم الحجري” نفقت المواشي، ونتيجة لكل ذلك، أصبح عدد من أهالي المنطقة يُفكرونَ في الهجرة، باعتبار أن الفلاحة هي الدخل الوحيد لأهالي “آيير”، غير أنها تضررت بفعل التلوث البيئي.
وحيث توجد جماعة “أحد حرارة”، والتي تضم حوالي 21 ألف نسمة، يشتكي فلاحو هذه المنطقة أيضًا من شاحنات نقل رماد الفحم الحجري القادمة من المحطة الحرارية وشاحنات شركة الإسمنت التي تنقل “الإسمنت” على امتداد 50 كيلومترًا.
ويقول عدد من سكان المنطقة في تصريحات متطابقة ل”أخبار اليوم”، إن موضوع التلوث وعلاقته ب”شركة الإسمنت” أصبح عادة لدينا، الأن تفكيرنا في ما الحل؟ مؤكدين أنهم اقترحوا على هذا المصنع تشغيل أبناء المنطقة، “علقنَا آمالنا على التشغيل في مصنع الإسمنت، بعدما قدمت إدارته والسلطات المحلية وعودا بالتشغيل، خلال عملية شراء الأراضي، لكن كل هذا تنكروا له لاحقًا”، يقول آهالي “أحد حرارة”.
وعن هذا أوضح “هشام الدركاوي” رئيس المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان فرع آسفي، ل”أخبار اليوم”، أن شركة الإسمنت رغم تسببها في كارثة إيكولوجية في المنطقة لم تُساهم في تنميتها من حيث خلق فرص الشغل ومساعدات الفلاحيين وتأهيل البُنى التحتية.
وذكر المتحدث ذاته، أن عملية طمر رماد الفحم الحجري الذي يجري حرقه في “المحطة الحرارية” لآسفي، سببت في تلوث الفرشة المائية، بسبب غياب وسائل السلامة في عملية الطمر، مضيفًا أن هذا الفحم دائما ما يكون عرضة لأشعة الشمس، وأشار رئيس المركز الوطني للمصحابة القانونية وحقوق الإنسان بآسفي، إلى أن مركزه سيلجأ إلى مراسلة مختلف الجهات المسؤولة بغية إيقاف هذا النزيف الإيكولوجي، الذي يتهددّ المنطقة بسبب غياب إجراءات السلامة فيما يخص مخلفات الفحم الحجري (طمره ونقله).
الكساد والتلوث
الأهالي المجاورة لمصنع الإسمنت، تعتبر أنها تعيش وسط خيارين حتميين، الأول يتعلق بالتلوث البيئي والثاني بالبطالة التي يتخبط فيها أهل المنطقة، بعدما أجبرهم “التلوث الصناعي” على التخلي عن جزء كبير من الأراضي الفلاحية، ويقول سكان هذه المنطقة المتاخمة لمصنع الإسمنت: “أعطونا واحدًا من هذه الخيارات، إما البطالة دونَ تلوث، أو التلوث دونَ بطالة”، وأشروا إلى أن ظروف العيش في هذه المنطقة لم تعد ممكنة. رئيس جمعية أفاق للبيئة والتنمية بجماعة آيير”مراد وايرس” يؤكد ل”أخبار اليوم”، أن المنطقة شهدت احتجاجات من آهالي دواوير المجاورة للمصنع عام 2015، وتدخلت السلطات وإدارة المصنع وأعيان المنطقة وعدد من المنتخبين لتهدئة الأوضاع وأعطوا وعودا لأهالي المنطقة بالشغل، غير أن الوعود ظلت حبرًا على ورق. وذكر المصدر ذاته أنه حتى أولئك المستخدمون الذين كانوا قد حصلوا على وظائف فعلا في شركات للمناولة داخل مصنع الإسمنت منذ ازيد من 20 سنة، جرى عزل المئات منهم وتسريحهم من الشغل بعد احتجاجات قادها سكان المناطق المجاورة، واستمرت الاعتصامات ضد مصنع الإسمنت شهورًا بعد ذلك..
حماية البيئة مصدر قلق رئيس ل«شركة الإسمنت»
وفقا لما أعلنت عنه شركة الإسمنت من خلال منصاتها الرسمية، فإنها تلتزم بمسؤولية اجتماعية، وذلك منذ فترة طويلة، بجعل حماية البيئة ضمن أولوياتها، وتعتبرها مصدر قلق رئيسي، فإن التزامها يهدف إلى تقليل تأثير أنشطتها الصناعية على البيئة الطبيعية.
وضمن برنامجها هذا، تقول الشركة إنها تدعم الشواطئ النظيفة منذ عام 2001، وهو تاريخ إطلاق هذا البرنامج من قبل مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، مشيرة إلى أن شاطئ آسفي، ينال “اللواء الأزرق” منذ عام 2009 وذلك نتيجة لجهودها في موقع آسفي. ولم تتحدث مصادر من داخل المصنع ل”أخبار اليوم”، عن أي إجراءات لحماية البيئة جراء الصناعة الأحفورية الثقيلة التي تستخدمها في المنطقة والضواحي، وفي مقابل ذلك، الشركة المغربية للإسمنت هي فرع لشركة ألمانية أخرى قدمت معطيات مهمة، فيما يتعلق بحماية البيئة بشكل رئيسي، وأقرت بوجود قلق دائم حيال الحفاظ على البيئة إزاء انشطتها الصناعية.
وتكشف الشركة الأم، التي تنتج حوالي 200 مليون طن سنويًا من الإسمنت، أنها تواجه تحديًا فيما يتعلق بانبعاثات ملوثات الهواء، مشيرة إلى أنه بينما ينبعث الغبار والضوضاء من نقاط مختلفة في عملية الإنتاج، فإن أكاسيد النيتروجين وأكاسيد الكبريت وغيرها من ملوثات الهواء تنبعث بشكل رئيس من الأفران، غير أن هناك حدودا قانونية وطنية يجب مراعاتها من قبل جميع مواقع الإنتاج التابعة للشركة، ولم يُوضح مصدر من شركة الإسمنت الإسمنت ل”أخبار اليوم” أيّ إجراءات تتخذها الشركة بالمغرب في هذا الإطار. وتعهدت الشركة أيضًا بتخفيض التلوث كجزء من الالتزامات الاستدامة لعام 2030، حيث تهدف الشركة الدولية إلى تقليل انبعاثات أكاسيد النيتروجين الناتجة عن إنتاج الإسمنت، إذ تنبعث بنسبة 40 في المائة وانبعاثات الغبار بنسبة 80 في المائة.
مصادر جيدة الاطلاع كشفت ل”أخبار اليوم” في خضم هذا التحقيق، أن الشركة الأم تستعد للانسحاب جزئيًا من رأس المال الشركة بالمغرب مع الإبقاء على نسبة “الأغلبية” في حصتها من الأسهم، خصوصا وأن أسهم الشركة تتعرض لضربات “موجعة” في سوق البورصة، خلال الآونة الأخيرة (يتم تداول السهم في الوقت الحالي عند 1.511 درهم)، وجرى ربط ذلك مع بطء النمو العقاري في المغرب، وتراجع الإقبال على “الاسمنت” في الآونة الأخيرة.
ومن من جهة أخرى، أشار خبراء الهيئة الاقتصادية للتحليل والتدقيق (Upline Securities)، أن شركة الإسمنت تتمتع بقاعدة مالية قوية تمكنها من تنفيذ مشاريعها التنموية في المغرب وكذلك في إفريقيا، وكشف رأي الخبراء إلى أنه في نهاية أبريل 2019، بلغت مبيعات الشركة 4.80 مليون طن، مما أدى إلى زيادة قدرها بنسبة 5.85 في المائة على أساس سنوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.