لم يتسن للأشقاء المغاربة والجزائريين، على المنطقة الحدودية “بين لجراف”، أن يتعانقوا، رغم اللقاء العفوي الذي جمع بينهم للاحتفاء بفوز منتخب الجزائر على نظيره الإيفواري، في ربع نهائي كأس إفريقيا، مصر 2019، وتأهله إلى نصف النهاية، ليلاقي منتخب نيجريا. وظلت الحشود المغربية والجزائرية، المجتمعة عفويا، في “بين لجراف”، ومناطق أخرى على الحدود، قريبة من مدينة السعيدية، تحتفي مع بعضها البعض، كل من حيث هو، على أرضه، لا يجمع بينهما سوى الهتاف، وبعض الموسيقى، ومنبهات السيارات، ليعود كل منهم، في وقت لاحق، إلى حال سبيله. وبعيدا عن الحدود، في مدينة الدارالبيضاء، وغيرها من المدن الداخلية، كانت المقاهي تنبه من لا يهتمون بكرة القدم، ومن لم يتمكنوا من متابعة المباراة بين الجزائر وكوت ديفوار، أول أمس، في ملعب السويس، إلى الشغف الكبير الذي تابع به عشاق الكرة لحظات مثيرة بين الجزائريين والإيفواريين. ووصلت الإثارة، التي تفصح عن الأخوة العميقة بين الشعبين المغربي والجزائري، ذروتها حينما انطلقت ضربات الترجيح، إذ حبست الجماهير المغربية أنفاسها، ثم أطلقت الصرخات، والتأوهات أيضا، قبل أن تطلق العنان لفرح كبير، كما لو أن منتخبها بالضبط، هو الذي عبر إلى نصف النهائي، ليواصل مغامرته الإفريقية بنجاح. وأكد أصدقاء وجديون، ومنهم من عاش اللحظات المثيرة على المنطقة الحدودية “بين لجراف”، وغيرها من المناطق المجاورة، أن ما حدث يشكل لحظة إنسانية ذات دلالات مميزة، تفيد، مرة أخرى، بأن الذين لم يستجيبوا لليد المغربية الممدودة لفتح نقاش بدون خلفيات، وفتح الحدود، وصولا إلى أجواء طبيعية تعود فيها المياه بين المغرب والجزائر إلى جاريها، عليهم أن يعيدوا حساباتهم جيدا، ويسارعوا إلى التجاوب مع صوت الحكمة، وصوت الجماهير أيضا. ولم يتفاعل المغاربة مع باقي مباريات الدورة المصرية لبطولة إفريقيا للأمم مثلما تفاعلوا مع مباريات المنتخب الجزائري، والشيء عينه بالنسبة إلى الجزائريين، رغم أن هناك منتخبات شقيقة أخرى تشارك في الدورة، أقربها منتخب موريتانيا، فضلا عن منتخب تونس، ومنتخب مصر، مستضيف الدورة. واتضح ذلك بصورة أوضح في بعض العواصم الأوروبية، منها باريس وبروكسيل، حيث ظلت الجماهير المغاربية؛ المغربية والجزائرية على الخصوص، تخرج للتعبير عن فرحتها، كلما تعلق الأمر بفوز مغربي أو جزائري، وتونسي بدرجة أقل. يشار إلى أن الجماهير المغربية والجزائرية، التي سافرت إلى مصر لحضور فعاليات بطولة إفريقيا للأمم 2019، عبرت بالواضح عن الصلة الوثيقة بين الشعبين، حين رفعت شعارات تفيد ذلك في الملعب الذي كان يحتضن مباريات المغرب والآخر الذي كانت تجرى فيه مباريات الجزائر، لاسيما شعار “خاوة خاوة”، الذي يختزل كل شيء في كلمة واحدة.