كشف رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أن تشاورا قد انطلق منذ مارس الماضي بين صناديق التقاعد وقطاعات وزارية بهدف تنزيل الإصلاح الشمولي لنظام التقاعد، المبني على اعتماد نظام القطبين، عام وخاص، في محاولة لتدارك العجز الذي يهددها على المدى المتوسط. يأتي ذلك بعدما كانت الحكومة السابقة قد وعدت بإصلاح في الاتجاه نفسه، في أفق السنوات المقبلة، بعدما أجرت إصلاحا مقياسيا سنة 2015 أدى إلى مراجعة معاش التقاعد بالنسبة إلى موظفي القطاع العام المنخرطين في الصندوق المغربي للتقاعد. وبحسب العثماني، يبلغ عدد المتقاعدين في المغرب نحو مليون و805 آلاف شخص برسم السنة المحاسبية 2018، يكلفون الدولة أزيد من 58 مليار درهم، ويبدو أن عدد متقاعدي القطاع العمومي منهم، في ارتفاع متواصل مقارنة بالموظفين العاملين. وتمثل حصة الصندوق المغربي للتقاعد نسبة 48,4 في المائة، يليه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بنسبة 33,4 في المائة، علما أن عدد مستخدمي القطاع الخاص هم أضعاف عدد موظفي القطاع العام، هذا علاوة على صندوقين آخرين هما الصندوق المهني المغربي للتقاعد الذي يدبر حصة 10,3 في المائة، ثم صندوق رابع هو النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد الذي يدبر حصة 6,9 في المائة. وكانت الحكومة السابقة قد شرعت في إصلاح نظام التقاعد سنة 2016، أحد بنوده الرفع من الحد الأدنى في المعاش في القطاع العام من 1000 درهم إلى 1500 درهم ابتداء من فاتح يناير 2018، كما جرى الرفع من قيمة المعاش إلى 1000 درهم بالنسبة إلى متقاعدي القطاع الخاص. وبموجب قانون المالية لسنة 2015. كما تم منح خصم جزافي عند احتساب الضريبة على الدخل بالنسبة إلى المعاشات التي تصرفها أنظمة التقاعد نسبته 55%، من المبلغ الإجمالي السنوي الذي يساوي أو يقل عن 168.000 درهم، أي 14.000 درهم في الشهر، وبنسبة 40% لما زاد عن ذلك. وبسبب تلك التخفيضات الضريبية، أعفي نحو مليون و600 ألف متقاعد من الضريبة على الدخل، إذ أصبحوا يشكلون نسبة 89,8 من عدد متقاعدي المملكة. العثماني أشار من جهته، إلى أن حكومته تحرص على تطبيق مبدأ مراجعة قيمة المعاشات، وضرب مثالا بالإصلاح الأخير لصالح من يعرفون ب”ضحايا النظامين” في قطاع التعليم، أي النظامين الأساسيين لموظفي التربية الوطنية لسنتي 1985 و2003، وهي المشكلة التي عمّرت أزيد من 30 عاما، وقال إن حكومته عملت على تعديل النظام الأساسي الحالي لموظفي التربية الوطنية لتستفيد هذه الفئة، وعددها يزيد على 25 ألف موظف، من سنوات الأقدمية الاعتبارية تحتسب لهم في تسريع الترقية، وستؤهلهم للترقي إلى السلم 11، والحصول على تقاعد أفضل، كما ستستفيد شريحة المتقاعدين تلقائيا من هذه التسوية. وأوضح العثماني أنه بالنظر إلى مبدأ التوزيع الذي تعتمده أنظمة التقاعد الأساسية بالمغرب، ليس بإمكانها الرفع من الحد الأدنى للمعاش أو مراجعة المعاشات بمستويات مرتفعة، لأن من شأن ذلك أن يهدد توازناتها وقدرتها على الاستمرار في صرف المعاشات، مؤكدا أن هذه الأنظمة “تعاني أصلا من هشاشة توازناتها على المدى المتوسط”.