على إيقاع قرار حكومة العثماني الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين عن العمل، أطلق محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، جولة جديدة من المفاوضات مع النقابات المركزية حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب، تفعيلا لما تم التوافق عليه في الاتفاق الاجتماعي الأخير في 25 أبريل 2019. وتستعد النقابات في لقاءات خاصة لتدارس المقتضيات الجديدة التي حملها يتيم، وتشدد على عرض مشروع القانون التنظيمي للإضراب عليها وعلى الباطرونا في لقاءات منفردة، من أجل إبداء ملاحظاتها عليه ويتسنى لها في المقابل تقديم مقترحاتها. وهي الإجراءات التي ستكون بمثابة تعديلات على المشروع، وفي حال صادقت عليها حكومة العثماني، فستضطر إلى سحب المشروع الحالي من البرلمان، وتعمد إلى وضع مشروع قانون تنظيمي جديد. وتعليقا على الإشكالات التي تعترض عليها النقابات، تساءل عبدالصمد مريمي، نائب الأمين العام لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، في اتصال مع “أخبار اليوم”، عن قدرة مشروع القانون التنظيمي للإضراب للجواب عن الكيفية الصحيحة لممارسة الحق في الإضراب من منطلق أنه حق دستوري، وترشيد ممارسته، موضحا وجود خلافات حول من له الحق في الدعوة إلى الإضراب، والكيفية التي يتم بها الإعلان عن الإضراب والآجال التي تسبق خوضه. وقال المستشار البرلماني بمجلس المستشارين، إن ضرورة الإعلان المسبق عن الإضراب لا يمكن أن تكون آلية لسحق الحق في الإضراب. وشدد مريمي أن هذا القانون لا بد منه، وهو متمم للدستور الذي دعا إلى إصدار قانون تنظيمي يوضح الكيفيات التي سيتم بها ممارسة حق الإضراب، رافضا عدم التضييق عليها. عبدالقادر الزاير، الأمين العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي تعترض نقابته على مشروع قانون التنظيمي للإضراب، أكد أن هذا المشروع النقابي المختلف عليه، لم يسبق مناقشته بالمغرب، رغم أن كل الدساتير كانت تشير إلى أنه مسموح بممارسته، إلا أن القانون التنظيمي لممارسته لم يصدر بعد. وأضاف الزاير، في تصريح للجريدة، أن مشروع القانون التنظيمي المجمد بالبرلمان، تمت صياغته بطريقة انفرادية من الحكومة، في مخالفة صريحة مع ما تم الالتزام به في الحوار الاجتماعي الثلاثي الذي تم بين الدولة والنقابات وأرباب العمل، موضحا أن الحكومة عمدت إلى إحالة المشروع القانون التنظيمي على البرلمان قبل فتح مشاورات واسعة في شأنه، والالتزام بالمساطر القانونية المعمول بها، وهي الطريقة التي أعلن المتحدث أن النقابات ترفضها وتصر على التزام الحكومة بفتح حوار موسع حول قانون الإضراب، داعيا حكومة العثماني إلى تأسيس لجنة صياغة مشروع قانون الإضراب، تضم ممثلي العمال والباطرونا، حتى يتم التوافق عليه والتراضي حول كل بنوده. يشار إلى أن مشروع القانون التنظيمي للإضراب، تم تجميده في البرلمان منذ مدة طويلة، بعدما عمدت حكومة بنكيران قبل انتهاء ولايتها إلى وضعه في البرلمان. وكانت النقابات طالبت بتأجيله لمناقشته خارج أسوار البرلمان حتى يتم التوافق عليه والتشاور في شأنه، بعيدا عن المسار التشريعي في الغرفة الأولى، وهي الخطوة التي تم التوكيد عليها في اتفاق 25 أبريل. تواصل حكومة العثماني سياسة الاقتطاع من أجور الموظفين المغاربة المضربين عن العمل، إذ استنكر عدد من الأساتذة والإداريين اقتطاعات جديدة من أجرة شهر يونيو الجاري تراوحت ما بين 400 و500 درهم، في وقت كان يُنتظر فيه دخول قرار الزيادة في الأجور حيز التنفيذ. وقالت مصادر نقابية إن أطر “التعليم والصحة هما الأكثر تضررا من اقتطاعات أجرة شهر يونيو، بالنظر إلى استمرار الاحتجاجات في هذين القطاعين طيلة الأشهر الماضية أمام عجز الحكومة عن إيجاد حلول للمشاكل المتراكمة”. وكانت الحكومة، في شهر ماي، اقتطعت من أجور الموظفين العموميين المضربين في قطاعي التعليم والصحة ما بين 600 و1400 درهم، بسبب انخراطهم في الإضرابات العامة والفئوية. وتؤكد النقابات أن الاقتطاعات المتتالية من أجور الموظفين “غير قانونية وتفتقد أية مشروعية”، في ظل غياب قانون الإضراب الذي يؤطر عملية إضراب الموظفين. غياب قانون يؤطر إضراب الموظفين، الذي لا يزال حبيس البرلمان، يسائل مشروعية الإجراء الحكومي؛ وهو ما دفع بعض المتضررين إلى التلويح باللجوء إلى تصعيد جديد من بوابة مقاضاة الدولة أمام المحاكم الإدارية، لإسقاط الاقتطاع. .6