بعدما رفعت الحكومة تعويضات الشرطة والجيش، وإقرار زيادة في أجوز موظفي الدولة بناء على نتائج الحوار الاجتماعي، بمن فيهم القضاة، طالب نادي قضاة المغرب، في مذكرة مطلبية رفعها إلى الحكومة، بالتحصين الاجتماعي والاقتصادي للقضاة، بهدف حمايتهم من الفساد. وأحصت «أخبار اليوم» في الوثيقة نحو 14 تعويضا يطالب النادي الحكومة بتفعيلها، تتمثل في التعويضات عن «الديمومة، التنقل، الإقامة، الإشراف على التسيير الإداري، مهام المسؤولية، الانتداب، وإقرار تعويضات أخرى عن الساعة الإضافية بالنسبة إلى من تمتد جلساته إلى أوقات متأخرة من الليل»، فضلا عن «إقرار أجرة الشهرين 13 و14، والتعويض عن التنفيذ الجبري للأحكام، وإقرار علاوات أخرى Les primes»، على غرار قطاعات أخرى، كما طالب النادي بالرفع من التعويض عن السكن، والتعويض عن رقن الأحكام القضائية، وتعويض بعض القضاة عن التسيير الإداري لبعض المهام. واعتبر عبد اللطيف الشنتوف، رئيس النادي، أن الهدف من وراء المذكرة هو «تحصين شخص القاضي من آفة الحاجة؛ ومن أهمها الحاجيات الأساسية للعيش الكريم التي هي السكن والتطبيب والتعليم والتحفيز الاجتماعي المادي والمعنوي»، وأكد أن أجر القضاة «يجب أن ينظر إليه ليس باعتباره رقما فقط، بل يجب النظر أساسا إلى الالتزامات الملقاة على عاتق القضاة مهنيا، وإلى لائحة الممنوعات المفروضة عليهم، فضلا عن عملهم في مواجهة الإغراءات». واقترح النادي إحداث لجنة مشتركة بين ممثلين عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل ووزارة المالية، يرأسها قاض، «تعقد دوراتها دوريا، وتستمع إلى مرافعات الجمعيات المهنية القضائية في الموضوع، وذلك لدراسة مدى ملاءمة أجور القضاة لمستوى المعيشة ومعدل الأسعار، ثم تصدر توصياتها إما بزيادة تلك الأجور، في حال عدم ملاءمتها لهذه الأخيرة، أو الإبقاء عليها كما هي في حال كانت ملائمة لذلك». لكن الوثيقة انتقدت، في الوقت نفسه، ما سمته «تماطل الحكومة وتسويفها» في تحسين الوضعية الاجتماعية للقضاة تماشيا مع مقتضيات النظام الأساسي للقضاة، وألح النادي على ضرورة أن تخضع تلك التعويضات ل«مبدأ المراجعة الدورية». وبرّر مطالبه بأولوية «تجاوز العديد من الإكراهات والضغوط الاقتصادية التي قد تؤثر سلبا في الاستقرار المالي للقضاة، وبالتالي، التأثير في استقرار وجودة عملهم، بل واستقلالية قراراتهم». وبرر النادي مطالبته بإقرار أجرة الشهرين 13 و14 بأنه معمول به في عدد من الإدارات المغربية، ويمتح فلسفته من «فكرة قيام الموظف بالأعمال التي تدر دخلا على خزينة الدولة، وذلك عبر استخلاص المبالغ المالية المستحقة لفائدتها»، مؤكدا أن قطاع القضاء يستخلص بدوره مبالغ مالية تتمثل في الغرامات المحكوم بها، والرسوم القضائية التي تعد من أهم موارد «الحساب الخاص» لوزارة العدل. واقترح النادي أن تصرف التعويضات التي يطالب بها من الحساب المذكور، وتأطير ذلك من الناحيتين القانونية والإدارية، كما اقترح، للحصول على تعويضات أخرى، إحداث رسم قضائي جديد يطلق عليه اسم «رسم استقلالية السلطة القضائية». وفضلا عن التعويضات المذكورة، طالب النادي بتعديل نظامي التغطية والتأمين الصحيين، بالنظر إلى المخاطر الاجتماعية المرتبطة بالمرض عموما، والأمراض المزمنة على وجه الخصوص، والتي ثبتت علاقتها المباشرة بطبيعة العمل القضائي المطبوع بالتعب والإرهاق نفسيا وفكريا وبدنيا. ويطالب النادي بإلغاء آليتي «التسعير» و«التسقيف» لعجزهما عن احتواء مخاطر الكثير من الحالات المرضية التي عانها مجموعة من القضاة. وقال الشنتوف، خلال لقاء تقديم المذكرة المطلبية نفسها، إن «الجانب الصحي يتطلب عملا كبيرا، لأنه عندما نتحدث عن أمراض تصيب القاضي والقاضية، فإننا نتحدث عن أمراض تصيبهما نتيجة الطبيعة الصعبة والمرهقة لعملهما، ويجب على الجهات المعنية التكفل بالقاضي في هذا الجانب بشكل يراعي تضحياته لفائدة العدالة»، مؤكدا أن نظام التغطية الصحية الحالي «لا يفي بالمطلوب».