حدد عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي قضاة المغرب، يوم السبت 29 يونيو بالرباط، معطيات "واقع التحصين الاجتماعي والاقتصادي لاستقلال السلطة القضائية"، وذلك خلال اللقاء العام الذي نظمه النادي بالمعهد العالي للقضاء. وأمام العدد الهائل من القضاة الذين حضروا من مختلف مكاتب النادي الجهوية، وملأوا القاعة الكبرى للندوات، قال الشنتوف في كلمته لافتتاح اللقاء، إن المعطى الأول لتشخيص واقع التحصين الاجتماعي والاقتصادي لاستقلال السلطة القضائية، يبدأ من الأجر، موضحا بالقول "أجر القاضي المغربي يجب أن ينظر إليه لا كرقم فقط ومقارنته مع غيره من وظائف إدارية أخرى ولكن يجب النظر إلى الالتزامات الملقاة على عاتق القضاة مهنيا ولائحة الممنوعات المفروضة عليهم قانونا بفعل مناصبهم في الحياة العامة فضلا عن عملهم في مواجهة الإغراء الاقتصادي وغيره". واعتبر الشتنوف قائلا إنه "بهذا يظل أجر القاضي المغربي الحالي لا يستجيب لمتطلبات حياته اليومية الضاغطة، ولاسيما القضاة في طور التدريب والقضاة الذين يتم تعيينهم حديثا والقضاة في باقي الدرجات وحتى الدرجات الاستثنائية الذين يتم مقارنة أجرهم بشكل غير سليم فإنهم ما أن يصلوا الى تلك الدرجة بعد 20 سنة من العمل في الحالات العادية إلا وتزداد تكاليفهم الناتجة عن طبيعة العمل والأسباب الصحية وكبر الأولاد وغير ذلك.." مقترحا في هذا الصدد فكرة المراجعة الدورية لأجور القضاة لترتبط بتطورات المعيشة. أما المعطى الثاني فحدده رئيس نادي القضاة في التعويضات حيث قال "يكفي هنا أن نشير إلى أن هذه التعويضات غير موجودة لا عن المسؤولية الإدارية ولا عن الديمومة ولا عن أية مهام أخرى يقوم بها القاضي". وتابع قائلا "بعد العديد من المطالبات التي قمنا بها وتنصيص القانون التنظيمي على بعض منها لم يتم تنزيلها على أرض الواقع رغم مرور أزيد من سنتين على صدور القوانين التنظيمية للسلطة القضائية"، مذكرا أن "العديد من المسؤولين على مستوى محاكم الاستئناف من درجة الرئيس الأول أو الوكيل العام لا يستفيد من أي تعويضات وحتى السكن أحيانا، أما باقي المسؤوليات من باقي رؤساء المحاكم ووكلاء الملك ورؤساء الأقسام فهي إما ضئيلة لا تكاد تذكر أو غير موجودة". وحدد الشنتوف، في كلمته خلال اللقاء، المعطى الثالث في الترقيات، مبرزا أن "العديد من ملفات القضاة تعرف مشاكل على هذا المستوى لم يتم حلها إلى الآن، فضلا عن أنه نظام غير محفز"، ومضى قائلا "يكفي أن نشير هنا إلى أن القاضي يظل مدة طويلة في إحدى الدرجات أي 8 سنوات كحد أدنى والباقي خمس سنوات وعند وصوله للدرجة الاستثنائية يبقى في مكانه إلى أن يتقاعد دون أي تحفيز مهني". وكانت التحفيزات هي المعطى الرابع حيث قال رئيس النادي "العديد من التحفيزات المرتبطة بالعمل والموجودة في إدارات أخرى غير موجودة عند القضاة" محيلا هنا على ما جرى تفصيله في وثيقة النادي للمطالبة ب "التحصين الاقتصادي والاجتماعي للقضاة". أما المعطى الخامس فترك للجانب الاجتماعي، حيث قال المتحدث إنه "شبه منعدم ولا يستفيد منه القضاة شيئا وسبق للنادي أن نبه إلى هذا الأمر أكثر من مرة"، ثم الوضع الصحي كمعطى سادس، قال عنه رئيس نادي القضاة إن "هذا الموضوع لوحده يتطلب عملا كبيرا ويحتاج للتوضيح كثيرا، لأنه عندما نتحدث عن أمراض تصيب القاضي والقاضية، فإننا نتحدث عن أمراض تصيبهم نتيجة عملهم سواء كانت جسمانية بفعل طبيعة العمل أو غيرها من الأمراض"، مشددا على "تدخل الجهات المعنية للتكفل بالقاضي في هذا الجانب بشكل يراعي تضحيته لفائدة العدالة كمرفق عام، لا أن تتركه يواجه مصيره في ظل نظام التغطية الصحية العام الذي لا يفي بالمطلوب نهائيا". وتابع رئيس النادي قائلا "هنا نسجل بكل أسى وحسرة معاناة بل وفاة العديد من زميلاتنا وزملائنا بين أيدينا دون أن نستطيع أن نلبي لهم الاحتياجات العلاجية التي كانت باهظة وماتوا أمام أعيننا". ووصف اللقاء ب "الفرصة التاريخية لتجديد إسماع صوت القضاة لأن ما يريده القضاة هو الخير لأنفسهم ومهنتهم دفاعا عن الملف الاجتماعي والاقتصادي، كرامة القضاة، تحسين ظروف الاشتغال، الاستمرار بالمطالبة في معيارية الوضعية الفردية للقاضي أمام مؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية وإعمال مبدأ تكافؤ الفرص، حماية حرية تعبير القضاة وحرية انتمائهم الجمعوي".