الغموض يلف مستقبل العلاقات الاستخباراتية بين المغرب وإسبانيا ابتداء من يوم 4 يوليوز المقبل، في ظل الاضطرابات وتنامي المخاطر والتحديات الأمنية في المنطقة، بسبب اتساع نشاطات الجماعات الجهادية في منطقة الساحل والصحراء والشبكات الإجرامية المتخصصة في تهريب المخدرات والأسلحة. إذ سيغادر الجنرال فليكيس سانث رولدان، رئاسة المركز الوطني للاستخبارات، يوم 4 يوليوز المقبل، بعد أن انتهت ولايته التي امتدت لمدة 10 سنوات. خلال هذه الفترة عرفت علاقات المخابرتين المغربية والإسبانية نوعا من “المد والجزر”، رغم أن التحديات والتهديدات المشتركة فرضت على الجهازين في البلدين التفاهم، لاسيما في قضايا محاربة الإرهاب. ويبدو أن الحكومة الإسبانية بقيادة الحزب الاشتراكي الإسباني، تتجه إلى إعادة رئاسة المركز الوطني الاستخباراتي إلى سابق عهدها بتعيين شخصية مدنية على رأس هذا الجهاز، خلفا ل”سانث رولاند” الذي يتوفر على تكوين عسكري، ما جعل المخابرات الإسبانية أكثر عسكرية في السنوات الأخيرة. أحد أهداف تعيين “سانث رولاند” على رأس المخابرات الإسبانية، هو معرفته بالقضايا الأمنية والاستخباراتية في المغرب، خاصة، وشمال إفريقيا بشكل عام، بحكم أنه كان ملحقا بدرجة ملازم في بمدينة العيون في ستينيات القرن الماضي قبل استرجاعها. لكن كل التوقعات تشير إلى أن توجس الدولة الإسبانية من الجنوب، قد يدفعها إلى تعيين شخصية مدنية متخصصة في الشأن المغربي والمغاربي، إذ تبقى إلينا سانتشيز بلانكو المزدادة بمدينة العيون سنة 1962 الأوفر حظا لقيادات المخابرات الإسبانية في السنوات المقبلة، وتعتبر هذه الخطوة غير مسبوقة، لأنه لأول مرة سترأس امرأة المخابرات الإسبانية. صحيفة “الكونفيدينثيال” كشفت أن إلينا سانتشيز هي المرشحة الأولى المدعومة من قبل الحكومة الإسبانية، والتي لديها أصلا حق التعيين في مثل هكذا منصب. هذه المرأة الحديدية تشغل الآن منصب رئيسة الأمن في مخابرات بنك سنتندير منذ أبريل 2018. وكانت قد التحقت بالمخابرات الإسبانية سنة 2018، بعدها حصلت على شهادة الماستر في الدراسات العربية والإسلامية المعاصرة من الجامعة المستقلة بمديد في العقد الأول من القرن الماضي. كل هذا لأنها تهتم بتحليل ودراسة العالم العربي، لاسيما تاريخ المغرب الكبير، بشكل عام، والمغرب، خاصة. وكان أول من عين هذه المرأة الحديدية في منصب كبير في المخابرات الإسبانية هو صديق المغرب ورئيس الحكومة الإسبانية السابق، خوسي لويس رودريغيث سباتيرو، بتعيينها كاتبة عامة للمركز الاستخبارتي ما بين 2008 و2012، بعدما عينت مندوبة للمخابرات الإسبانية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتبقى أولويات مركز الاستخبارات الإسبانية في السنوات العشر المقبلة، مواجهة المد الانفصالي المتنامي في إقليم كتالونيا واختراق التنظيم الإرهابي لمجموعة من الشباب في المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، إلى جانب الحفاظ على التنسيق والتعاون مع المخابرات المغربية والفرنسية والأمريكية. بدرها، قالت صحيفة “إلاسبانيول” إن من أولويات القيادة الجديدة: تحسين العلاقات والتواصل مع المغرب”، مبرزا أن “المغاربة يقولون إن لديهم تقارير حصرية عن تحركات الجهاديين. لكن العلاقات الدبلوماسية بين مدريد والرباط كانت تتراوح بين المد والجزر. لقد حاول المركز الاستخباراتي دائمًا الحفاظ على خيط اتصال ثابت مع نظيره المغربي”. الباحث المهتم بالشأن المغربي الإسباني، إدريس الكنبوري، أوضح في اتصال هاتفي مع “أخبار اليوم”، أن “المحور الرئيسي لعمل هذا الجهاز القوي في إسبانيا هو المغرب. اختيار هذه السيدة يدل على ذلك. فقد ولدت في مدينة العيون بالصحراء المغربية عام 1962، عندما كانت تحت الاحتلال الإسباني. جدها إميليو بلانكو كان المراقب العسكري العام في الصحراء خلال الاحتلال. والدها مانويل سانشيز فيدال كان رئيس الأمن الإسباني في الصحراء في نفس الفترة”، وتابع “أنها بروفايل متكامل لشخصية ستشرف خلال السنوات العشر المقبلة على مراقبة المغرب والمغاربة في إسبانيا، وإعداد التقارير ووضعها فوق مكتب رئيس الحكومة”. وأشار قائلا: “ربما الاختلاف بين القيادة إلينا سانتشيز والرئيس السابق هو ميوله إلى التحليل والدراسة بدل الاعتماد فقط على الرصد والمراقبة الاستخباراتية”.