يبدو أن بوادر احتقان اجتماعي تلوح في الأفق بين المنتسبين لجهاز تفتيش الشغل، والوزير الوصي على قطاع الشغل والإدماج المهني، محمد يتيم، القيادي في حزب العدالة والتنمية، وذلك بسبب إصدار الأخير مذكرة وزارية عدد 1106، بتاريخ يوم الجمعة 21 يونيو الحالي، وتتعلق بإجراء حركة انتقالية على 51 مندوبية وحوالي 100 دائرة شغل. وأعلنت الجمعية المغربية لمفتشي الشغل، في مراسلة موجهة إلى الوزير محمد يتيم، رفض المجتمعين المنتسبين إليها يوم الجمعة الماضية في العاصمة الرباط، ومعهم مجموعة مكونات جهاز التفتيش بالشغل، مضمون المذكرة جملة وتفصيلا، معتبرين أن المذكرة المشار إليها تأتي في سياق القرارات الانفرادية للوزارة المعنية، والتي وصفوها ب “العبثية” و”التسلطية”. وعدت الجمعية بحسب ما جاء في المراسلة التي تلقت “أخبار اليوم” نسخة منها، المذكرة المشار إليها انتهاكا صارخا لجميع المعايير الدولية والمرتكزات القانونية الوطنية المعمول بها في مجال تفتيش الشغل، كما اعتبروها “خطوة غير مسؤولة وغير محمودة العواقب استمرار للنهج البيروقراطي والتحكمي بخلاف الأسلوب التشاركي في التدبير الحديث”، وفق تعبير البلاغ. وأكدت الجمعية الوطنية لمفتشي الشغل، أن مثل هذه القرارات تؤثر على الاستقرار الاجتماعي والنفسي والمادي لمكونات جهاز تفتيش الشغل، وعدم التفاعل الإيجابي مع قضاياه وانتظاراته العادلة، وإنما تنعكس سلبا على استقلالية مفتش الشغل، وتؤثر سلبا على نجاعة تدبير المهام والاختصاصات المتعددة والمتنوعة الموكولة إلى المفتش، والتي تروم ضمان الحقوق الأساسية للأجراء باعتباره أحد عناصر القوة المشجعة على جلب الاستثمار الأجنبي وتوفير مناصب شغل ومواجهة البطالة. وحث بيان صادر عن الجمعية الوطنية جميع مكونات جهاز تفتيش الشغل، على الامتناع عن تعبئة استمارة طلب الحركة الانتقالية، كونها ليست إجابة عن طلبات الانتقال التي وردت على وزارة التشغيل والإدماج المهني، دون أن تلقى الاستجابة رغم وجود مبررات موضوعية ومقنعة للانتقال. كما قررت الجمعية المغربية لمفتشي الشغل رفع مذكرة تظلم للديوان الملكي بخصوص الشطط الذي يتعرض له جهاز التفتيش من قبل الوزير المعني، آخره المذكرة المتعلقة بإجراء الحركة الانتقالية، وفي ذات السياق ينتظر مراسلة منظمة العمل الدولية في شأن ما وصفوه ب “المضايقات” و”التعسفات” التي يتعرض لها رجال ونساء التفتيش، من انتهاكات صارخة للاتفاقيات والتوصيات الصادرة عنه. وليس هذا فحسب، بل إن الجمعية الوطنية لمفتشي الشغل وفي تصعيد غير مسبوق، هددت باللجوء إلى القضاء لإلغاء جميع القرارات الوزارية غير المستندة على أي أساس دستوري أو تشريعي والتي تعد تجاوزا في استعمال السلطة، وتطاولا على دولة الحق والقانون ومسا باستقلالية جهاز التفتيش وحياده في أدواره المجتمعية. وفي ختام البيان بضرورة معالجة الأولويات الترافعية التي سبق مراسلة وزارة الشغل والإدماج المهني في شأنها، والمفصلة في المراسلات الإدارية والبلاغات الموجهة للرأي العام، لكن لم تلق أي رد من جانب المسؤول عن القطاع. من جهة ثانية، أفاد مصدر مقرب من الوزير محمد يتيم، أن بيان الجمعية الوطنية لمفتشي الشغل يعد ردا طبيعيا على خطته الإصلاحية لجهاز التفتيش على الصعيد الوطني، وذلك عقب مجموعة من الإجراءات والتدابير في مجال الرقابة، والتي همت تقييم أداء المنتسبين إلى جهاز التفتيش، على مستوى المديريات والدوائر. ونفى المصدر نفسه ادعاء المحتجين بأن الوزارة غير جدية في التجاوب مع مطالبها المتعلقة بتحسين الشروط وتخليق القطاع، أو إغلاق باب التفاوض بشأن القضايا الخلافية، وإنما هناك إكراهات متعلقة بالخصاص في عدد مفتشي الشغل، تبحث الوزارة عن طرق ملائمة لإعادة انتشار أعوان التفتيش بتنسيق مع مديرية الموارد البشرية والميزانية والشؤون العامة بالوزارة. يذكر أن جهاز التفتيش يعرف منذ مدة حراكا داخليا بدأت بوادر انفجاره وخروجه عن السيطرة يلوح في الأفق، بعد البيان الأخير الذي اتسم بتصعيد غير مسبوق بين مفتشي الشغل والوزارة الوصية، وهو ما سيؤدي إلى ضياع حقوق الأجراء، وحرمان المتضررين من ملاحقة مستحقاتهم مع المقاولات والشركات المشغلة.